منجمو التلفزيون يروعون المجتمع اللبناني

03-01-2007

منجمو التلفزيون يروعون المجتمع اللبناني

أطل «المنجمون» على الشاشات اللبنانية الصغيرة بكثرة في الليلة الأخيرة من السنة التي ودّعناها للتوّ، وراحوا يتوقعون كل على طريقته ما سيحصل في السنة الجديدة من أحداث ووقائع. والمشاهدون اللبنانيون في لبنان والخارج، الذين مكثوا في بيوتهم ليلة رأس السنة وتابعوا هؤلاء «المنجمين» شعروا بما يشبه الصدمة، فالتوقعات التي باحت بها الأفلاك والنجوم لـ «المنجمين» يغلب عليها طابع سلبيّ جداً، والسنة التي دخلناها ستكون بحسب هؤلاء حافلة بالمفاجآت غير السارة، لا سيما لبنانياً. وظاهرة «التنجيم» التلفزيوني هي لبنانية أصلاً إذ نادراً ما نشاهد على الفضائيات العربية «منجمين» أو «منجمات» يقرأون «الغيب» ويتوقعون.

عشية انصرام السنة 2006 بدا المنجمون والمنجمات اللبنانيون وكأنهم يتسابقون على «ترويع» المشاهدين بما يتوقعون حصوله وراح بعضهم يستفزّ المشاهدين في رد فعل على النقد الذي وجّه إليهم لعدم تحقق ما توقعوه السنة الفائتة. وتحدى أحدهم المشاهدين فسمى بعض الأشخاص في السياسة والإعلام والفن، وكانت هذه «التسمية» محرجة جداً – كما أتصوّر – لبعض الأسماء خصوصاً العائلة الرحبانية – أمدّ الله بعمر منصور الرحباني – أو عائلة غانم المعروفة إعلامياً عبر شاشة «المؤسسة اللبنانية للإرسال» – أبعد الله الشر عن مارسيل وجورج ودوللي -، ناهيك بالشخصيات السياسية المعروفة. والمفاجئ هذه المرة «تحيّز» بعض «المنجمين» الى أحزاب دون أخرى وإلى أسماء دون أسماء، ما جعل فعل «التنجيم» مسيّساً، وهذا ليس مستغرباً في لبنان حيث السياسة لا توفّر حتى الألوان.

لعلها المرة الأولى يبلغ «التنجيم» التلفزيوني حد التعيين والتسمية متجاوزاً مبدأ التخمين أو التوقّع. وهذا ضرب من ضروب العبث ليس بمصير جماعي بل بمصائر شخصية. فلان سيتعرّض لمحاولة اغتيال لكنه سينجو، وعلاّن سيتعرّض ولن ينجو... وتوقع أحدهم أحداثاً سيواجهها سياسيون معينون وكأنه يؤدي دور العالم بالغيب والواثق كل الثقة بما يقول به.

خاف الكثيرون من المشاهدين وتخوّفوا من السنة الجديدة. ومن هؤلاء مثلاً والدتي التي اتصلت بي متوجّسة وسألتني: هل سيحصل حقاً ما توقع به «المنجم» الفلاني؟ حتى شقيقتي اتصلت من كندا تسأل عن هذه «التوقعات» التي تفوق أي توقع. تُرى هل أصبح «التنجيم» طريقة لإخافة الناس ليلة رأس السنة؟ وهل أضحت المبالغة في التوقعات وسيلة لتحقيق الانتصار في معترك التنجيم وجذب الجمهور؟

طبعاً لم تغب كتب الأبراج عن الشاشات الصغيرة وعمدت بعض المؤلفات في هذا الحقل الى التنقل بين شاشة وأخرى في الليلة نفسها، مثلما تفعل «المطربات» و «الرقاصات» متنقلات بين مطعم وآخر. وكل مؤلفة أشادت بكتابها وتوقعاتها الفلكية، مع أنهن جميعاً ينقلن التوقعات من المراجع الغربية المعروفة. وتباهت إحداهن بأنها توقعت أن النار ستشتعل في شهر «تموز» مشيرة الى الحرب التي شنتها إسرائيل.

ولعل المذيعين والمذيعات الذين يستقبلون «المنجمين» و «الفلكيات» لا يحاولون توجيه ضيوفهم أو مناقشتهم ومخالفتهم في الرأي كما يجب، بل هم يتركون لهم الكلام مثنين عليهم وعلى قدراتهم الخارقة.

إنها أكاذيب، أكاذيب ولو صدقت في أحيان قليلة، ويستطيع أي مواطن لبناني يرى ويشاهد ويتابع ما يحصل في وطنه الآن، أن يختلق مثلها من دون أن يراجع الأفلاك والنجوم أو يقرأ الغيب!

عبده وازن

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...