إسرائيـل «تسـمم» المشـروع النـووي الإيـراني

كشف المعلق الأمني في صحيفة »هآرتس« يوسي ميلمان النقاب عن فشل رئيس جهاز الموساد مئير داغان في الوفاء بوعده للقيادة السياسية الإسرائيلية بعرقلة أو منع إيران من تطوير مشروعها النووي، مشيرا إلى أن هذا الوعد نبع، وفق مسؤولين في الموساد، ليس عن قلة خبرته وإنما عن إفراطه في ثقته بنفسه، ومع ذلك فإن إحدى وسائل الموساد لعرقلة المشروع النووي الإيراني تمثلت في إنشاء شركات وهمية تبيع طهران أعتدة معطوبة.
وكتب ميلمان أن داغان تصرف عند توليه رئاسة الموساد كفيل دخل إلى مستودع زجاج، إذ قام بإغلاق دوائر وأجرى تغييرات هيكلية وأبعد مسؤولين مخضرمين وأهان آخرين وأطلق وعودا لم يف بها. كما أنه أيضا لم يف حتى الآن بوعده إحباط المشروع النووي الإيراني، الذي يتقدم بوتيرة موحدة، وهو يملك ٣٨٠٠ جهاز طرد مركزي تخصب اليورانيوم في نتانز بنسبة متدنية، فضلا عن ٣٠٠٠ جهاز آخر جديد ستنصب قريبا. كذلك فإن إيران تقيم في آراك مفاعلا نوويا يسمح لها بانتاج البلوتونيوم، وهي تواصل العمل سرا في إطار »مجموعة السلاح« وتقترب من لحظة اجتياز السقف التكنولوجي الذي يتيح لها امتلاك الخبرة اللازمة لتركيب القنبلة النووية.
ومع ذلك فإن ميلمان يسجل في خانة داغان أنه قرر بحزم اعتبار ايران هدفا مفضلا للفعل الاستخباراتي، ورفع من مكانة هذه الدولة في سلم الأولويات لجمع المعلومات الحيوية. ويشير إلى أنه رغم اهتمام قادة الموساد السابقين شبتاي شافيت وإفرايم هاليفي بإيران إلا أن داغان هو من صوب الكشافات الاستخبارية نحو مطامح طهران النووية، ولهذا الغرض أعاد بناء الدوائر والوحدات ووظف استثمارات كبيرة في هذا المجال، كما أنه زاد التعاون الاستخباراتي مع أجهزة الدول الأخرى الأمنية. وكتب ميلمان أنه يمكن القول ان جزءا كبيرا من ميزانية الفعل الميداني للاستخبارات الإسرائيلية مخصص لهذه القضية.
واعتبر ميلمان أن مساعي داغان أنتجت تغييرات ونتائج أبرزها امتناع العديد من دول العالم عن بيع عتاد تكنولوجي للمشروع الإيراني. ولكن في حالات وصفها ميلمان بـ»الجريئة« قاد التعاون الدولي إلى إقامة شركات وهمية باعت الإيرانيين أعتدة معطوبة وبذلك »سمموا« المشروع الإيراني. وأشار إلى أن شذرة من هذا الجهد تبدت عندما تبين أن قسما من رجال الأعمال السويسريين الذين كانوا جزءا مركزيا من شبكة البروفسور الباكستاني عبد القدير خان التي باعت إيران مخططات بناء قنبلة نووية كانوا عملاء للمخابرات المركزية الأميركية.
وتكمن أهمية الشركات الوهمية هذه في كونها تتيح بيع معدات سليمة ثم زرع أجهزة تنصت فيها أو »أحصنة طروادة«. ويقول ميلمان أنه في هذا الإطار أعدم الأسبوع الماضي الإيراني علي أشتري الذي وفر أعتدة كهذه للحرس الثوري الإيراني. وقد أعلنت طهران أن أشتري كان عميلا للموساد الإسرائيلي.
ويوضح ميلمان أن في إيران خشية من قيام إسرائيل بضرب المنشآت النووية الإيرانية في فترة تبديل الحكم في أميركا. ومع ذلك يرى أن احتمالات حدوث ذلك ضعيفة، حيث أن الرئيس الأميركي المنتخب باراك أوباما أعلن تفضيله للحوار مع إيران قبل أي قرار بخطوة عسكرية.
ولم يستبعد ميلمان أن تكون التقارير الإيرانية عن خلية الموساد التي ضبطت مؤخرا صحيحة. وفي كل الأحوال فإن ما أعلن ليس سوى طرف خيط لما تقوم به أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية والغربية من أجل عرقلة المشروع النووي الإيراني.

حلمي موسى

المصدر: السفير