(نساء سورية).. بيبلوغرافيا لأنوثة فاعلة في الحياة السورية

27-04-2009

(نساء سورية).. بيبلوغرافيا لأنوثة فاعلة في الحياة السورية

هل هي الأقدار من زجّت بأولئك النساء السوريات في معترك الحياة العامة، أم أنّ تلك الفاعلية التي تمتّعت بها الكثيرات هي نتيجة خيارات حرّة، من حيث تطوّر الحياة الاجتماعية في سورية في الحقبة التي سمحت لأولئك النسوة بالقفز إلى خطوط المواجهة الأولى في حركة الشعب السوري ونضالاته في مواجهة العقبات التي واجهته في مختلف المراحل؟. هذا السؤال الاعتيادي في المجتمعات الشرقية لن يكون اعتيادياً إذا ما جاز وصف المجتمعات العربية، والمجتمع السوري جزء منها، على أنّها مجتمعات ذكورية بجدارة في كثير من جوانب حياتها اليومية حتى هذه اللحظة.

(نساء سورية) الصادر عن الهيئة السورية لشؤون الأسرة، بتوقيع مجموعة من الكتاب السوريين، وتحرير نبيل صالح، يحمل في السير الذاتية والحياتية للشخصيات النسائية التي اشتمل عليها الجزء الأول من الكتاب، إجابة قد تكون موازية لإجابة ما عن هذا التساؤل.
عشرون كاتباً وكاتبة شكّلوا ورشة عمل لإنجاز هذا الكتاب التوثيقي والمرجعي، بالاعتماد على مصادر متفرقة، منها مجموعة من الكتب والدراسات أو الحوارات التي أنجزها صحفيون وكتاب سوريون من منطلقات ذاتية في مراحل مختلفة، تبعاً للمناخات الثقافية السائدة في كلّ مرحلة. أمّا (نساء سورية) فإنّه يأتي ليكون أشبه بمرجع حقيقي يشكل خارطة لمن تصحّ عليهنّ تسميات من قبيل «أضاحٍ في سبيل تطوّر واقع المرأة في سورية».
 بالطريقة نفسها التي أنجز فيها نبيل صالح مشروعه السابق «رواية اسمها سورية - مئة شخصية أسهمت في تكوين وعي السوريين في القرن العشرين». تمّ تشكيل لجنة لتتفق على الأسماء التي سيشتمل عليها الكتاب، حيث يشير نبيل صالح في التصدير، الذي استهلّ به الكتاب، إلى أنّ «نساء سورية» يحوي أسماء سيّدات «أنجزت تجربتهن واكتملت».
نقرأ في (نساء سورية) عن ماري عجمي (1988 - 1965) الشاعرة صاحبة مجلة (العروس) والناشطة الاجتماعية والسياسية. ولن تكون عادلة الجزائري، ونديمة المنقاري، والأديبة إلفة الإدلبي، وثريّا الحافظ، وسلمى الحفار الكزبري، مجرّد أسماء عابرة. إنّ في سيرتهنّ قيامة لعنقاء الأنوثة السورية. من رماد البطريركية الذكورية، ومحاولات الفحولة المستمرة في إقصاء المرأة عن الفعل الإنساني المرتبط بالمعارف.
كما نقرأ في الكتاب، الذي تبلغ صفحاته أربعمئة صفحة، عن خالدة سعيد (1932) بقلم خضر الآغا. فالنّاقدة الفذّة التي تشكل معلماً أساسياً من معالم حركة النقد العربية، والكائن المتوتر، هي من القلّة الذين أرّقهم البحث عن «النار الأولى التي احترق الشاعر بها»، وهي من القلّة الذين أخلصوا لهذا البحث حتى هذه اللحظة. وأسهمت في ضبط مفهوم الكتابة النسائية في أثناء النزاع المفاهيمي الذي طاول ما تكتبه النساء، والذي انقسم بين مطالبة بتبنّي مشاكل المرأة في الكتابة، وبين الداعين إلى لغة خاصة تميّزها عن كتابة الرجال. ونتوقف أيضاً عند سنية صالح (1935- 1985) العمود الفقري للقصيدة الأنثوية السورية، وصاحبة الآلام التي تضارع آلام ليليت وعشتار والتي وصفها أدونيس بأنّها «قد تكون أهمّ شاعرة عربية في الخمسين سنة الأخيرة».
وبقلم سعاد جروس نقرأ سيرة د. نجاح العطار (1933) فتاة الصف الرابع الابتدائي، التي حرضت في يوم من الأيام طالبات مدرسة التطبيقات في حيّ الروضة على مظاهرة، احتجاجاً على سلطة الانتداب الفرنسي بداية الأربعينات. والتي ستصبح فيما بعد وزيرةً للثقافة، كانت من المراحل التي مرّت فيها الوزارة بأكثر الأدوار إشراقاً وإنماءً على صعيد تطوير الوعي السوري بثقافته الوطنية وبالثقافة العالمية ككلّ. كما نستكشف في ما قامت سعاد جروس بإعداده، الكثير من الجوانب التي أسهمت في تكوين شخصية العطار الفريدة، والتي قادتها إلى أن تكون نائبة للسيد رئيس الجمهورية، واسهاماتها في الثقافة السورية من هذا الموقع.
ونقرأ أيضاً عن كوليت خوري، مستشارة الرئيس، والأديبة، والمرأة التي تشبه قارّة للأنوثة، والمتمردة التي غيرت الوجهة التي تسير فيها الأمور على صعيد الكتابة والسلوك التحرّري. يقول حسن حميد: إنّ كوليت خوري «نذرت نفسها أدبياً وإبداعياً من أجل ثلاثة أمور هي: الإبداع الأدبي والمرأة والوطن».
أهمّ ما في الكتاب هو تلك المفاصل التي تستعرض التاريخ السوري الحديث من خلال سير ذاتية، كما في سيرة وصال فرحة بكداش (1930)، التي يمكن اتخاذها وثيقةً حقيقية متعلقة بالحزب الشيوعي السوري، والأزمة التي ألمّت بهذا الحزب والانشقاقات التي عصفت به، والتي جعلت أحد أهمّ الأحزاب العربية واقعاً في «خانة اليك» في الصفوف الخلفية. أميمة دياب أحاطت بالظروف التي صنعت وصال بكداش، والتي جعلتها أمينة عامة للشيوعي السوري، من خلال علاقتها بأحدّ أهمّ رجالات سورية خالد بكداش.

معدّو الكتاب: انتصار أدهمي، نعمة خالد، إنصاف حمد، نوال يازجي، أمامة الأحمد، ندوة النوري، أميمة دياب، هناء الطيبي، بديعة الجزائري، حسن حميد، ديمة ونوس، خضر الآغا، روزا ياسين حسن، سعد القاسم، سعاد جروس، عقبة زيدان، سمر يزبك، غسان الرفاعي، عزيزة السبيني، محمد منصور، نبيل صالح.

قيس مصطفى

المصدر: بلدنا
 

ملاحظات على هامش حفل إطلاق كتاب «نساء سوريا»

«نساء سورية» جهد كبير في ترسيخ دور المرأة وتعزيزه

إطلاق كتاب «نساء سورية»

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...