هذا ما حدث في مشفى ابن سينا

29-06-2009

هذا ما حدث في مشفى ابن سينا

توفي المريض الذي سجل أول حالة إسهال ناتج عن التسمم في مستشفى ابن سينا يوم الأحد 21/6/2009، بحسب تصريح مدير المستشفى الدكتور محمد شعبو، لكن حالة الوفاة هذه لم تأخذ بالحسبان وخاصة أن تقرير الطبيب الشرعي في مشفى دوما جاء ليؤكد أن سبب الوفاة ناتج عن توقف قلب طبيعي دون وجود أي أعراض تسمم، والمريض المتوفى من نزلاء ابن سينا منذ 25 سنة ويعاني من مرض القلب. 
 وجاءت حالات الإسهال العشرين التالية أيام الثلاثاء والأربعاء لترفع مستوى الاستنفار في المشفى وتدق ناقوس الخطر، ما دفع إدارة المشفى إلى عزل المرضى المصابين بالإسهال ومنع استخدام مياه الشرب المأخوذة من آبار محفورة داخل حرم المشفى واستبدالها بمياه معبأة في خزانات تم شراؤها فوراً.
لم تمنع مجمل الإجراءات المتخذة وفاة مريض ثان يعتقد أنها ناتجة عن قصور كلوي، وهنا يعتقد شعبو أن «الوفيات التي حدثت جاءت بمحض المصادفة فقط ولا علاقة لها بالتسمم المجهول السبب حتى اليوم فنتائج المياه جاءت مطابقة للمواصفات السورية وبقيت تحاليل الغذاء بانتظار صدور النتائج».

ينتظر مدير المشفى والمرضى المصابون بالتسمم والطاقم الإداري المستنفر جراء الحادثة نتائج التحاليل للمواد الغذائية التي أكل منها الجميع، وسجلت الإصابات لدى عشرين مريضاً فقط، ما أرجعه شعبو إلى مستوى مناعة المرضى وقابلية البعض منهم للمرض أكثر من الآخرين وخاصة الكبار في العمر حيث من الملاحظ أن المصابين بالتسمم من المسنين وخاصة في جناح النساء حيث سجل خمس إصابات مقابل خمس عشرة إصابة في أجنحة الرجال.
جميع المصابين كانوا بحالة جيدة يوم أمس وبدؤوا باستعادة السيطرة على أجسادهم فلم يعودوا إلى التبرز على أنفسهم بشكل لا إرادي وأخذوا يطالبون القائمين عليهم بالطعام والشراب، وقدم لهم طعام مخصص بحسب الحمية المتبعة، لكنهم لا يزالون تحت المراقبة.

أما عن السبب الكامن خلف حالات التسمم فأرجعه شعبو أول الأمر إلى مياه الآبار التي كان من المفترض التخلي عن استخدامها مباشرة خلال الأيام القليلة القادمة وخاصة بعد بناء محطة تحلية وخزان مركزي خاص بالمشفى، وبعد صدور نتائج التحاليل بعدم تلوث المياه لا ينفي وجود أي مسبب آخر وذكر مثلاً أنه يوم الأحد ومن بين المساعدات الواردة إلى المشفى من الأهالي كانت وجبة غداء من اللحم «الصفيحة» لم يتم فحصها أو الاطلاع عليها، وهذا الاحتمال قليل الحظ أمام غيره.

