7 شعراء عرب: الترجمة ليست شهادة اعتراف

19-03-2007

7 شعراء عرب: الترجمة ليست شهادة اعتراف

هل يبدو الأمر اليوم وكأنه صورة معكوسة لما عرفناه في السابق؟ هل إن «الغرب» يعيد اكتشاف أن هناك أدبا في هذه البقعة من العالم (العالم العربي)، وها هو يحاول أن يترجم منه ما يستطيع؟ أم ثمة في الأمر، مثلما نحاول أن نقول دائما، العديد من الأبعاد السياسية التي تدفع الآخر اليوم إلى قراءتنا على اعتبار أن الأدب هو من أفضل «الوثائق الاجتماعية» لمعرفة مجتمع ما؟
ثمة الكثير من الأسئلة التي لا بد لها أن تستوقفنا اليوم، عبر عملية ترجمة الأدب العربي إلى اللغات الأوروبية. منهم من يرى الظاهرة صحية جدا، أي أن العديد من الأدباء العرب يتفوقون على زملائهم الغربيين ويستحقون أن يصلوا إلى الطرف الآخر من الكرة الأرضية. منهم من يرى، أنه وعلى الرغم من قيمة الأدب العربي، إلا أن ثمة العديد من العلاقات التي تتحكم بهذه القضية، إذ هناك أسماء مغيبة، لم تترجم إلى الآن، برغم أنها تتفوق على عدد من الذين نقلوا إلى اللغات الأخرى.
ثمة لائحة طويلة من الاعتراضات، ومن المحاسن، قد لا تسعها هذه المقدمة الصغيرة. لكن، وبعيدا عن هذه الفكرة المحددة، كيف يمكن لنا أن نفهم اليوم هذه المفارقة الغريبة، وهي حديثة العهد، وأعطي نموذجا، على سبيل المثال لا الحصر: في آخر إحصائية فرنسية، نجد مثلا أن كتاب علاء الأسواني «بناية يعقوبيان» قد بيع منه لغاية اليوم أكثر من 400 ألف نسخة في ترجمته الفرنسية، كذلك هو الأمر مع ترجمته الإيطالية، ناهيك عن 100 ألف في ألمانيا وما إلى هنالك من لغات أخرى. أي أن الرواية قد بيع منها أكثر من مليون نسخة في اللغات الأوروبية، بينما نشعر بالخجل حين نعرف كم هي عدد النسخ باللغة العربية.
بعيدا عن ذلك كله، لا بد أن نفكر حقا في معنى ترجمة الأدب العربي إلى اللغات الغربية، إذ يبدو الأمر بمعنى من المعاني وكأنه نافذة قد فتحت اليوم أمام الكاتب العربي، ليس في الخارج وحسب، بل أيضا في بلاده، إذ يدفع ذلك كله القارئ العربي، إلى إعادة «اكتشاف أدبه».
لكن على الطرف الآخر، ثمة أسماء لا تتوقف عن القول بأنها ترجمت إلى العديد من اللغات، ومع ذلك فأنت لا تعرف نصها العربي في الأساس ولا تكون قد سمعت به، لدرجة أن صاحب النص المترجم يريد إقناعنا بأنه «عالمي» وبأنه يحتل مركزا مهما في البلاد التي نقل إليها.
حول ذلك كله، توجهنا إلى عدد من الكتاب العرب بالسؤال التالي: «منذ عقود قليلة، يعرف العالم الغربي، حركة ما في ترجمة أدبنا العربي إلى عدد من لغاته. هل ترى أن هذه الترجمة قد أفادت الأدب العربي؟ وهل تظن أنها أثرت في انتشار الكاتب العربي محليا، بمعنى أن من يترجم اليوم يحظى بنظرة خاصة في بلاده؟». فكانت هذه الأجوبة.
