قصيدة النثر أو معلقات على جدران المقهى

في اللاذقية، صار لقصيدة النثر مقهى باسمها. في زقاق عمرو بن كلثوم المتفرع من ساحة الشيخ ضاهر، عليك أن تمشي بضعة أمتار قبل أن تدلف إلى «مقهى قصيدة النثر». المقهى الذي تأسس قبل أشهر بمبادرة من شابين متحمسين للحداثة، سرعان ما استقطب أدباء اللاذقية وزوارها من أدباء العاصمة السورية: أمسيات شعرية وتواقيع كتب وحفلات موسيقية ومعارض تشكيلية. هناك ستجد «معلّقات» عصرية على الجدران، تُستبدل كل أسبوعين بمعلّقات جديدة يختارها رواد المكان. قصائد مكتوبة بخط اليد. تطالعك قصيدة لسعدي يوسف «لا قهوة في الصباح»، وأخرى لمحمد الماغوط بعنوان «صحراء». ما بين الصحراء والبحر، يقودك أمجد ناصر إلى «المنفى». زياد الرحباني له حصة في المكان: صور وموسيقى. بإمكانك الاسترخاء على أريكة حمراء، وتأمّل صور الشعراء، قد يتسلل بعض شعراء التفعيلة إلى المكان تحت بند ديموقراطية قصيدة النثر. هناك طاولة مصنوعة من كتب مستعملة وأخرى تالفة، ومكتبة متنوعة، وعلى زجاج الباب ستجد صور من عبروا إلى المكان. منذر مصري أب روحي لقصيدة النثر في الساحل، وهناك مريدون كثر لشيخ الطريقة. انتظرناه طويلاً ولم يأتِ، فتأجل الموعد إلى وقت آخر. صديق المكان حسام جيفي غادر إلى أميركا، لكنه ترك ديوانه الأول مكدساً وتحت تصرف الضيوف العابرين أمثالنا. «فتّاحة الأمل المعلّب» عنوان الديوان، نقرأ «ذاكرتي سلة مهملات». نطوي الكتاب ونتجوّل بين الجدران. كتابات من دون توقيع، لكنها تعبّر عن مزاج رواد المكان: «عندما تلاشى بصيص الأمل، أبقتني فسحة اليأس على قيد الحياة». مهلاً هناك إعلان مهم «التدخين خطر مميت يحتوي على9100 مادة مسرطنة ومخرشّة، رغم ذلك ما زلت أدخّن». أحدهم كتب هذه المقطوعة «كان يشتهيها. رآها في المطبخ، أكمل معها غسل الأطباق».
آخر كتب بحزن «صباح هذا اليوم توفيت أم راشد»، فجاء آخر وأكمل «مساء البارحة توفي «أبو راشد» من يهتم؟». وثالث «بائعة البوشار تحب قاطع التذاكر».
وهناك من ضجر من الانتظار فكتب «قتلتُ التنين في قصيدة أنسي الحاج، ولم تأتِ بعد!».
وهذه النصيحة: «لا تنسَ مفاتيحك لحزن باب ما». نتفقد أغراضنا ثم نخرج إلى البحر.

خليل صويلح

المصدر: الأخبار