ما سبق لا ينفي حاجة المستشفى إلى مياه شرب نقية من الشبكة العامة التي لم يوفق شعبو منذ تسلمه المستشفى من نحو خمس سنوات، في تأمينها وبقيت مياه الشرب من الآبار، «ما دفعنا للاعتماد على قدراتنا الذاتية فأحضرنا محطة تحلية للمياه وبنينا خزاناً يكفي أكثر من قرية بسعة 100 متر مكعب» والكلام لشعبو. أجريت الدراسات وأحضرت المعدات اللازمة ويتم العمل اليوم على تمديد شبكة مياه جديدة، تكلف إضافة لمحطة التحلية قرابة 7 ملايين ليرة سورية، وسيتم افتتاح المحطة في الأيام القليلة القادمة بحسب تصريح شعبو.
وبالطبع ليست المياه هي المشكلة الوحيدة، فبناء المستشفى قديم جداً ومنه ما يعود إلى العهد الأيوبي، وأحدث أبنيته شيد عام 1945، لذا أجريت دراسة لإنشاء المزيد من المباني بناء على مواصفات خاصة فبناء مستشفى للأمراض العقلية يجب ألا تكون فيه زوايا أو نتوءات في الجدران أو نوافذ قابلة للكسر أو قريبة من الأرض وغيرها من المواصفات التي تسببت بتأخير المشروع بحسب شعبو.

توسيع المستشفى جاء تلبية للضغط الكبير الذي يتعرض له فعدد نزلائه يتجاوز سبعمئة نزيل في حين لا تتعدى طاقته الاستيعابية 200 نزيل، أي بزيادة 500 مريض تضاف مشكلاتهم من سد بلاليع، كسر زجاج النوافذ، تمزيق بدلاتهم، والتبول بشكل لا إرادي ما يمنع إمكانية المحافظة على النظافة دائماً.
وبمقارنة بسيطة مع عدد الممرضين وعمال النظافة العاملين في المشفى، يتضح وجود ممرض وعامل نظافة واحد مقابل خمسين مريضاً، فعدد الممرضين 107 وعمال النظافة 85، أما الأطباء الاختصاصيون فأقل بكثير من حاجة المشفى فهم لا يتجاوزون الأربعة عشر طبيباً، مقابل 18 جناحاً في المشفى منهم ثلاثة للنساء وواحد للأطفال وثلاثة أجنحة احترازية، والباقي للمرضى الرجال العاديين، والجناح الاحترازي فيه من ارتكبوا جرائم قتل أو حاولوا ذلك وتوقفت محاكمتهم وأحيلوا إلينا، وفيه نحو 140 نزيلاً.
النزلاء الاحترازيون يقعون في رأس سلم النزلاء من حيث الخطورة وهناك أيضاً نحو 100 مريض تخلف عقلي شديد وهم يأكلون برازهم وأي شيء يقع تحت أيديهم، ولضعف المشفى الخدمي تم وضعهم مع بقية المرضى، رغم الحاجة إلى فصلهم عنهم، وهذا ما أكد حاجة مشافي الأمراض العقلية إلى أعداد كبيرة من الممرضين وعمال النظافة.
لا يطلب أي ممرض أو عامل نظافة أو طبيب نقله إلى مشفى ابن سينا فهذا الأخير بحسب شعبو كان عبارة عن منفى فأي «ممرض أو عامل نظافة سيئ كانوا يرسلونه إلى هنا كعقوبة، ما خلق نوعية غير متزنة ولكن مع الإصرار والتواصل معهم أصبح الوضع أفضل تقريباً، وخاصة بعد حصولهم على طبيعة عمل 85%».
يضاف إلى المشكلات السابقة التكلفة العالية لإقامة مريض ابن سينا والتي تقدم مجاناً، فكل نزيل يكلف المشفى من 1000 إلى 1200 ليرة يومياً تشمل الإقامة والطعام والدواء واللباس، ويحوي المشفى نزلاء من عمر ست سنوات وحتى 92 سنة.
وبهدف تخفيف الضغط على عمال وممرضي المشفى تم إيجاد ما يسمى الإجازة للمريض تسمح لأهله بأخذه معهم وإعادته يوم يشاؤون، ورغم أنه حل تشجيعي ويساعد على شفاء الحالات القابلة للشفاء بحسب شعبو إلا أنه لم يلق رواجاً كبيراً لدى الأهالي.

جابكر بكر

المصدر: الوطن السورية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...