شوقي عبد الأمير:
«حركـة مـا»
أجل «حركة ما» وأضعها بين قويسات لأننا لا يجب أن نتوهم أن ترجمة أدونيس ونجيب محفوظ ودرويش وبعض الروايات والدواوين الشعرية من هذا البلد أو ذاك تشكل استجابة لتيّار أو لتوجه فعلي بالتبادل الثقافي عبر الترجمة مع الغرب... ما زال المشهد مقفراً وما زال الغرب متردداً بالرغم من طاحونة العولمة التي تشمل القارات لتقتلعها حتى الجذور. إنني أسمع بين حين وآخر ابتهاجاً بالترجمة العربية إلى لغات أوروبية وعندما أقارن ذلك بما يحصل للغات كالصينية واليابانية والكورية، وكيف أنها تغزو الغرب بترجماتها، أجد أن حركة الترجمة من اللغة العربية تبدو مثل موجة خجلة أو خطوة وئيدة مترددة.
بالطبع هناك «فائدة» وأصرّ هنا على القويسات أيضاً وهذا أضعف الإيمان، لكن الشطر الأخير من السؤال يبدو لي غريباً، وكأنني أفهم أن من يُترجم من الأدباء يجب أن يرتقي في سلم مكانته محليّاً أو في بلاده، وهذه الأفكار تنتشر خاصة بين العرب، لا أدري إذا كانت «عقدة الخواجة» وحدها السبب.. وذلك أننا عندما نقدم أديباً ونعرّف به فإننا نقدّم (ربما قبل اسمه) أسماءَ لغاتٍ تُرجم إليها، وعندما يَعترف بنا الآخر نعودُ إلى تقييم الأشخاص ونعيد النظر فيهم لنرفع مكانتهم.
تلك أمراض الوسط الثقافي العربي خاصة، ولم أجد ما يشبه ذلك في فرنسا على سبيل المثال.
أعتقد أن هذا الأمر «للأسف» صحيح لما تقول أن من يترجم إلى لغات أخرى ترتقي مكانته ويعاد اعتباره في لغته من العرب.. ومن العرب فقط.
(شاعر عراقي)
قاسم حداد:
ضرب من الحوار
من جهة اعتبار الترجمة هي، في العمق، ضربُ من الحوار الثقافي والإبداعي، يمكننا ملاحظة ما يتحقق، ببطء شديد متوقع من علاقات إنسانية تنشأ، بين الكتاب والكتابة العربية وبين جانب اللغات الأخرى. وهي علاقات من شأنها أن تغني المعرفة الأدبية والوعي الكوني المتبادل بين أطراف مختلفة.
لا بد أن ذلك سيشكل فائدة نوعية يحتاج إليها الكاتب مهما كانت جنسيته.
وكلما ذهبنا إلى تلك التجربة بلا ادعاءات، لكن أيضا بلا إحساس بالنقص والدونية، سيكون لنا فضاء بالغ التنوع والثراء لاكتشاف كيف يكون الكاتب سائرا في سياق يتطلب الثقة بالنفس بحق المشاركة في تبادل الفائدة.
أظن أن قطاعا معينا من الأدب العربي استفاد، حضارياً، من بعض تلك الترجمات، كلما جاءت على قدر واضح من الرصانة والجدية وعدم الارتجال والخفة.
بقي أن أقول أن علينا عدم الخضوع لأية أوهام تتعلق بالانتشار والشهرة وغيرها، لأن سيطرة مثل هذه الأوهام من شأنها أن تفسد على الكاتب متعته في كونه مبدعاً، بمعزل عن كل ما يترتب على ذلك أو يتوقف عليه.
فليس من الحكمة، مثلاً، السعي لانجاز الترجمة لاستصدار شهادة اعتراف هنا أو هناك.
