«الإخوان» يعمّقون الشعور بالاضطهاد لدى الأقباط

09-01-2013

«الإخوان» يعمّقون الشعور بالاضطهاد لدى الأقباط

يوما بعد يوم تتسع الفجوة بين أقباط مصر والسلطة الإسلامية الحاكمة. ويبدو هذا واضحا مع التجاهل الصريح والتام من جانب نظام الرئيس محمد مرسي لكل المناسبات الخاصة بالأقباط، والاكتفاء برسائل جافة، لا تطمئن مسيحيي مصر، في ظل تنامي الشعور لدى قطاعات واسعة منهم بالعزلة والعودة الى ما كانوا يعانونه من تهميش وإقصاء، فيما جاءت احتفالات أعياد الميلاد لتجدد الجرح.
واحتفل أقباط مصر يوم الأحد الماضي بثاني عيد ميلاد بعد «ثورة 25 يناير»، وأول عيد ميلاد تحت حكم «الإخوان المسلمين».
البابا تواضروس الثاني عبّر عن ألمه من فتوى تحريم معايدة المسيحيين بأعيادهم، مجدداً التأكيد على أن جمال مصر يكمن في تنوعها. لكن هذه الفتاوى ليست وحدها ما جدد جرح الأقباط، فالرئيس محمد مرسي اكتفى بإرسال ممثل عنه للتهنئة، من دون أن يقدم التهنئة بنفسه، وهو ما ساهم في تزايد حالة القلق القبطي.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد نشرت مواقع الكترونية وصحف تصريحات قيل إنها وردت في الحوار الذي أجراه مرسي مع شبكة «سي أن أن»، وقال فيه إن «الأقباط أقلية».
تصريحات مرسي هذه أثارت حالة من الغضب والاستهجان بين الأقباط، ما دفع بالمتحدث الرئاسي ياسر علي إلى الإسراع بالنفي، قائلاً إن بعض وسائل الإعلام حرفت كلام مرسي عن أقباط مصر.
وأوضح ياسر علي، في مؤتمر صحافي عقده في مقر رئاسة الجمهورية عصر أمس، أن الحوار منشور بالكامل وبالنص في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، وأن كلام الرئيس في هذا الحوار واضح وصريح، وهو أن الأقباط هم أبناء الوطن مثل أشقائهم المسلمين، ولهم الحقوق ذاتها، وعليهم الواجبات ذاتها، وان لا تقسيم لأبناء مصر على أساس معتقداتهم.
امتناع مرسي عن حضور المناسبات القبطية ليس بالأمر الجديد، فالرئيس المصري غاب يوم ١٦ كانون الأول الماضي عن مراسم تنصيب البابا تواضروس الثاني على الكرسي البابوي خلفاً للبابا شنودة الثالث، الذي توفي في 17 آذار الماضي، وقد اكتفى حينها بإرسال مندوب عنه ، بالرغم من انه كان على رأس وفد من قيادات «حزب الحرية والعدالة» التابع لـ«الإخوان» في قداس عيد الميلاد خلال العام الماضي، وذلك قبل ترشحه للرئاسة.
وبرغم صدور الفتوى الأخيرة بتحريم تهنئة الأقباط بأعيادهم عن «الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح»، التي تضم ممثلين عن التيارات السلفية و«الإخوان المسلمين» والجماعة الإسلامية، أبرزهم خيرت الشاطر، نائب المرشد العام لـ«الإخوان»، إلا أن المرشد العام محمد بديع أرسل برقية تهنئة الأحد الماضي عبّر فيها عن تهانيه إلى «الأخوة المسيحيين» لمناسبة الاحتفال بعيد الميلاد، كما بعث برقيات تهنئة إلى قيادات الكنائس المصرية، كما أرسلت الجماعة أحد نوابها في مجلس الشورى لتقديم التهنئة لقيادات الكنيسة.
