الحب في زمن الإنترنت

14-02-2010

الحب في زمن الإنترنت

يعد الحب من أسمى وأرق المشاعر التي تربط البشر بعضهم ببعض، فهو تعبير عن إنسانية الإنسان وترجمة وإفصاح عن مكنوناته النفسية وأحاسيسه، وإعلان عن فطريته الاجتماعية التي ينفرد بها عن سواه من المخلوقات. 
 فالحب روح الجسد فلا حياة دونه، من دون ذلك الخفي الذي يتجول في كل مكان باحثاً عن فرصته ليداعب الأحاسيس في غفلة من العقل ويسحر الأعين ليتسلسل بهدوء ويستقر داخل القلب ويمتلك الروح والوجدان ليسيطر على كيان الإنسان فيجعل منه سفينة بلا شراع تسير فيصعب التحكم بها.
الحب أخطر حدث يمر في حياة الإنسان لأنه يمس صميم شخصيته وجوهره ووجوده فيجعله يشعر وكأنه وُلد من جديد، فكيف لكل هذه المشاعر أن تتحقق بحب يحكمه جهاز تمر من خلاله الكلمات باردة بلا روح أو انفعال وهو «الانترنت»؟ كيف يمكن للمرء أن يشعر بأمان ودفء الحب وهو لا يعلم من يخاطب؟ كيف لوسيلة تستخدم للتسلية أن تنتج حباً حقيقياً؟
الواقع اليوم أن الكثير من الناس يتجهون إلى الحب عبر وسائل التكنولوجيا الحديثة وأهمها الإنترنت الأمر الذي أغرقهم في بحور من المشاعر المغشوشة والكاذبة فالذي يتحدث عبر الإنترنت يختبئ وراء شاشة يستطيع من خلالها قول ما يريد دون أن يكشف صدقه من كذبه، الحب إحساس فكيف يمكن أن تشعر بشخص لا تراه وكل الذي تعرفه عنه ما يقوله؟
عصر السرعة والديليفري والحصول على ما نريد بأيسر وسيلة ممكنة ودون عناء، فبعد أن كان الحبيب يسهر الليالي سارحاً متأملاً، ومستعداً لبذل الغالي والنفيس ليسرق نظرة من من يحب، أصبح الأمراليوم بغاية السهولة والبساطة فبضغط زرعلى لوحة التحكم في الحاسب (الكيبورد) يدخل المرء إلى عالم التشات المملوء بالفتيات والشباب الذين يتبادلون المشاعر والحب بغاية البساطة والسهولة وبكلام قد لا يجرؤ متحدثه بالبوح به وجها لوجه، إضافة إلى الكذب والنفاق فقد يتحدث أحد الشباب لأشهر مع شخص من المفترض أنه فتاة تبادله كلام الحب ليكتشف بعد فترة قد تكون تجاوزت الأشهر أنه يتحدث مع شاب مثله، وللأسف كثيرة هي تلك الحالات. إضافة إلى الكاميرات التي سمحت للعلاقات أن تتطور فيتبادل الطرفان الصور والفيديوهات وفي نهاية المطاف ينتهي كل شيء وكأنه لم يحدث، وفي هذه الحالة تكون الفتاة هي المتضرر الأكبر، فهناك العديد من القصص عن تهديدات ومعاكسات وصلت في بعض الحالات إلى فضائح ألمت بالفتاة وأهلها جراء هذا الحب الزائف.
الكذب والألم من هذا الحب لم يقتصرا على الفتيات فقط بل هناك قصص كثيرة عن شباب تم التلاعب بمشاعرهم من فتيات مثلن دور العاشقات إلى درجة من الغش جعلت الشاب يبدأ يحلم ببيته وحياته معها ويحضر نفسه للارتباط بها فيخبر الأهل بعلاقته ويطلب منهم الذهاب لخطبتها، لتنهي هي بدورها كل شيء وتقول له إنها لم تكن جادة وتختفي من لائحة التشات التي كانت تدخل عليها وهذا يكون بمنتهى السهولة فلا يتطلب الأمر إلا تغيير اسمها باسم آخر، وهذه الحالة تكون في الأغلب في العلاقات بين شبان وشابات من دول مختلفة.
هناك قصص ومواقف يطول شرحها عن علاقات وهمية بقصد التسلية يكون ضحيتها قليلو الخبرة والساذجون من الجنسين الذين يكتشفون الحقيقة بعد فوات الأوان. فهذا العالم المملوء بالغش والكذب والأقنعة الزائفة له ناسه ومعجبوه والقادرون على أن يكونوا مثله من غير أن يهز لهم طرف عين.

أنواع الحب عبر الإنترنت أو التشات
قسم المهتمون وبعض الباحثين الحب عبر الإنترنت إلى ثلاثة أنواع، الأول «حب الفضول» وفيه يكون الفضول من أحد الطرفين أو كلاهما للتعرف إلى الآخر ومعرفة طبائعه وصفاته، وينتهي هذا الحب بمعرفة أحدهم كل ما كان يريد معرفته عن الآخر. النوع الثاني «الحب المؤقت» حيث يكون حالة إعجاب من أحد الطرفين أو كلاهما لما يكتبه الآخر وينتج عن ذلك بداية حب وإعجاب قد تكون متبادلة من الطرفين، فيبدأ كلاهما بكتابة جمل الحب والغرام... إلى أن يصلوا إلى مرحلة ينفد فيها كلام الحب ويصبح متكرراً، ولم يعد هناك جديد يقولونه فينتهي هذا الحب بانتهاء جمل الحب. أما النوع الثالث فهو «حب ناتج عن فراغ عاطفي» يبحث فيه الداخل على شبكة الإنترنت عن الحب والعاطفة بأي طريقة كانت، فيتعرف إلى أي شخص ترمي به الأقدار في طريقه. وهذا النوع من الحب يعد الأخطر وينتهي بإشباع غريزة العاطفة لدى أحد الطرفين.

كيف يحتفل العالم بعيد الحب؟
تحتفل فرنسا والبرتغال وإسبانيا بعيد الحب بتبادل الجواهر والحلي فيضع الشاب أو الفتاة الخاتم في إصبع (البنصر) الذي ينتهي إليه الشريان الخارج من القلب. في الولايات المتحدة يتم تبادل البطاقات البريدية المزينة بسهم كيوبيد (شفيع المحبين) ابن فينوس الذي يمكنه أن يوقع الناس في الغرام بثقب قلب احدهما بأحد سهامه السحرية ويفضل تقديم شيء يدل على رهافة الحس «فيه لمسة شخصية» أما في جزر أميركا الجنوبية ودلالة على الوله والعشق فيتبادل العشاق ريش العصافير الملونة والمغردة. الصين تحتفل بهذا العيد باستخدام الحرير حيث يتبادل المحبون مناديل الحرير، على حين يحلو للشابات اليابانيات إهداء الشوكولا إلى الشباب الياباني الذي لا يعني له العيد الكثير. الشباب الألمان يعبّرون عن هذا العيد برقتهم فيركزون الأغصان اليانعة والأوراق الملونة على نوافذ محبوباتهم، ويهدي قاطنو المنطقة القطبية الملح، ربما لاستخدامه في إذابة الثلوج وتحويلها إلى مياه. أما في البرازيل فيتم تبادل العطور، وتحتفل روسيا بعيد الحب في الثامن من شهر آذار بتقديم الورود، ولاسيما الحمراء منها.

لمى طباخة

المصدر: الوطن السورية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...