مدرسة أم إصلاحية؟ العقل أم النقل ؟

04-02-2017

مدرسة أم إصلاحية؟ العقل أم النقل ؟

لماذا لا يقرأ السوريون الكتب وكيف فقدنا قراءنا ؟
طرحت هذا السؤال أمام الصديق الدكتور هزوان الوز وزير التربية في لقاء مطول معه اليوم، وكعادة السوريين، الذين يعرفون كل شيء، أجبت عن سؤالي.. والواقع أن كل من دخل مدرسة سورية سوف يكره الكتب لسببين: الأول يتعلق بتصميم المدارس الهندسي الذي يشبه الإصلاحيات (حيث الأستاذ والتلاميذ في سجن واحد)، وثانياً لأن المواد التعليمة فيها تشبه الدواء المر غير المحلى بالسكر أو العسل.. وعند خلاص الطلاب من مراحلهم المدرسية سوف يُطًلق أغلبهم الكتاب، إلا إذا كانت لديه سوسة القراءة، وهذا أمر نادر، بدليل أن أفضل كتاب عندنا يطبع 3000 نسخة لـ 20 مليوناً .. وأكثر من ذلك فإن أولئك الذين لم يتأقلموا مع النظام المدرسي خرجوا من دون تعليم حقيقي وكان أغلبهم على رأس التمرد السلفي السوري، وأول ما انتقموا من المدارس، فدمروا الآلاف منها بفرح عارم..
وقد وافقني د.هزوان على ذلك، كما اتفقنا على أن إعادة الإعمار يجب أن تبدأ بتصميمات هندسية جديدة في بناء المدارس الذكية، تحقق (الراحة الحرارية والسمعية والبصرية بالإضافة إلى الشعور بالأمان) لتحسين سلوك الطلاب العدواني نظراً لما ذكرناه مقدماً من أن المدارس كما لو أنها إصلاحيات يستخدم فيها أسلوب الحفظ والتلقين بدلاً من تعليم التفكير..
وبما أن د. هزوان جاء من حقل القصة والرواية فقد وافقني أيضا على أن أفضل طريقة لتقديم منهاج ممتع ومفيد يكون عبر الحكاية التي تصوغ أغلب المواد المدرسية، حيث الحكاية هي ما يشكل ثقافة الشرقيين.. فنحن نملك 12 سنة من عمر المواطن يقضيها داخل مؤسساتنا التربوية، وهي فترة كافية لصياغته وتأهيله لدخول المستقبل بدلاً من إنتاج كاسيتات يبتلعها النسيان بعدما ينتهي الطالب من المرحلة الثانوية، باستثناء القراءة والحساب.. إن الثورة الحقيقية تكون في العلم والمعرفة وليس في اجترار المنقولات السلفية التي تنتج أجيالاً محافظة غير مؤهلة للمشاركة في سباق الأمم..

وفي نهاية اللقاء، الذي استمر ساعة ونصف الساعة، تبادلنا الهدايا، فأهداني بعض رواياته وقصصه وأهديته بعضا من كتبي وموسوعاتي، لأننا مصابان بسوسة القراءة التي لم يستطع نظامنا التعليمي تدميرها، واتفقنا أن أشاركه في اجتماعات تطوير المناهج التروية، وسأضعكم في تفاصيلها في حينه ..

نبيل صالح

التعليقات

أكيد أكيد أن تشعل شمعة خير من أن تلعن الظلام ............بس سؤال عن جد في أمل ولا كلوا شمع بشمع بيدوب وبنرجع على العتمة (الجمل): عمري أغلى من أن أضيعه والأمل يتقدمني دائما وأتبعه ولا أحبط

