من يتذكر مؤسسة اسمها (الاستهلاكية)

26-12-2006

من يتذكر مؤسسة اسمها (الاستهلاكية)

أحدثت المؤسسة العامة الاستهلاكية في عام 1965، وباشرت مهامها في العام الذي تلاه لتحقيق أهداف هامة منها: تأمين وتوزيع المواد التموينية الأساسية بالكميات والأوقات المناسبة.
 وتنفيذ سياسة الدولة في تحديد الأسعار وتحقيق استقرارها، وقد مرت المؤسسة خلال مسيرة عملها بعدة مراحل تقدمت في أولها وتراجعت في آخرها.
وفي عام 2000 صدر مرسوم دمج الشركة العامة للأحذية والشركة العامة لتجارة التجزئة بالمؤسسة العامة الاستهلاكية، بحيث تمارس الأخيرة نشاطها ونشاط الشركتين الأخريين متيحاً لها من أجل تحقيق أغراضها تأمين المواد والسلع من جميع القطاعات واستيرادها وبيعها لحسابها مباشرة أو بالعمولة لحساب الغير، وكذلك تصدير المواد والعمل كوكيل تجاري وغير ذلك. وطبعاً ما كان ذلك إلا لكي تنهض المؤسسة من جديد وتأخذ دورها المأمول منها، لكن ذلك لم يحدث إلى الآن إلا بنسب محدودة وذلك نتيجة وجود العديد من الصعوبات التي تعترض عمل المؤسسة وتجعلها على المحك تجاه المنافسة الشديدة..
في المادة التالية نعرض لتلك الصعوبات ونأخذ مثالاً فرع الاستهلاكية بدمشق ونلتقي مديره السيد زهير نعمو.
- بالسؤال عن واقع عمل فرع دمشق، ذكر مديره ان منافذ البيع تنتشر في كافة الأحياء والأسواق التجارية بمدينة دمشق، وتتألف من /6/ مجمعات كبيرة، و/13/ صالة نموذجية، و/71/ مركزاً لبيع المواد المقننة، و/3/ صالات لبيع الأحذية والجلديات، و/6/ مراكز مخصصة للبيع بالجملة، ويحرص الفرع على استمرار المنافذ بالعمل خلال العطل الرسمية لتوزيع المواد المقننة من سكر وأرز على المواطنين، كما يركز على المهمة الأساسية للمؤسسة كقطاع عام ألا وهي خدمة المواطن وتحقيق التوازن للأسعار في السوق وطرح السلع بعيداً عن الغش وتوفير كل ما يحتاجه المواطن من مواد غذائية وكهربائية ومنظفات وأدوات مكتبية بأسعار منافسة وحسب المواصفات القياسية السورية، حيث تخضع كافة المواد للتحليل والمراقبة بالمخابر المختصة، وبذلك تكون منافسة من حيث النوعية والجودة والسعر.

- تكونت لدى المستهلكين أفكار في السابق مفادها ان دور الاستهلاكية لا يتعدى توزيع المواد المقننة وفيها مواد مثل الألبسة لا تماشي الأذواق والموديلات الحديثة قياساً مع مثيلاتها في السوق، ولدى سؤال مدير الفرع عما إذا كانت تلك الأفكار ما زالت تنطبق على الوضع الحالي، فأجاب بتوجيه دعوة للمواطنين لزيارة منافذ بيع المؤسسة، وخاصة صالة بيت الطفل في بوابة الصالحية والصالات في باب توما والعديد من المنافذ الأخرى، مؤكداً انهم سيجدون ان تلك الأفكار صارت من الماضي، والصورة الآن تغيرت بشكل كامل، حيث أصبحت الألبسة من الموديلات الحديثة وبجودة متميزة وألوانها وصناعتها تناسب سعرها أصحاب الدخل المحدود، ومثال آخر غير الألبسة فالأحذية النسائية والرجالية والولادية من حيث الجلد والصناعة هي من أجود الأنواع، ومن يزور صالات الأحذية وخاصة في الصالحية يلتمس ذلك، مع الإشارة إلى ان المؤسسة فتحت الأبواب للتعامل بالأدوات الالكترونية الحديثة مثل الكمبيوترات وملحقاتها وأجهزة الموبايل وغير ذلك من الأدوات المنزلية الكهربائية الحديثة جداً، ويمكن الشراء بالتقسيط للعاملين في الدولة وبتسهيلات تحظى بالقبول والرضا.