(شاعر من البحرين)
شاكر لعيبي:
عناصر علاقاتية
ترجمة الأدب العربي إلى اللغات الأجنبية مفيدة من دون شك. ولا أظنها قد أفادت الأدب في بلداننا، ولا في انتشار الكتاب محلياً. وسأقول أسبابي: إن حركة الترجمة لا تتم دائماً لسبب أدبي، وتتدخل بها عناصر علاقاتية وأخرى أكثر تعقيداً. هناك مراكز قوى أدبية تـَفْرِض بعنفٍ حريريٍّ، وعصيٍّ على التعريف شروطها وأسماءها نشراً وترويجاً ونقدا و(ترجمةً). ثمة اتفاقات عرفية منفعية في الوسط الثقافي العربي وتواطؤ على ترجمة هذا أو استبعاد ذاك. إطار سوداوي للظاهرة لكنه ليس الظاهرة كلها. هذه الترجمة تنطلق مراتٍ وفق تقديرات محلية محترمة أو أقل قليلا، كأن تقرر الجامعة الأميركية في القاهرة ترجمة روائيين أو شعراء مصريين انطلاقاً من شروط الوسط الثقافي المصري وحده، أو كأن تقرر هيئات ثقافية خليجية مسلّحة بالمال ترجمة أديبات خليجيات إلى الانجليزية، أو كأن يقرر شاعر وسريالي عربي في فرنسا ترجمة متواليات من الأنطولوجيات وفق مزاج شخصاني فحسب. ثمة غير ذلك، ففي فرنسا تتم الترجمة عبر تجمعات ثقافية لا تنقصها الشراسة والحلفاء الفرنسيين. هل أفادت هذه الترجمات في رواج مؤلفيها عربياً بأثر رجعي؟ لا أظن، لأن أصل المشكل يقع في التالي: إن مراجعة شاملة قد بدأت في العالم العربي بشأن أهمية أو لا أهمية هذا المؤلف أو ذاك ممن وقع الترويج لهم أو اعتبارهم طيلة عقدين أو ثلاثة من كبار الأسماء في جيلهم. خذ «كتاب في جريدة» الخاص بالشعر العراقي في الربع الأخير من القرن العشرين، وخذ أيضاً (الأمسيات الشعرية البديلة) عقب مؤتمر القاهرة الشعري. كلاهما يقولان كلمة مغايرة عن العديد من الأصوات الأدبية في العراق ومصر. المثالان هما دليلان على طبيعة هذه المراجعة، الأمر الذي سيكون له أثر كبير في ترجمة الأدب العربي إلى اللغات الأوروبية وغيرها في العقدين القادمين.
(شاعر عراقي مقيم في تونس)
جمانة حداد:
«إعرف عدوك»
وصلتني منذ أيام رسالة الكترونية من مهندس أميركي متقاعد، اسمه طوم زيمرمان، بعربيةٍ ممتازة. قلتُ في سرّي: لعلها من والدته، أو احد أقاربه، من أصول عربية. وعندما سألت طوم، المهندس الميكانيكي المتقاعد، ذا التكوين والثقافة العلميين، عن أسباب إجادته العربية، أجابني أنه قرر بعد 11 أيلول 2001 أن يتعلّم هذه اللغة كي «يفهم العرب والمسلمين أكثر». «إعرف عدوّك»، قالها لي طوم بصراحة. وأنا، إذ أروي لكم هذه الخبرية الآن، بمرارة وتحفّظ شديدين، فلكي أبيّن أن دوافع الاهتمام المتزايد الذي يظهره الغرب بترجمة أدبنا العربي إلى لغاته خلال الأعوام الأخيرة، هي دوافع سياسية و«تكتيكية» في معظمها، لا أدبية. وإذا صدف أنها أدبية، فهي تكون انتقائية وغير تمثيلية. لكن، لا بأس: فربّ ضارة نافعة! وأيضاً: ربّ ناقصة نافعة.
لا شك في أن حركة الترجمة هذه تنعكس إيجابا على آدابنا وصورتها في الخارج، رغم أن غالبية الاختيارات تكون إما في الفكر السياسي، وإما في المؤلفات الأدبية التي ترسّخ نظرة الغرب النمطية والاكزوتيكية عن العرب. لكن تبقى فئة ثالثة أخيرة، وهي الهامش الذي يستحق الاهتمام، اعني الأعمال الأدبية المستأهلة التي تطاولها «طرطوشة» الترجمة بالمصادفة أو بالامتداد، وهي الكتب الجديرة بأن يقرأها الغربيون ليكوّنوا فكرة حقيقية وصحيحة عن أدبنا وعن مضاهاته الآداب العالمية، ثراءً وجماليةً وموهبةً وتنوّعاً. في كل حال، لم يزل أمام الغرب شوط طويل من الترجمة قبل أن يتعرّف فعلا إلى أدبنا، ماضياً وحاضراً، بكل وجوهه وأسمائه وعوالمه.
