مجازر الجيران والأصدقاء : الواقع المر للنزاع في جنوب السودان

01-03-2014

مجازر الجيران والأصدقاء : الواقع المر للنزاع في جنوب السودان

في قاعدة الأمم المتحدة في رمبيك، وهي عاصمة ولاية البحيرات، لجأ حوالي مئة سوداني جنوبي من اتنية النوير خوفا من أن يُقتلوا بأيدي الذين كانوا بالأمس جيرانهم أو زملاءهم، وهم ببساطة من الدينكا، الاتنية المنافسة لهم.
وفي ولاية البحيرات، في وسط جنوب السودان، تعتبر غالبية السكان من قبائل الدينكا، اكبر اتنية في جنوب السودان وينتمي إليها الرئيس سلفا كير، بينما يتشكل القسم الثاني من النوير، الاتنية المنافسة لها التي ينتمي اليها نائب الرئيس الأسبق رياك مشار. وتتواجه القوات الموالية لكل من الرجلين منذ منتصف شهر كانون الأول الماضي.
وكان ديفيد كويش شرطيا في بلدة صغيرة على حدود ولاية واراب المجاورة. لكن زملاءه الذين ينتمون إلى الدينكا انقلبوا عليه مع اندلاع المعارك في 15 كانون الأول في جوبا داخل جيش جنوب السودان بين الجنود الدينكا الموالين لسلفا كير وعسكريي النوير المناصرين لرياك مشار في بداية نزاع امتد الى كل انحاء البلاد.ولدان يجلسان في حقيبة أثناء اللعب في إحدى قواعد الأمم المتحدة في مدينة بور في جنوب السودان أمس	(أ ف ب)
ويذكر الشرطي أنهم قالوا «انتم (النوير) جميعكم متمردون. ما حصل في جوبا انقلاب دبره رياك مشار وأنتم تدعمونه... وبدأوا بإطلاق النار علينا»، ما أدى إلى مقتل أربعة شرطيين.
وقد هرب مع زملاء له واختبأوا في غابة كانت لجأت إليها نساء وأطفال في حالة هلع، إلى أن جاء مسؤول من البلدية ينتمي إلى الدينكا وقام باقتيادهم إلى قاعدة الأمم المتحدة.
أما صموئيل لام، فقد كان يدرس الاقتصاد في «جامعة رمبيك» عندما بدأ مسلحون بتهديد النوير. وصرح «قالوا إنهم سيهتمون بنا»، وبعد ذلك وجهت تهديدات إلى النساء. وقال «ربطت سيدة على كرسي ووضعت في السوق لساعات» وقام مدنيون وبعدهم الشرطة باستجوابها، لذلك وجد هذا الطالب انه «لم يعد لديه أي خيار» سوى اللجوء إلى قاعدة الأمم المتحدة. وقال «نشعر بالخوف من السكان» الدينكا، مؤكدا انه تخلى عن فكرة العودة إلى بيته عندما رشقت القاعدة بحجارة من الخارج.
وأضاف انه «إذا غادرت القاعدة فإنّ الأسوأ يمكن أن يحدث»، ولو أنّ ولاية البحيرات بقيت في منأى نسبيا عن المعارك بين قوات سلفا كير ورياك مشار والمجازر القبلية التي رافقتها ووقعت خصوصا في المناطق التي تتمتع فيها الاتنيتان معا بوجود قوي.
وكانت ماري نياتابا في طريقها إلى جوبا من ولاية الوحدة في شمال البلاد عندما فاجأتها المعارك. ومنذ نهاية شهر كانون الأول انقطعت أخبار أسرتها التي بقيت في قرية علمت بأن المعارك دمرتها بالكامل. ومع ذلك تخشى مغادرة القاعدة.
وقال ديفيد كويش إنّ قادة جنوب السودان قضوا على هذه الأمة الفتية التي ولدت قبل اقل من ثلاث سنوات على أنقاض حرب أهلية في السودان أدت إلى تفاقم الانقسامات الاتنية. وقال «لا أمل لي في المستقبل»، مضيفاً أنّ «الفرد أصبح موضع شبهة لمجرد انتمائه الإثني وهذا تهديد حقيقي».
ويرى فيليب كوت (69 عاما)، وهو منسق الوكالة العامة للمساعدات في ولاية البحيرات، أنّ النزاع الحالي «مؤسف» أكثر مما كانت الحرب الأهلية بين الشمال والجنوب، التي أسفرت على امتداد عقود عن سقوط حوالي مليوني قتيل. وقال إنّ «البعض حولوا أزمة سياسية إلى نزاع اتني بشكل لا سابق له».
وبينما ينضم الشبان في جميع أنحاء البلاد إلى الميليشيات القبلية، يتساءل المستشار الأمني لحكومة ولاية البحيرات سانتو دومينيك «كيف يمكن إقناع الناس بأنها أزمة سياسية؟».
وفي نظر نياكوما وور، الشابة البالغة من العمر 24 عاما، لم تعد هتافات «أحرار أخيرا!» التي دوت في البلاد يوم الاستقلال في التاسع من شهر تموز العام 2011، سوى كلمات جوفاء.
وقالت «قبل ذلك كنت مرتاحة في بيتي وحرة في الذهاب إلى أي مكان»، لكنها اليوم مضطرة للبقاء داخل القاعدة التي تحيط بها أسلاك شائكة ولا يمكنها مغادرتها للبحث عن زوجها وابنها البالغ من العمر ست سنوات واللذين لم تتلق أي أخبار عنهما.


 (أ ف ب)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...