- وبالسؤال عن مدى تنفيذ خطة المبيعات لهذا العام، بيّن مدير فرع دمشق ان هناك انخفاضاً في كتلة المبيعات، حيث بلغت المبيعات الفعلية في فرع دمشق خلال الأرباع الثلاثة الأولى من العام الحالي /687.619.949/ ل.س، في حين كانت المبيعات المخططة للفترة نفسها /975/ مليون ل.س بنسبة تنفيذ قدرها 71٪، وبالسؤال عن سبب ذلك أشار نعمو انه فيما سبق كانت جهات القطاع العام قاطبة تؤمن كافة احتياجاتها من المواد عن طريق الاستهلاكية، لكنه وفي العام الفائت صدر قانون يقضي بإمكانية جهات القطاع العام تأمين احتياجاتها من المواد بسقف /100/ ألف ل.س من أية جهة، وذلك تسبب في ان لجان الشراء في القطاع العام أخذت تلجأ إلى تجزئة العقد المفترض ان يبرم لشراء مواد قيمتها أكثر من /100/ ألف بما يمكنها شراء المواد من القطاع الخاص بدلاً من العام، فمثلاً المواد المراد شراؤها بـ /500/ ألف يتم شراؤها بخمس فواتير، وهذا الإجراء الذي تقوم به لجان الشراء يفوّت الفرصة على الفروع والجهات المسوقة في القطاع العام لتحقق رقم مبيعات جيداً، إضافة إلى فوات نسبة الربح التي تنعكس على العاملين من حيث الرواتب والحوافز والمكافآت، وبالمقابل تذهب نسبة الربح هذه بايراد إضافي إلى البائع (التاجر) في القطاع الخاص، والأمل ان تتم إعادة النظر بهذا القانون وإلزام جهات القطاع العام كما كان عليه الحال سابقاً بالشراء من منافذ القطاع العام، علماً ان في ذلك ضمانة للجهة المعنية بالشراء من حيث الجودة والسعر.

- إن السوق الداخلي أخذت تغص بالمواد والسلع على مختلف أنواعها والتي تتفاوت أسعارها بحيث يجد المستهلك ما يلائمه، أو بالأصح ما يناسب دخله، وهذا يجعل المؤسسة أمام تحدي المنافسة، فهل هي قادرة بواقعها الحالي ان تجاري السوق وتنافس بما يدفع المستهلك إلى الإقبال على الشراء منها..؟!.
ولدى السؤال عن ذلك، أجاب مدير فرع دمشق: ان الفرع يعاني مع بقية فروع المؤسسة وجهات القطاع العام التسويقية الأخرى من المنافسة والمضايقة السعرية في السوق الذي أصبح رهينة العرض والطلب، وهذه المعاناة لا يمكن رفعها إلا من خلال تثبيت الأسعار في السوق لأن حالة الفلتان السعرية هي السبب الرئيسي في تلك المعاناة، أضف إلى ذلك ان الذي خلق عدم التوازن في المنافسة هو ان القطاع الخاص يستطيع الإفادة من التهرب الضريبي بطرق مختلفة، بينما القطاع العام ليست لديه وسيلة واحدة للتهرب الضريبي، وتضطر المؤسسة إلى دفع الضرائب والرسوم على كافة مبيعاتها وعقودها، لكن ما تجدر الإشارة إليه هنا ان المنافسة تكون أحياناً على حساب الجودة التي تحرص المؤسسة على ان تكون ضمن المواصفات القياسية المعتمدة عبر أخذ عينات بشكل دوري من المواد والسلع وتحليلها في مخابر عامة معتمدة، وكثيراً ما نسمع ان مواد غذائية مطروحة في الأسواق تم سحبها نتيجة عدم صلاحيتها للاستهلاك البشري أو عدم مطابقتها للمواصفات، وهذه الحالة لم تحصل في منافذ بيع المؤسسة.

