الدور القطري والشكوك الليبية والعبرة السورية

28-10-2011

الدور القطري والشكوك الليبية والعبرة السورية

الجمل:   تحدثت بعض التقارير الجارية مساء الأمس عن بدايات تبلور إدراك سياسي ليبي جديد إزاء مرحلة ما بعد رحيل الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، وفي هذا الخصوص بدا بعض الزعماء الليبيين الجدد وهم أكثر اهتماماً بضرورة إنهاء الدور الخارجي، وذلك على أساس اعتبارات أن الليبيين هم المعنيون أولاً وأخيراً بإدارة شؤون الوطن الليبي، وبالتالي، فمن الضروري أن ينتهي الدور الخارجي بانتهاء نظام الزعيم القذافي. فما هي طبيعة الشكوك الليبية الجديدة إزاء استمرار دعم الأطراف الخارجية التي لعبت دوراً هاماً في الإطاحة بنظام القذافي ولماذا بادر بعض رموز المعارضة الليبية لجهة التحذير من استمرار الأطراف الخارجية، ولماذا حذر بعضهم على وجه التحديد من الدور القطري ودور حلف الناتو؟
•    أبعاد الموقف السياسي الليبي الجديد: توصيف المعلومات الجارية
بعد أشهر الصراع الدامي ومخلفاته من القتلى والجرحى والمشردين وتخريب الممتلكات وعمليات السلب والنهب والاغتصاب، بدأ رموز المعارضة الليبية وهم أكثر تفاؤلاً بالمستقبل، برغم أن المعطيات الميدانية الجارية ما تزال تحمل العديد من المؤشرات الدالة على غير ذلك.. أوباما وعبد الجليل في نيويورك أمس (أ ب أ)
تقول المعلومات ، بأن الإدراك السياسي الليبي في مرحلة ما بعد رحيل الزعيم معمر القذافي أصبح ينطوي على المزيد من الشكوك واللايقين إزاء الآتي:
-    استمرار وجود حلف الناتو كلاعب عسكري أساسي في المسرح الليبي.
-    استمرار قيام محور باريس- لندن- واشنطن- بمحاولات التدخل السياسي والدبلوماسي .
-    استمرار محاولات قيام قطر وبدرجة أقل من السعودية بدور الوصي على مستقبل ليبيا.
وتأسيساً على هذه المؤشرات، فقد جاءت تصريحات بعض السياسيين الليبيين وهي تتضمن وجهات النظر الآتية:
-    لقد جاء التدخل الخارجي بناء على طلب قيادة المعارضة الليبية.. وبالتالي فإن استمرار هذا التدخل يجب أن يتم بناء على طلب وموافقة الليبيين، وهو الأمر الذي لم يحدث حتى الآن.
-    إن قيام مصطفى عبد الجليل زعيم المجلس الانتقالي الليبي بحضور مؤتمر أصدقاء ليبيا الذي رعته دولة قطر ومطالبته بتمديد ولاية حلف الناتو هو أمر مرفوض، وذلك لأن المعارضة الليبية لم تفوض عبد الجليل لجهة القيام بذلك، إضافة إلى أن شرعية عبد الجليل ومجلسه الانتقالي لا تسمح له في هذه المرحلة إلا بشيء واحد، وهو العمل على إدارة المرحلة الانتقالية ضمن معطياتها الرئيسية الداخلية، والتي منها على سبيل المثال لا الحصر، تشكيل الحكومة الانتقالية الليبية الجديدة- إجراء المصالحات- بناء الإجماع الوطني.
هذا، ويرى هؤلاء الليبيون، أن مؤتمر أصدقاء ليبيا الذي انعقد مؤخراً بالعاصمة القطرية الدوحة، هو مجرد سيناريو هدفه الرئيسي استدراج ليبيا إلى فخ السيطرة الدولية تحت الوصاية القطرية، وحذر هؤلاء الليبيون من احتمالات أن تسعى الأطراف العربية التي سبق وأن وقفت إلى جانب المعارضة الليبية، لجهة استخدام ليبيا كورقة لمساومة أطراف مثلث واشنطن- لندن- باريس، وذلك على النحو الذي يحول ليبيا إلى دولة تابعة وغير قادرة عملياً على تدبر شئون سيادتها المستقلة..
•    الدور القطري والشكوك الليبية:
بدا واضحاً من تصريحات المصادر الليبية، أن الشكوك في الدور القطري ومصداقية استمراره لم تأت من فراغ، وفي هذا الخصوص، يمكن الإشارة إلى النقاط الآتية:
-    سعت قطر لجهة تكثيف الانتقادات والإعلام السلبي ضد دمشق من خلال التركيز على فعاليات الاحتجاجات السياسية السورية المحدودة بما يؤدي إلى تضخيم حجمها بأضعاف ما هو حاصل بالفعل، وفي الوقت نفسه حرصت قطر على تفادي تسليط الأضواء الإعلامية إزاء فعاليات الاحتجاجات الإيرانية..
-    سعت قطر من بين سائر دول الخليج إلى تكثيف الإعلام السلبي ضد نظام الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، وفي الوقت نفسه ظلت قطر أكثر حرصاً على الاستمرار في إدارة فعاليات مساعي الوساطة الخليجية الرامية إلى حل الأزمة السياسية اليمنية.
