شراء منزل في سوريا أكثر من مجرد خيال و 200 عام لشرائه 

03-04-2022

شراء منزل في سوريا أكثر من مجرد خيال و 200 عام لشرائه 

تأتي سوريا في المرتبة الأولى عالميّاً وعربيّاً من حيث غلاء أسعار عقاراتها التي وصلت إلى أرقام جنونية مقارنةً بدخل المواطن السوري، فلو أردت شراء منزل في أي عاصمة أوروبية، سيكون من السهل الحصول على منزل بمبلغ مالي مناسب ومُخدم بكهرباء لا تقطع ومياه جارية ودفء يلفك بأبسط التكاليف.
 
لكن مع النظر قليلاً في وضع العاصمة دمشق التي تعتبر الأقل توفيرًا لكل شيء ستكون حالتها مختلفة تماماً فالنسبة الطردية لم تنل نصيبها في سوريا، كون هذه العلاقة يجب أن تكون:
 
«خدمات = أسعار مرتفعة»، وتصبح العلاقة هنا عكسية بأسعار يمكن وصفها بالخيالية مع خدمات شبه معدومة.
 
تعود الزيادة المستمرة في أسعار سوق العقارات في دمشق إلى عوامل غير مرتبطة باحتياجات الإسكان في حد ذاتها، بل بالمضاربة. فبسبب سماسرة العقارات الذين أصبحوا أبرز مشتري وبائعي العقارات خصوصا على موقع “فيسبوك”، أدت المضاربة إلى ارتفاع أسعار العقارات بينما ظل المواطنون العاديون غير قادرين على شراء منازلهم.
 
ومع تخصيص المؤسسة العامة للإسكان أكثر من 2000 مكتتب حتى الآن في مشروع السكن الشبابي بالديماس، نشطت تجارة بيع وشراء الدفاتر المخصصة، وخاصة بعد الصدمة التي تلقاها المخصصون بالمساكن حول الدفعات المتوجب دفعها، التي ارتفعت ثلاثة أضعاف عن المخصصين قبل عام، حيث تجاوز ثمن المسكن النهائي الجاهز بنسبة 75 بالمئة، 110 ملايين ليرة سورية في الطوابق فوق الخامس، ما أدى إلى عجز الكثيرين عن الالتزام بتسديد الدفعات المطلوبة.
 
يتضح أن سوق العقارات في دمشق، ولا سيما في مشروع الديماس، بات متاحا للعرض والطلب، دون تدخل حكومي لضبط الأسعار. حيث نقلت صحيفة “الوطن” المحلية، اليوم الأحد، عن صاحب مكتب عقاري قدم نفسه باسم (أبو خالد)، قوله: “لديه 10 منازل للبيع في المشروع بطوابق مختلفة، والعروض كثيرة جدا”، موضحا أن سعر المسكن المخصص بمساحة 90 متر بالدور السابع 35 مليون دفعة أولى عند كتابة العقد، بالإضافة إلى 700 ألف لتكاليف التوكيل القضائي وشركاه.
 
كما أشار أبو خالد، إلى أن هنالك 20 مليون ليرة على المشتري تسديدها عند الاستلام. وتبقى أقساط بقيمة 60 مليون ليرة على مدى 25 عاما. أي سيصبح القسط بعد استلام البيت 200 ألف ليرة يتم تقسيطها للإسكان.
 
وعلى الرغم من أن القوانين والأنظمة لا تسمح باقتطاع أكثر من 40 بالمئة من رواتب أصحاب الدخل المحدود. وأغلبية هؤلاء رواتبهم لا تتجاوز 150 ألف ليرة سورية. وهذا يعكس احتمالية أن تكون هذه المساكن اجتماعية وموجهة لأصحاب الدخل المحدود، لأن تقسيط هذه المساكن صار بقسط شهري لا يقل من 200 ألف ليرة.
 
امتلاك منزل خاص في العاصمة السورية أصبح رفاهية يتعذر على معظم سكانها الوصول إليها. وبالنسبة لمتوسط الأجور، ارتفعت الأسعار إلى مستويات قياسية. إذ تشير التقديرات إلى أنه إذا ظلت الأسعار عند مستوياتها الحالية، فإن الأفراد ذوي الدخل المنخفض سيحتاجون 200 عام على الأقل لتأمين السكن. وبالتالي، أصبح ارتفاع سعر الممتلكات العائق الرئيسي أمام حقوق الملكية.
 
وفي تصريح ، قال مدير عام المؤسسة العامة للإسكان المهندس مازن اللحام: إن مشروع الديماس هو المرحلة الأخيرة من برنامج السكن الشبابي لدمشق وريفها للمكتتبين، وإن من أهم مهام المؤسسة هو تلبية احتياجات السكن الاجتماعي، حيث يتم تخصيص 70 بالمئة من خططها كمسكن اجتماعي، ويتم التصرف بالمساكن الفائضة عن الالتزامات وفق الطرق المحددة بنظام عملياتها من بيع أو مزاد علني أو غيره.
 
وحول ارتفاع أسعار المساكن المسلمة في التخصيص الأخير، بين اللحام أن المؤسسة تحدد القيمة التخمينية استناداً إلى مجموعة من الأسس المنصوص عليها في المرسوم التشريعي رقم 26 لعام 2015، مثل قيمة الأرض
 
كما أن الخدمات والدراسات الخاصة بالمشروع وتنفيذ الأعمال والإشراف والمصاريف الأخرى، كالمصاريف الإدارية والفوائد التمويلية، و15 بالمئة من الأرباح، ضمن هذه الحسابات. ويحق لمجلس الإدارة زيادة أو تخفيض القيمة التقديرية. بالإضافة لتحديد سداد قيمة المسكن بطريقة سهلة، مع دفع نقدي لا يقل عن 10 بالمئة من القيمة التقديرية للمنزل عند الاكتتاب. وترتفع إلى 30 بالمئة عند التخصيص، ويقسط باقي القيمة على مدى 25 سنة.
 
وأوضح اللحام أن القوانين الناظمة لعمل المؤسسة تتيح لجميع المكتتبين والمستفيدين من المشاريع الاقتراض من جميع مصادر التمويل العقاري المرخص لها بما فيها المصارف وفقاً للقوانين والأنظمة، وحسب ما يتم الاتفاق عليه بين المؤسسة والجهات المقترضة، وهذا يؤكد أن القوانين تسمح للبنوك الإسلامية بالدخول مع المؤسسة لتنفيذ مشاريع وفق صيغة التأجير المنتهي بالتملك، لكن هذه الصيغة غير مطبقة في سورية على الرغم من وجود ثلاثة بنوك إسلامية، وبنك آخر قيد الانطلاق بالعمل.
 
وبسبب ارتفاع الأسعار، أصبحت التجارة والمضاربة عملا مربحا إلى حد كبير. فالتكاليف الحقيقية الوحيدة للتجار هي الضرائب، أي ضريبة الأملاك وغيرها من الضرائب غير المهمة. وشهدت العاصمة دمشق، كغيرها من المدن السورية، آلاف السماسرة العقاريين يسعون للربح في سوق العقارات.
 
ويعمل بعض هؤلاء الوسطاء فقط على وسائل التواصل الاجتماعي ومجموعات على تطبيق “واتساب”. وقلة من هذه الشركات مرتبطة بشبكة أكبر تغطي العاصمة. 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...