جميل هذا الحوار الحضاري أستاذي العزيز .. ولكن : كان هناك حملة مطالبات لاستبدال كتاب التّربية الدينيّة بكتاب للأخلاق العامّة وكنت أنت - نبيل صالح - أحد عرابيها،طبعاً هي فكرة رائعة تصدّى لها داعشيّات الحواجب السّميكة والأدمغة المتحجّرة في مجلس الجّبناء،إن كنّا نريد كتاباً للأخلاق العامّة يجب التمسّك بإلغاء كتاب التربية الدّينيّة نهائيّاً عندها سيقبلوا بكتابٍ للأخلاق العامّة ،هكذا نسدد السّهم عالياً. ولكن قبل هذا كله ،وقبل استبدال التّربية الدّينيّة ما رأيك أستاذي العزيز بالاطلاع على كتب التّاريخ واللغة العربيّة. أنا من جيل دخل المدرسة في أول الثّمانينات ،كنّا لا نكتب موضوعاً دون شاهد من أبيات شعريّة لأحمد شوقي أو المتنبي أو أبو فراس .. وغيرهم ،الآن التّلاميذ والطّلاب لا يختمون موضوعهم مهما كان مضمونه إلا بحديث نبوي !! داعش تأكلنا من الدّاخل ،نحن لا نخرّج كاستيات بل نحقن بذرة داعشيّة في نفس كل طالب والتي ما تلبث أن تنمو وتكبر مع تقدّم السّنوات الدّراسيّة ومن ثمّ تنفجر عند توفّر "المناخ الملائم" ،وهذا المناخ الملائم يتواتر على بلدنا كلّ ثلاثين أو أربعين عاما ً ضمن دورة إجراميّة دمويّة متكررة ،ولا نعلم في المرّة القادمة هل نصمد ؟؟ هذه المرة صمدنا بفضل جيناتنا السّورية وإرث حافظ الأسد ورجالاته ،مزامنةً ولحسن الحظ مع الصّعود الرّوسي والإيراني،عوامل متضافرة مجتمعة وكنّا على وشك ... ولكن في المرّة القادمة على إرث أيّة رجالات سوف نتكئ ؟؟ هذا مع الاعتبار أنّ المدارس الشرعيّة وحلقات المساجد وكليّة الشّريعة هي قضاء مبرم لا فكاك منه ولكن أن يضاف إليها مدارسنا الرّسميّة فهذا الخطر الدّاهم بعينه. كنت أتمنّى لو أنّك سألت معاليه عن ظاهرة النّقل المتفشيّة في المدارس ،هل من المعقول أنه لا يستطع ضبط الأمور ؟؟ التقيت الكثير من الأساتذة الشّرفاء الذين أسروا لي بأنهم فضّلوا الجّلوس في بيوتهم أو غرفهم على أن يكونوا شاهدين على المهزلة الامتحانيّة التي تشوّه تاريخهم وسمعتهم وعطاءاتهم. جميلٌ أنّ معاليه دعاك لحضور اجتماعات تطوير المناهج التربويّةوأتمنّى أن تذهب لغايةٍ واحدةٍ فقط وهي أن تتعرّف على السّلفي الوهّابي المسؤول عن "تطوير" منهاج الكتب الدّينيّة المدرسيّة!! إسأل عنه،إن استطعت أن تقنع معاليه بتغييره لك مني هديّة ،وهي أن أبني لك مزاراً في قريتي أحجّ إليه مرّة في كل عام وأقدّم فيه نذوري،لأنني متأكّد بأنّ معاليه وجنابكم ستفقدون كراسيكم قبل أن يُوقع قرار نقله. بالمناسبة أنصح بشدّة بمتابعة فيلم (مولانا) الذي أثار عاصفة الجّدل في مصر بعد تحطيمه شباك التّذاكر ،ولا يزال حتى اللحظة لم يحصل على الموافقة للعرض في ... لبنان !! مربط خيل السّلفيّة الوهابيّة الجديد .. كاسكم. بانتظار التّفاصيل..

تدريس مادتي التاريخ و الجغرافيا كقصص يعطي الطالب أفقاً تخيلياً و يجعل المواد التعليمية سلسة الفهم و سريعة الإستيعاب. أما تجميد النظريات و تحفيظها صمّاً دون ربطها بالتطبيقات العلمية و العملية ما يجعلها ناشفة و بدون حيوية. القراءة ممتعة و مفيدة، ولكن لنشرها أسس و أساليب مختلفة، كالتشجيع و جعلها عادة و توفير الكتب و القصص و أماكن القراءة. هذه الأسس يجب أن تكون ضمن خطة ثقافية وطنية مواكبة لتطوير المناهج الدراسية. و لكن الخطط تبقى حبراً على ورق دون إرادة منزلية مجتمعية و وطنية.. أخوكم القاضي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...