- وأضاف مدير الفرع: هناك معاناة أخرى تتمثل في ان فرع دمشق كغيره من الفروع يعاني مسألة استجرار مواد من إنتاج القطاع العام، مثال ذلك بيرة بردى، حيث لا تجدها في منافذنا، وهذا السؤال نترك الإجابة عنه لشركة بردى ، علماً ان هناك محاولات عديدة جرت لاستجرار هذه المادة والتعهد بأن يكون إنتاج المعمل كاملاً بعهدة الاستهلاكية، لكن هذا الموضوع فشل من قبل المعنيين في المعمل، علماً انك تجد المادة متوفرة لدى القطاع الخاص من مطاعم وغيرها، وبالمقابل مفقودة في منافذ المؤسسة التي لم تقصر في تسديد الالتزامات المالية لشركة بيرة بردى، وكذلك الأمر بالنسبة لشركة الألبان بدمشق في الغوطة، حيث لا تورد المادة بشكل متتابع وتحدث حالات انقطاع وانكماش، أيضاً هناك معاناة من استجرار مادة الغاز من شركة الغاز رغم انه تمت مؤخراً محاولات لتكون وتيرة تعبئة اسطوانات الاستهلاكية بقصد بيعها للمستهلك عبر السيارات الجوالة أعلى وبشكل يومي، علماً ان ذلك ينعكس إيجاباً من حيث تقديم الخدمة المطلوبة للمواطن والمناطة بوجود هذه المؤسسة، ومن حيث انعكاسه على كتلة المبيعات مع نسبة ربح هامشية محققة لصالح الفرع، أضف ان ذلك يسهم في توازن الأسعار وكسر الاحتكار حال وجوده.
- كما ذكرنا في المقدمة فإن مرسوم الدمج لعام 2000 خوّل المؤسسة بالاستيراد، لكن على مايبدو ان ذلك لم يتحقق حتى الآن، وبالسؤال عن المنعكسات السلبية لذلك، بيّن مدير فرع دمشق بأن الاستيراد لو تم وعلى سبيل المثال للأغذية وألبسة الأطفال لكان الاستقرار السعري في السوق الداخلية أكثر، ولتم بالتالي استقطاب شريحة واسعة من المستهلكين، وخاصة من ذوي الدخل المحدود.. وتساءل مدير الفرع: لماذا يقوم القطاع الخاص باستيراد مثلاً نوع أو أكثر من الزيوت أو المعلبات، مثل الطون أو السردين ولا تقوم الاستهلاكية باستيراد أية مادة مما ذكر، ولماذا لا يسمح للمؤسسة باستيراد السكر مباشرة لطرحه بالسعر الحر في السوق، علماً ان ذلك يعني كسر الاحتكار وتوازن الأسعار وضمان جودة المادة وفق المواصفة القياسية السورية، خاصة وان المؤسسة تأتي بتلك المواد عن طريق التجار، والأولى ان تقوم المؤسسة بنفسها باستيراد تلك المواد مباشرة مما يحقق ايراداً وربحاً معقولين ويجعل المنافسة عادلة، وبالتالي يناسب السعر أصحاب الدخل المحدود، فمثلاً علبة الطون تباع بـ /35/ ل.س ولو عبئت مثلاً في تايلاند لصــــالح المؤسســــة وعرضت في منافذها فستكون بـ/25/ ل.س، وكــــذلك الســـكر فإذا استـــــوردته المؤسسة من السوق الاوروبية بضمانة الـــدولة فيمكن ان يأتي بسعر منافس، وقد يصل للمستهلك بسعر /20/ ل.س بدلاً من /30/ ل.س.

- أشار مدير فرع دمشق انه يتم توزيع مادة السكر المحلي على القسائم للمستهلك وهي مادة من النوعية الجيدة جداً، وفيها أعلى درجات الصحة، لكن الكيس الخام الذي تعبأ به هو من النوع الرديء جداً وخياطته أكثر رداءة، مما يسبب وجود (هراره) سكر في أرض المستودع أو السيارة الناقلة أو في منافذ البيع بكميات كبيرة لا تصلح لإعادة التعبئة والبيع للمواطن كونها قد أصابها الكثير من الشوائب، وبالتالي فقدت سلامة المواصفة القياسية السورية، ويترتب على ذلك أيضاً تحقق رقم يشكل خسارة مالية على الفرع وعلى الخزينة المركزية على حد سواء، والمطلوب هنا ان تكون الشوالات الي تعبأ بها مادة السكر المحلي من الأنواع الجيدة لجهة القماش والحياكة، خاصة وان مثيله المستورد تجده من أجود الأنواع وضمن القماش يوجد كيس نايلون وحياكته متقنة ولا تضيع أية كمية.

- وبالسؤال عن سبب إقبال المواطن على المواد من إنتاج القطاع الخاص علماً ان هناك مثيلاً لها من إنتاج العام لا يلقى الإقبال نفسه، بيّن نعمو ان هناك معاناة من ان إنتاج الكونسروة المحلية وخاصة البسكويت ليس بالمستوى المطلوب لجهة التعبئة والتغليف اللتين ما زالتا من الأشكال القديمة ولا تجد لدى المستهلك الرغبة بشرائها مقارنة بمثيلاتها المحلية أو المستوردة، وذلك يحدث رغم ان المنتج لدى القطاع العام هو الأجود والأحسن والأضمن صحياً، لكن تجب إعادة النظر بالعبوات وشكلها وتغليفها بحيث تكون ملفتة ومشوقة ومرغوبة للمستهلك.