أما في ما يتعلق بالشق الثاني من السؤال، فللأسف لم يزل الاعتراف الأدبي في بلداننا يجيء في معظم الأحيان من الغرب. فإذا تُرجِم مثلاً أحد روائيينا أو شعرائنا إلى لغة أجنبية، أو إذا نال جائزة أدبية مرموقة من بلد غربي، يصير «مكرّسا» على الفور. وهو ربما يستحق التكريس، لكننا ننسى في الآن نفسه أن هناك كباراً، في الإبداع أو في العمر، أو في الاثنين معاً، ممّن لا يترجَمون ولا ينالون الجوائز. وهم كبار حقاً، لكنهم يقبعون في الظل وينسحبون من أضواء الإعلام، طوعاً أو قسراً. وننسى أن المعيار الأول والأخير في تقويم كاتب ما ينبغي أن يكون إنتاجه، أي نصّه، وفي لغته. أما الباقي فزوائد: زوائد قد تكون مفيدة ومستحَقّة وجميلة، لكن الأهم: أنها ليست هي الميزان.
( شاعرة من لبنان)
موسى حوامدة:
جغرافية غير نزيهة
في التراث ربما أفاد الغرب أكثر منا. أعني في كتب التراث التي ترجمت للعديد من اللغات وبعضها لأكثر من ترجمة. أما في العصر الحديث فلم تتم الترجمة وفق معيار محدد. لقد جرت العديد من الترجمات بسبب علاقات شخصية أو مؤسسية أو سياسية ولم تكن كافية بل لم تعط الصورة الحقيقية للأدب العربي، كثير من الترجمات تمت لأن في نفس الكتب التي نقلت شيئا غربيا أو نقدا فاحشا وقاسيا للمجتمعات العربية، وتم التركيز على قضايا محددة جزئية، مثل قضية المرأة، من دون النظر للحرية بشكل كلي، وقليل من الترجمات تم لأسباب أدبية صرفة، مثل ترجمة أعمال نجيب محفوظ وشعر نزار قباني وغيرهما، لكن الكثير من الترجمات حدثت بدوافع متباينة، حتى الكثير من المختارات التي تم الإشراف عليها من مشرفين عرب، جرت لأسباب إقليمية أو جغرافية ولم تكن نزيهة.
لكن هل أفاد الكتاب من ترجمة أعمالهم في انتشار كتبهم في العالم العربي وفي بلادهم؟ لم ألمس ذلك، لقد ترجم العديد من الشعراء والروائيين العرب إلى لغات أخرى، لكنهم ظلوا في الصفوف الخلفية ولم تنتشر كتبهم. وإذا كان نجيب محفوظ نفسه قد حصل على نوبل ولم تتجاوز مبيعات كتبه بعد ذلك الثلاثة آلاف نسخة من الكتاب الواحد، فهل مجرد ترجمة رواية لرشيد الضعيف أو علوية صبح أو جمال الغيطاني ستجعل المؤسسات العربية والقراء العرب يلتفتون لهذا الكتاب؟ لكن ربما العكس قد يكون صحيحا، بمعنى أن الذين كتبوا بالفرنسية ثم ترجموا للعربية كان لذلك تأثير جيد على مبيعاتهم، مثل أمين معلوف الذي كتب بالفرنسية أولا، وإدوارد سعيد الذي كتب أصلا بالانجليزية.
(شاعر فلسطيني، مقيم في الأردن)
علاء خالد:
علاقة ثنائية
هناك نظرة خاصة يحظى بها الكاتب الذي ترجمت أعماله للغة أجنبية، ليس في بلاده ولكن بين الجماعة الثقافية، وتختلف خصوصية النظرة حسب التوجه والاستقطاب لهذه الجماعة. فمجتمع القراءة الواسع أخذ يتقلص إلى جماعة أو جماعات محددة يدور داخلها النقاش وتصدر الأحكام وتقيم الأعمال. ربما التخصص هام بوجه عام، ولكن في حالة عدم وجود مجتمع واسع من القراء، يصبح التخصص هشاً ويستند على ذائقة عدد محدود من الناس.
الترجمة انتقال من لغة إلى أخرى، بما يشمل الانتقال من تغريب عن الأصل اللغوي. وهذا التغريب قد ينظر إليه نظرة تشكك، لأنك تعرض نفسك، وأهم ما تملك وهو اللغة، على آخر لا تثق بعدالته، أو بوضعك الإنساني بالنسبة إليه، أو بنظرته إليك. وكذلك يمكن النظر لهذا الانتقال على أنه نوع من الانتصار لأنك سمحت بأن يرحل هذا الأصل اللغوي إلى لغة أخرى وثقافة أخرى لها تقديرها. ربما كلا الموقفين ينبع من ميزان مختل لعلاقتنا بهذا الأخر. هناك دونية، وربما لها أسبابها في صياغة السياق الذي يتم فيه التبادل، ومن ضمن هذا التبادل اللغة.
