استنفار درامي

29-09-2007

استنفار درامي

تبدو الخريطة الدرامية العربية هذا الموسم شبيهة إلى حد ما بالخريطة الجيو – سياسية العربية التي يرتكز عليها أصحاب الخريطة الأولى. فهناك حشود، وحشود مضادة، وثمة الكثير من الصور المتنافرة. وهي إن بدت للبعض وكأنها متناسقة أكثر مما ينبغي وأنها تكمل بعضها بعضاً، إلا أنها في «العمق الاستراتيجي» تبدو أقل تكاملاً مما هي عليه في الواقع.

الجميع يترصد الجميع، ليس فقط في طريقة انتاج هذا المسلسل أو ذاك، بل حتى في طريقة النظر إليه من زاوية النقد أو من زاوية العجالة الصحافية. وبسرعة صار هناك محازبون لهذا العمل أو ذاك. بعضهم يتابع، وبعضهم يقاطع. حتى أن البعض وقد استثير تماماً ذهب في تعصبه إلى حدود أبعد من ذلك عندما رأى في هذه الصناعة منتجاً يمثل كرامة البلد المنتج ذاته، وأن لا سبيل للتنازل عن هذا الرأي وديمومته. ما من تسميات هنا، لأننا لا ننوي الدخول في متاهات هذه الخريطة الدرامية، اذ تكفينا حتى الآن كل تلك المنزلقات التي نعيشها ككيانات ودول وأحزاب... وأفراد.

نعم من الجميل الاحتفاء بالأشياء الجميلة، وحتى الدفاع عنها بشراسة، مسلسلاً كانت أو أغنية، نجماً أو نجمة... هذا حق وواجب تفرضه القيم الانسانية، ولكن مع ظهور كم كبير من الفضائيات ضاعت بوصلة التقويم بدلاً من أن تسدد في الاتجاه الصحيح. فالفضائيات المختلفة الآراء والتوجهات والأهداف بدأت تفرد مساحات واسعة للكثير من الآراء المتعصبة والجاهلة، وبدأ يظهر معها الكثير من ردود الفعل المتسرعة وغير السليمة، وكأنه لا يكفينا ما يدور في جنباتنا من مآس وكوارث راهنة بدأت مع فلسطين، ولم تنته في العراق، فـ «الحبل على الجرار»، كما يقال. في هذا المعنى، لم يعد مستحباً لكثير من الفضائيات العربية أن تواصل نهجها، غير المقصود ربما، في صب الزيت على النار، عندما تستقدم مسلسلاً على حساب مسلسل ليس لجودته وفنيته، بل لأغراض ودوافع غير فنية في مطلق الأحوال يشترك الجميع فيها عبر مماحكات لا نهايات لها شبيهة بالحشود التي تصطف في خنادق الانقسام من حول هذه الدراما أو تلك.

نعم... هي «معركة» فيها القليل من الفن والكثير من المران على ما يذهب إليه المخرج حاتم علي في دردشة خاطفة معه من حول مسلسله «الملك فاروق»، نأمل ألا تضيع فيها الجهود والأموال من أجل تسميات ربما نكون في غنى عنها مع وجود هذا الكم الهائل من القضايا المستعجلة والأكثر الحاحاً... من هذا الاستنفار الدرامي!.

فجر يعقوب

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...