- ومن الصعوبات التي تعترض العمل، قدم اسطول الشحن لدى المؤسسة، وقد ذكر مدير فرع دمشق ان ذلك يرتب كثرة في نفقات الإصلاح على الآليات، وهذه النفقات تستهلك الإيرادات بالتقابل، وطبعاً كثرة الإصلاحات سببها ان هذا الاسطول الذي يقوم بنقل المواد من المستودعات إلى منافذ البيع أصبح عمره الزمني مستهلكاً والإنتاجية تكاد تكون معدومة لولا عملية الإصلاح المستمرة، والأمل بأن يتم ضغط هذه النفقات عبر تأمين اسطول جديد، علماً انه أحياناً يجري تنزيل محرك (عمرة) يمكن بها شراء آلية شاحنة جديدة ومن موديل حديث جداً، بما ينعكس فائدة على العمل ويوفر تكاليف إصلاح لسنوات لاحقة عديدة، ونورد هنا مثالاً آخر حيث يوجد في فرع دمشق /4/ ميكروباصات لنقل العمال، ودائماً هناك نفقات على إصلاحاتها وقد كلفت عمرة ميكرو واحد /270/ ألف ل.س، وقد تكون كافية لشراء ميكرو جديد أو أكثر من السوق الحرة، اي ان الاستبدال لها غدا ضرورة لضغط النفقات وتيسير العمل، وذلك أسوة بجهات أخرى من القطاع العام كانت زودت بميكروباصات جديدة.

- وبالسؤال عن كادر العمل في منافذ البيع، خاصة وانه ترد أحياناً شكاوى من سوء معاملة البعض أو عدم توفر اللباقة والأسلوب المطلوبين في عملية البيع، ذكر نعمو انه بالنسبة لكادر العاملين فلا شك ان غالبيتهم يبذلون جهوداً طيبة لتقديم خدمة متميزة للمستهلك، لكن البعض أصبحت لديه خدمة تزيد عن الـ /25/ عاماً وبشهادات علمية مقبولة، وحبذا لو تم رفد الفرع بعناصر ذات كفاءة أعلى، وان يكونوا في مقتبل العمر، وبالأخص البائعين، وركّز نعمو هنا على البائعات كون هناك مجمعات وصالات تحتاج إلى بائعات لهن المظهر اللائق والأسلوب المتميز في البيع بما يبعث على الارتياح، إضافة إلى ضرورة رفد الفرع بشهادات علمية وخاصة اختصاص تجارة واقتصاد، كون هناك أعمال محاسبية كثيرة وهامة تعد ركيزة أساسية في الفرع، خاصة وان الكادر الموجود حالياً أغلبه فئة ثانية.
- لا شك ان ما تقدم جملة من القضايا الهامة التي تستحق التوقف عندها واتخاذ الإجراءات الكفيلة بحلها إذا أردنا للمؤسسة العامة الاستهلاكية ان تستعيد دورها في السوق بعد سنوات من الجمود، والأهم كشف ما يدور في الكواليس بشأن قيام لجان الشراء بتجزئة عقود الشراء بسقف أكثر من /100/ ألف ل.س للتهرب من الشراء من القطاع العام والتوجه إلى القطاع الخاص، وطبعاً ذلك لا يحتاج إلى اجتهادات، فالمنفعة الخاصة هي محور الموضوع لكن تبقى الحاجة إلى ضرورة محاصرة هذه الظاهرة الشاذة وإلزام جهات القطاع العام بالشراء من الجهات التسويقية للقطاع نفسه حال توفر المادة المطلوبة، كما لا بد من التدقيق في أسباب احجام معمل بيرة بردى عن تخصيص الاستهلاكية ولو بجزء من إنتاجه، وتخصيص إنتاجه للقطاع الخاص وبالتحديد لأناس محدودين يقومون هم بتوزيعها، والهام أيضاً السماح للمؤسسة بالاستيراد مباشرة بدلاً من شرائها لمواد مستوردة من السوق الداخلي بسعر لا تستطيع ان تنافس به، ومن المقترحات ضرورة توجيه الجهات المنتجة في القطاع العام بضرورة تحسين مواصفات إنتاجها، وخاصة لجهة التغليف والتعبئة وتخفيض تكاليف الإنتاج للوصول إلى السعر المنافس في السوق، وضرورة تحقيق العدالة الضريبية بين العام والخاص لتأمين منافسة شريفة، وتجديد وسائط النقل وخاصة السيارات الشاحنة، وتأمين الكادر المحاسبي المتخصص، والبائعين ممن يليقون بهذا العمل من حيث الشكل والأسلوب واللباقة.

وليد الزعبي

المصدر: البعث

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...