غزة بعد عام من العدوان: نكبة وخيام وعالم خذلها

23-12-2009

غزة بعد عام من العدوان: نكبة وخيام وعالم خذلها

في تلك البقعة من قطاع غزة، كان هناك، قبل عام واحد فقط، مصانع ومزارع. وكان هناك مسجد، تتكئ إلى جانبه مدرسة، يلهو أطفال في ملعبها عندما يدق جرس الاستراحة. في أماكن متفرقة، كانت هناك منازل تعيش تحت أسقفها عائلات، غالبيتها بكت، قبل عام فقط، أحد أفرادها أو أكثر.
قبل عام واحد فقط، قرر الاحتلال الإسرائيلي أن الحصار المفروض على غزة، منذ 2007، لم يعد كافياً كعقاب، ليصبّ عليه نيران «الرصاص المسكوب»، طوال 23 يوماً، من 27 كانون الأول 2008 وحتى 18 كانون الثاني 2009، مودياً بحياة 1400 شهيد، وساحقاً 6400 منزل، ومبان أخرى، لا همّ إن كان مستشفى أم مدرسة أو حتى مبنى للأمم المتحدة.
سياسياً، ادّعت إسرائيل النصر. وقالت وزيرة الخارجية الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني إنها تتحمّل «مسؤولية القرارات المتخذة في تلك العملية التي حققت أهدافها، أي حماية الإسرائيليين وتثبيت سياسة الردع». إلا أن إسرائيل لم تطح بحركة حماس، التي ذكّرت، في احتفال أقامته مؤخراً، في الذكرى الـ22 لتأسيسها، بأنها الوحيدة التي «تقاوم وتصمد» أمام إسرائيل، مجددة وعدها «بتحرير فلسطين، كل فلسطين من البحر إلى النهر».
لكن العقاب «المسكوب» نال من أهالي القطاع البالغ عددهم مليوناً ونصف مليون، يعتمد 85 في المئة منهم على المساعدات الدولية. هؤلاء كان لهم سقف، قبل عام واحد فقط. وباتوا الآن في خيم مرتجلة لا تقي حتى «شر كلب ضال». فقد حظرت إسرائيل استيراد مواد البناء والفولاذ والاسمنت والأنابيب والزجاج، وكل ما من شأنه أن يعمّر بيتاً.
قبل العدوان «كان الوضع سيئاً. الآن ازداد سوءاً»، قال المتحدث باسم حماس فوزي برهوم. لعلّه تعبير مخفف أمام شعور أهالي القطاع بأنهم «يشهدون نكبة ثانية». أضف إلى ذلك الشعور بأن «العالم خذلهم». وتقول وفاء عواجة (33 عاماً) «منذ قرابة العام، نعيش في هذه الخيمة» في «مخيم الثبات»، الذي أقيم في منطقة السيفا، شمالي غربي بيت لاهيا، شمالي القطاع، و«لا أمل بإعادة بناء المنزل».
تخشى وفاء «وقوع حرب جديدة»، وهي لم تتعلّم بعد كيف تتعامل مع «ذكرياتها المؤلمة»، وتروي كيف «خرجنا يوم 4 كانون الثاني 2009 لإسعاف ابني ابراهيم (8 سنوات)، بعدما أطلق الجنود النار عليه أمام الدار. لم يسمحوا لنا بالاقتراب. استشهد ابراهيم وأصبت أنا وزوجي. نزفنا طوال 4 أيام في العراء»، قبل أن «ننقل إلى المستشفى بعربة يجرّها حصان».
أن «تعيش في خيام لا تحمي من الكلاب الضالة ولا البرد»، يعني بالنسبة لوفاء «أننا عدنا للنكبة ذاتها». لا بل «أصعب نكبة نعيشها منذ 1948»، كما عقّب ابو جبر ابو ليلى (55 عاماً).
بالنسبة لآمنة غبن (65 عاماً)، التي تقيم في خيمة مع أبنائها الـ14، فوق أنقاض منزلها في غزة، «العالم كله خذلنا».

المصدر: أ ف ب

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...