ولعل مشهد استقبال المستشار أحمد الزند، رئيس نادي القضاة المعروف بعدائه الشديد لمرسي و«الإخوان»، بعاصفة من التصفيق الحار بمجرد دخوله الكاتدرائية المرقسية في حي العباسية لحضور الاحتفالات بأعياد الميلاد، يلخص حالة الاحتقان الموجودة بين الإسلاميين من جهة والأقباط من الجهة الأخرى.
لم تكن هذه الواقعة هي الأولى، ويدرك الأقباط انها الأخيرة من جانب رئيس تعهد من قبل انتخابه بأنه سيصير رئيسا للمصريين، حيث انسحبت الكنيسة المصرية من الجمعية التأسيسية التي صاغت الدستور المصري وسيطر عليها التيار الإسلامي.
وفي تصريحات صحافية عقب انسحاب الكنيسة من الجمعية التأسيسية للدستور، قال البابا تواضروس ان «مواد الدستور المصري لم تأخذ ما تستحقه من مناقشات مجتمعية للوصول إلى اتفاق كامل حولها»، معتبراً أن «بعض المواد كانت تسبب إشكالية عند الأقباط».
وربما يكون تصريح البابا سياسيا ومحاولة من جانبه لعدم إذكاء حديث الكراهية الذي انتشر من جانب الإسلاميين في الفترة الأخيرة، لكن قطاعا واسعا من الأقباط يرى الصورة على حقيقتها ، ويدرك أن مخاوفه حقيقية وتستند الى ممارسات السلطة.
ليس هذا فحسب، فمعركة الكنيسة المصرية داخل الجمعية التأسيسية كشفت، بما لا يدع مجالا للشك، عن أن هناك تربصاً من جانب قوى الإسلام السياسي بالأقباط، وذلك بعدما اتهم بعض القيادات السلفية المسيحيين باختلاق المشاكل داخل الجمعية التأسيسية للدستور.
وعلى اثر انسحاب الأقباط من الجمعية التأسيسية، اتهم قادة وإعلاميون منتمون إلى التيار الإسلامي المتظاهرين المعارضين لمرسي أمام قصر الاتحادية في كانون الأول الماضي بأنهم «مسيحيون»، وهو ما زاد من تراكم الخوف وتكريس الشعور بالاضطهاد، وزاد من التوتر بين الإسلاميين والأقباط .
كذلك، نشرت صحيفة «الوطن» المستقلة الأربعاء الماضي حواراً مع سلفي، قالت إنه مؤسس «هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، وقال فيها: «سندعو الأقباط إلى دخول الإسلام على أبواب الكنائس. والقبطية يجب أن ترتدي الحجاب، حتى ولو كانت غير مقتنعة».
ونقلت تقارير صحافية ان أصحاب بعض محال بيع التماثيل القبطية في حي شبرا، ذي الكثافة المسيحية الكبيرة في قلب القاهرة، تلقوا رسائل من إسلاميين متشددين تحذرهم من بيع التماثيل باعتبارها محرّمة.
ولا يكاد يوم يمر من دون خروج أحد المشايخ المحسوب على تيار الإسلام عبر إحدى الفضائيات ليتهم الأقباط بالعمالة للغرب ومحاولة زعزعة أركان النظام لأنه إسلامي، كما تمتلئ خطب المساجد في يوم الجمعة باتهامات لهم بالكفر .
ويقول المفكر القبطي جمال أسعد إن «اختطاف التيار الإسلامي للثورة شجّع التيارات المتطرفة على إطلاق تصريحاتها المتشددة ضد الجميع». ويضيف أن «المناخ الحالي زاد من الفرز الطائفي، وأصاب الأقباط بالقلق وعدم الأمان».
ويعتقد أسعد أن «الأزمة لدى الأقباط انهم لا يشعرون بالأمان في وطنهم مع تزايد المد الوهابي وعلو صوت أصحاب الآراء المتشددة. وفي الوقت ذاته لا يجد الأقباط أي تطمينات من مؤسسة الرئاسة أو من القائمين على الحكم في البلاد».

أحمد عبد الفتاح

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...