مصادرة كتاب جمال البنّا: محاكم تفتيش في الأزهر

16-06-2008

مصادرة كتاب جمال البنّا: محاكم تفتيش في الأزهر

لا جديد. أخبار المصادرة صارت أمراً اعتيادياً في القاهرة. إلا أنّ اللافت هذه المرّة أنّ الضحيّة هي شيخ، فيما المعتدي هو المؤسسة الدينية نفسها! ففي الوقت الذي كان فيه شيخ الأزهر محمد سيد طنطاوي يصرّح يوم الجمعة الماضي أنّ الأزهر لا يملك أن يصادر أيّ كتاب، وكل ما يملكه هو إبداء الرأي فيه، كان مجمع البحوث الإسلامية التابع للأزهر يصدر قراره بمصادرة كتاب «المرأة المسلمة بين تحرير القرآن وتقييد العلماء» للشيخ جمال البنّا.
المثير للدهشة أنّ الكتاب الذي يتناول قضية الحجاب في الشريعة الإسلامية، صدر منذ أربع سنوات وطُبع أكثر من مرة في مصر. لكن ما فجّر الأزمة هو تصدير الكتاب إلى الكويت. إذ طلبت شركة الشحن التي تتولّى تصدير الكتب، موافقةَ المجمع على ذلك. وهو تقليد قانوني تتبعه السلطات المصرية بشأن المطبوعات الدينية التي تُصدَّر إلى خارج البلاد، فإذا بالمجمع يصدر قراراً بمصادرته.
من جانبه، أبدى البنّا دهشته من قرار المصادرة، قائلاً «لا أفهم حتى الآن كيف تتدخّل سلطة مجمع البحوث الإسلامية في الكتب التي تُصدَّر إلى الخارج، رغم توافر هذه الكتب في السوق المصرية». وقد اعتبر البنا أن ما حدث يعيد إلى الأذهان «ممارسات الكنيسة الكاثوليكية في القرون الوسطى، وهذا أمر مرفوض شكلاً وموضوعاً، وعار على مصر».
وأضاف البنّا أنّه قرر إقامة دعوى قضائية أمام مجلس الدولة، مطالباً بإعادة الكتاب المصادر إلى التداول، ووقف سلطة مجمع البحوث على حرية الفكر.
من جانبه، صرّح عبد المعطي بيومي عضو المجمع أنّ «البنّا يتعامل مع تلك القضايا على أنّها موضوعات بحثية وليست رأياً شخصياً، وهذا خطأ لا يمكننا أن نغضّ النظر عنه. فمهمتنا الأولى والأخيرة أن نحافظ على الثقافة الإسلامية، ونستبعد التحريف سواء في آيات القرآن الكريم أو في السنة النبوية».
والمعروف أنّ جمال البنّا (1920) هو الشقيق الأصغر لمؤسس جماعة الإخوان المسلمين، وتثير كتاباته جدلاً كبيراً داخل المؤسسة الدينية الرسمية، لكونه يدعو إلى تجديد الفقه، وتنقية الأحاديث النبوية الواردة في كتب الصحاح. وقد أدّت آراؤه في العديد من المواضيع إلى تأليب المؤسسة الدينية عليه. إذ يرى أنّ المرأة أحق بالإمامة من الرجل إذا كانت أعلم بالقرآن، بينما يعتبر أنّ الحجاب ليس فرضاً، وأنّ القرآن الكريم خصّ به نساء الرسول محمد، وأنّ التحوّل من الإسلام إلى اليهودية أو المسيحية ليس كفراً... وأنّ التدخين أثناء الصيام لا يبطل الصوم، وخصوصاً للعاجزين عن الإقلاع عنه.مخاوفهم من القرار الذي قد يؤدي بمدبولي ــــ وهو أشهر موزِّع كتب في مصر ــــ إلى التوقّف عن توزيع كتب أخرى من شأنها أن تخضع لمعايير المنع الاعتباطيّة والمتعددة في مصر هذه الأيام... ومع أنّ بعضهم رأى أنّ القرار “شأن خاص بصاحبه”، فإن أهل الفكر والإبداع في القاهرة عموماً، رأوا أنّ هذه الخطوة تعكس تحوّلاً خطيراً في مسيرة الدار التي تستعد للاحتفال بمرور خمسين عاماً على تأسيسها، وكانت دائماً المحطّة التي يؤمّها القرّاء من مصر والعالم العربي، للحصول على الكتب التي تحظر الرقابات العربية نشرها وتوزيعها.
من جهته، رفض الحاج مدبولي التعليق على الشائعات التي أشارت إلى قراره بشأن “حرق العمَلين”، وقال: “لم نحرق الكتب، بل قمنا بإعدام نسخهما في المخازن الخاصة بالدار ووقف توزيعهما”.
وأكّد مدبولي أنّه أبلغ نوال السعداوي بالقرار قبل أن تغادر مصر إلى بلجيكا قبل شهور، فـ«تفهّمت دوافعه تماماً» وقررت نشر العملين في دار نشر أخرى. وفسّر مدبولي (78 عاماً) قراره الذي جاء بعد مرور عامين على نشر الكتابين بالقول: “لم أكن قد قرأت الكتابين قبل أن يلفت نظري أحد الصحافيين الذين أثق بهم... وقد قال لي إنّ الكتابين فيهما شطط ضد الذات الإلهية».
ورداً على سؤال عن مخاوفه من غضب المثقفين إزاء قراره الأخير، أجاب مدبولي: “طوال عمري، أنشر الكتب الجريئة. وقد نشرتُ لنوال السعداوي نفسها أكثر من 40 عملاً. لكن كلّو إلّا الغلط في ربّنا»!

محمد شعير

المصدر: الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...