لا أعرف ماذا سيكون موقفنا لو كنا في وضع أكثر إنسانية، وتقدماً، وحرية؟ ربما في هذه الحالة لن تكون لقضية الترجمة مثل هذا الالتباس، والوجوه المتعددة، لأنها نشاط عادي لا يجب أن يلفت الانتباه مثل الترجمة المصاحبة للأفلام الأجنبية. فتراجعنا الثقافي والاقتصادي، جعل أي قضية ترتبط بآخر بعيد لنا معه سوابق، وله ضلع في هذا التراجع، أو هكذا نتخيل؛ تناقش في المكان الخطأ، أي بشكل سياسي.
هناك ثنائية تحكم العلاقة بالغرب أو اللغة الأخرى، وبالتالي تحكم الانتقال من لغة لأخرى. إن التحرر الذي يبغيه الكاتب يفرض عليه معاداة أي قوة كبيرة، وهى بالضرورة التي تترجم إليها الكتب. وفى الوقت نفسه، الأدب المكتوب بهذه اللغة الأخرى هو المقياس ومكان التقدير، لأنه أكثر تخصصاً في النوع الأدبي ذاته، وهو الذي يمنح المصداقية لإنسانية العمل الأدبي وفنيته. وهو ازدواج لا يحل بسهولة إلا إذا تغيرت أطراف المعادلة.
ماذا لو ترجمت أعمالنا إلى اللغة الصينية، هل ستثار مثل هذه الأسئلة، وهل سيفرح الكاتب أن أعماله ترجمت إلى لغة يتحدث بها مليار وربع المليار شخص؟
(شاعر من مصر)
عاشور الطويبي:
بعيدا عن الدونية
لا شك في أن الترجمة تلعب دورا مهما في إيجاد قراء من الناطقين باللغات التي تترجم الأعمال إليها.
ولكن ما هي الأعمال التي تترجم وكيف؟ في تقديري، هذا يعتمد على توفر ظروف ذاتية وموضوعية. بشكل عام، لا تتم ترجمة منتج لثقافة ما إلى لغات أخرى إلا إذا كانت هذه الثقافة تحترم نفسها، وأن من يقوم بالترجمة يرى أن هذه الترجمة ستضيف إلى ثقافته وتتيح له فهما أكثر لهذه الثقافة. رغم أن العالم الغــربي قد بدأ الاهتمام بالثقافة العربيـة في الســنوات الأخــيرة، إلا أن هذا ما زال محدودا جدا ويفتقر إلى النــظرة الشمولية الجادة. ولو قمنا بمقارنة ما يترجم إلى لغتنا العربية من إبداعات العالم الغربي، مع ما يترجم من أعمالنا إلى اللغات الغربية، لوجدنا أن الفارق كبير، فنحن نترجم لهم أكثر مما يترجمون لنا. يجب أن نتعامل معهم دون الشعور بالدونية، وهذا لا يتأتى إلا إذا قدرنا مبدعينا وزاد اهتمامنا بكرامة الإنسان العربي. أما فيما يختص بانتشار الكاتب العربي محليا عندما تترجم أعماله إلى اللغات الأخرى فالإجابة بنعم. و ليس أن من لم تترجم أعماله هو أو هي أقل قيمة من ذلك الكاتب.
نحن في كثير من الأحيان نعيد التعامل مع الكاتب بعد أن تترجم أعماله، ذلك أننا نقيس بمعايير الآخرين، لأننا نعتبرهم أحسن منا. لا بد من وجود هيئات أو مؤسسات في الدول العربية، ترعى الترجمة من وإلى اللغة العربية، وذلك بالتعاون المشترك مع الهيئات والمؤسسات المناظرة في العالم الغربي.
الترجمة مثلها مثل أي عمل تجاري يحتاج إلى مال كثير، وهذا بالطبع يعجز عنه الكاتب العربي بمفرده.

 

اسكندر حبش

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...