-    سعت قطر مراراً وتكراراًت لجهة استضافة الزعماء الإسرائيليين وبالذات الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز ووزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني، وذلك في الوقت الذي ظلت قطر تستقبل فيه رموز حركة حماس الفلسطينية، وبالأخص زعيمها خالد مشعل، والذي هو نفسه لم يسع لتوجيه أي انتقادات أو إبداء أي ملاحظات على ملف العلاقات القطرية- الإسرائيلية.. علماً بأنه لو قامت أي دولة عربية أخرى بإجراء مثل هذه العلاقات لأقام خالد مشعل وحركة حماس الدنيا وأقعدوها..
-    سعت قطر إلى استضافة فعاليات القيادة العسكرية الأمريكية الوسطى، إضافة إلى استضافة السياسيين العراقيين المعارضين للاحتلال الأمريكي، وذلك بخلاف دولة الكويت التي تستضيف القوات الأمريكية وترفض التعامل مع العراقيين المقاومين للاحتلال الأمريكي..
-    سعت قطر لجهة القيام بالدعم للعلاقات الخليجية الدبلوماسية مع طهران.. وأيضاً إلى استضافة كبار المسئولين الإيرانيين بشكل مكثف ومنظم، وفي الوقت نفسه ظلت قطر أكثر اهتماماً بدعم المشروعات الخليجية المعادية لإيران..
تأسيساً على هذه النقاط، جاءت شكوك بعض كبار الزعماء السياسيين الليبيين، الذين أكدوا بشكل واضح ومباشر على ضرورة الآتي:
-    لقد جاء الدور القطري بناء على طلب رموز المعارضة الليبية، وتدرج هذا الطلب لجهة مطالبة الجامعة العربية، وانتقلت المطالبة إلى مجلس الأمن الدولي.
-    لقد شاركت قطر بشكل فاعل في دعم عملية إسقاط نظام معمر القذافي.
-    لقد شاركت قطر بفعالية في حشد الدعم الدبلوماسي والسياسي والمالي لصالح المعارضة الليبية.
-    لقد شاركت قطر بفعالية في تأسيس ودعم وإسناد تحركات المعارضة الليبية في المسرح الدبلوماسي الدولي والإقليمي..
جميع هذه النقاط تؤكد أن الدور القطري كان يرتبط حصراً بعملية إسقاط نظام الزعيم الليبي معمر القذافي.. والآن، وبعد أن انهار نظام القذافي بالفعل، فإن المتوقع هو أن ينتهي الدور القطري.. ولكن برغم ذلك، فإن إصرار قطر على الاستمرار في أداء دورها التدخلي في الشأن السيادي الليبي، هو إصرار ينطوي على المزيد من الشكوك، والتي من أبرزها:
-    لمصلحة من انطلقت فعاليات الدور القطري المناهض لنظام الزعيم القذافي.
-    لمصلحة من تسعى قطر حالياً لاستدامة واستمرارية دورها التدخلي في الساحة الليبية.
تقول المعلومات، بأن مجلس الأمن الدولي قد عقد جلسة بالأمس صوت فيها بالإجماع لصالح إنهاء التفويض الدولي لحلف الناتو بالتدخل عن طريق فرض منطقة حظر الطيران في ليبيا، وما هو جدير بالملاحظة يتمثل في أن قرار مجلس الأمن الدولي قد تفادى الآتي:
-    إطلاق سراح الأرصدة المالية المجمدة في المصارف الأمريكية والفرنسية والبريطانية وغيرها.
-    مطالبة دول العالم باحترام سيادة وحرية ليبيا.
وبالتدقيق الفاحص في المسائل التي تفادى مجلس الأمن التطرق لها في قرار الأمس تتضح لنا أبعاد مساعي استمرار الدور القطري، وتحديداً المتمثلة في الأبعاد غير المعلنة لمؤتمر أصدقاء ليبيا الذي سعت الدوحة بشكل غير مبرر لجهة الدعوة له، وبكلمات أخرى فقد تحدث مصطفى عبد الجليل زعيم المجلس الانتقالي الليبي مطالباً باستمرار دور حلف الناتو.. وبالأمس على خلفية قرار مجلس الأمن الدولي تحدثت المصادر الرفيعة المستوى في باريس ولندن، وفي حلف الناتو، قائلة بأن تفويض مجلس الأمن الدولي للحلف وأن كان قد انتهى.. كان بالإمكان أن يستمر الحلف في مهامه إذا طلبت منه ليبيا ذلك وفقاً لاتفاقيات ثنائية يتم التوصل لها بين قيادة الحلف وليبيا، الأمر الذي يستدعي بقوة الإجابة الواضحة للسؤال القائل، لماذا سعت قطر إلى عقد اجتماع أصدقاء ليبيا.. ولماذا دعت إليه عبد الجليل زعيم المجلس الانتقالي الليبي.. ولماذا طالب هذا الزعيم بضرورة استمرار فعاليات حلف الناتو قبل أن يحصل على تفويض واضح يخول له ذلك بواسطة المجلس الانتقالي الليبي!؟


الجمل قسم الدراسات والترجمة 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...