فواز حداد: الطيب صالح.. لمسة الأدب العظيم

19-02-2009

فواز حداد: الطيب صالح.. لمسة الأدب العظيم

يجوز القول، إنني مثلــما فتــحت عينيَّ على نجـيب محفوظ، أدركت بعــده الطـيب صالح في رائعتــيه «موسم الهــجرة إلى الشــمال» و «عرس الزين»، وأتــذكر أنــني انتظــرت بفارغ صــبر أعمـاله التالية «مريود» و «ضو البيت» وغيرهما. وكانت قلـيلة بالمقارنة مع محفوظ، لكنه استــطاع أن يــهزني في أعمــاقي، وأضــفت إلى ما أعرفــه عالماً آخر من الكــتابة. المفاجــأة كانت أن الطــيب صالح من السودان، ذلك البلد الذي لا نعرف عنه سوى القليل، فأصبحت أرغب في معرفة الكثير.
شحنتني روايته الأولى بانفــعالات قويــة، تلك لمسـة الأدب العظيم التي لا تخفى. وكان في إشارته إلى تأثره بـ«قلب الظلام» ما حفزني على قراءة كل ما ترجم لجوزيف كونراد إلى العربيــة. في السنوات الأخيرة قرأت له مجموعة كتبه التي تضم مـقالاته التي نشرها في «المجلة» اللندنية، وكانت عن صديقه «منسى» وجولاته في العالمين العربي والغربي، وبعض الذكريات وانطباعاته عن قراءاته في شعر المتنبي والمعري... ما سمح لي بالتعرف اليه من الداخل وإلى مناقبه الشخصية أيضاً، وجعلني أحس أنني ازددت اقــتراباً منه. وأصبح صديـقاً عزيزاً عليَّ من خلال كلماته وحدها، مثلما حدث معي عندما قرأت الكـتب التي ضــمت مقالات أديبنا الراحــل عبد السلام العجيلي، والتي قــرأتها كلها مثلما قرأت كـل ما كتب الطيب صـالح، أو ما وقع تحت يدي.
لم أكن أتمنى على الإطلاق، أن يكون لقائي معه في مناسبة نعيه، لكن في تذكره اليوم، مناسبة أخرى وهي أن اعترف بكل أمانة وفخر بأنني تأثرت به وبأخلاقياته العالية... كما أنني مدين له بأجمل ساعات عمري تلك التي قضيتها وأنا أقرأ رواياته.

 

فواز حداد

المصدر:السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...