أطول نفق في العالم..صعوبات وتحديات

24-09-2014

أطول نفق في العالم..صعوبات وتحديات

باستغراقه عشر سنوات من أعمال الحفر، وتوظيفه لمئات العاملين في مواقع الأشغال، فضلاً عن درجات الحرارة الاستوائية والصخور ذات الرطوبة العالية، لا يمكن اعتبار مشروع نفق غوتهارد الجديد، الذي يجتاز جبال الألب السويسرية، والذي سيفتتح في العام 2016، مجرد ثقب داخل جبل.
يشرح المهندسون العاملون في المشروع، كيف تمكنوا من تشييد «أطول نفق للسكك الحديدية في العالم». ومع أن القطار يسير بسرعة 250 كيلومتراً في الساعة، إلا أن المرء لا يكاد يحسّ بسرعته داخل النفق الذي يبلغ طوله 57 كيلومتراً، والمزود بأبواب للطوارئ، أقرب ما تكون إلى المعجزة الهندسية.
يقول المهندس بيتر شوستر «اضطررنا لتصميم أبواب يسهل على أي طفل فتحها، وفي الوقت ذاته، تمنع انتشار الحريق والدخان، ويمكن أن تعمل من دون كهرباء، وأن تقاوم موجات الضغط الناجمة عن مرور القطارات، البالغة حوالي عشرة أطنان».
وتتوزع الأبواب الخضراء المنزلقة على منافذ يبعد الواحد منها عن الآخر مسافة 325 متراً، وقد استغرق تصميمها الكثير من الجهد والوقت، وكان من اللازم تصميم خمسة نماذج قبل الوصول إلى الشكل النهائي. هو «قبيح المنظر، باهظ التكلفة»، لكنه، كما يقول شوستر، «فريد من نوعه».
أول التحديات التي واجهت المهندسين القائمين على المشروع، تمثل في تحديد مسار منبسط للسكة الحديدية، ولم يكن مجرد رسم خط بين نقطتين، كما تلفت الانتباه المهندسة فابيانا هينكي، التي تقول إن «الأمر تطلب أن نأخذ في الاعتبار الكثير من الأمور المهمة، ومنها الوضع الجيولوجي والمعايير الجغرافية، كارتفاع الغطاء الصخري الذي تصل سماكته إلى 2300 متر، والحاجة إلى بناء المنافذ، التي من خلالها يمكن الوصول إلى مواقع الأشغال».
وحينما حصل التفجير الأول لبناء النفق في العام 1999، لم يكن بإمكان أحد توقّع ما الذي سيحصل داخل الجبل، وإن كان الجميع عرف بأن ارتفاع درجة الحرارة سيصعّب مهمة المهندسين والعمال، إذ بلغت أعلى درجة حرارة تم تسجيلها داخل النفق 45 درجة مئوية، أي أعلى بكثير من هامش الـ 28 درجة مئوية، المحدد من قبل الصندوق السويسري للتأمين ضد الحوادث.
أما التحدي الآخر، فتمثل بوجود المياه في الصخور. وكان من بين المراحل الأكثر إشكالية، توقع وجود ما يُعرف باسم «جيب بيورا»، وهي منطقة غنية بصخور الدولميت (الرسوبية)، حيث خشي الجيولوجيون، أن يجدوا أنفسهم وجهاً لوجه مع طبقة من الصخور المشبعة بالماء، والواقعة تحت ضغط كبير، وهو السيناريو الذي بإمكانه أن يُفشل المشروع برُمّته، إلى أن ارتفعت معنويات الخبراء، حينما أظهرت لهم الدراسات والأبحاث وجود طبقة أكثر عُمقاً، على مستوى الحفر، تتمتع بصخور جافة نسبياً.
وتحتاج الأنفاق الطويلة، كنفق غوتهارد، إلى نظام نقل وإمداد عالي المستوى، وهو «مشروع داخل المشروع»، بحسب القائمين عليه، كما بلغ عدد العاملين في أكبر مراحل مشروع النفق، نحو 700 شخص.
وما عقّد الأمور، يقول المهندسون، «التأخّر في الأشغال»، مشيرين إلى أنه «منذ بدء التخطيط للمشروع، وحتى الانتهاء من البناء، مرت أكثر من عشر سنوات، وخلال هذا الوقت الطويل، من الممكن لكثير من المعطيات أن تتغير، أولها التكنولوجية».
يوم 2 حزيران 2016، التاريخ المحدد لافتتاح النفق، لم يحن بعد، لكن المهندسين تمكّنوا من تصدير بعض الخبرات التي استفادوا منها من مشروع نفق غوتهارد. فمثلا تمّ اعتماد نظام الشعبة المزدوجة ذاته لنفق برينيرو، بين النمسا وإيطاليا، فـ«هدف هذه المشاريع الكبرى»، بحسب الخبراء،» بيع التكنولوجيا الهندسية السويسرية للخارج».

 (عن «سويس إنفو»)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...