عيسى سامي المهنا :سوء إدارة صناعة الخبز تستنزف الإقتصاد وتهدد الأمن الغذائي

03-02-2013

عيسى سامي المهنا :سوء إدارة صناعة الخبز تستنزف الإقتصاد وتهدد الأمن الغذائي

ضاعف الاستهداف الممنهج للمرافق الاقتصادية والمعيشية محلياً وإقليمياً ودولياً، من مخاطر الوضع القائم في صناعة الخبز وسوء إدارتها، لتتحول الثغرات التي تستوطن هذه الصناعة إلى خطر حقيقي على الاقتصاد الوطني.
ويرى الباحث الاقتصادي عيسى سامي المهنا في دراسة علمية تفصيلية استندت إلى «إحصاءات وأرقام رسمية»، أن سوء إدارة صناعة الخبز، والهدر والفساد الناجم عن هذه الصناعة تستنزف الاقتصاد الوطني بـ 2.94 مليار دولار عام 2011، بينما بلغ هذا النزيف خلال السنوات العشر الماضية نحو 29.4 مليار دولار، ما يعني أن سورية تقدم كامل ناتجها المحلي الإجمالي في السنة الحادية عشرة لنزيف الخبز.
وتشير الدراسة إلى أن ضبط الهدر في رغيف الخبز يمكن أن يعيد توازن العلاقة بين الأجور والأرباح على مستوى الاقتصاد إذا ما أخذنا بالحسبان أن حجم الهدر هو 114.72 مليار ليرة سورية سنوياً، وأن حصة رواتب المتقاعدين في ميزانية 2013 هو 50 مليار ل.س، إضافة لإمكانية تأمين فرص تشغيل لخمسة أضعاف ما هو وارد في ميزانية 2013، كما أن ضبط الهدر وتحقيق الوفر عبر «حلول تقترحها الدراسة» من شأنهما ترميم العلاقة بين اقتصاد الظل واقتصاد الضوء.
وتلاحظ الدراسة أن كل ساعة تأخير بهذه الإجراءات الاقتصادية «حلول مقترحة» الملحة تكلف الاقتصاد الوطني 7 ملايين دولار، وتعويضها زمنياً مكلف جداً، وقد بدأنا نتلمسه بسعر لربطة الخبز بالسوق السوداء يعادل 75 ل.س ولتر المازوت بـ90 ل.س.
ويبين المهنا في دراسته التي اعتمدت على «أرقام وإحصاءات عام 2011 وكلفة عام 2012» أن 4.385 ملايين طن من الخبز أنتجت في سورية عام 2011 بكلفة إنتاج وسطية للطن الواحد مقدارها 43679 ل.س، وبكلفة إجمالية بلغت 187.8 مليار ليرة، مشيراً إلى أن 45% أنتجتها مخابز القطاع العام «1.973 مليون طن» التي تحصل على المازوت بسعر 6 ليرات، وطن الطحين بـ 8000، على حين أنتج القطاع الخاص المدعوم 27.5% منها «1.206 مليون طن» والذي يحصل على المازوت بسعر 6 ليرات وطن الطحين بـ 7900 ل.س، «في السوق السوداء 50 ألفاً» كما أنتج القطاع الخاص بأسعار السوق 27.5% «ما يعادل 102.6 مليون طن»، والذي يحصل على مازوت مدعوم بسعر 25 ل.س.


ويتحدث المهنا عن ثغرات متعددة في صناعة الخبز فتحت الباب الواسع أمام الهدر والفساد ومن أهمها الفرق بين كميتي الخبز المستهلكة والمدعومة، حيث بلغت حصة الفرد المدعومة من الخبز عام 2011 ما قدره 205.6 كغ، أما ما يستهلكه الإنسان العادي كحد أقصى هو 140كغ في السنة، والفرق 65.6 كغ لكل فرد في السنة بكلفة 43.679 لكل كيلو، وتعادل 2865 ل.س محسوبة على المواطن ولا تصل إليه، وبالتالي بلغ حجم الهدر بين الخبز المخصص والفعلي قياسا على مجموع السكان الموجودين 2011 «21.3 مليون نسمة» 61 مليار ل.س.
أما الثغرة الثانية التي يتناولها المهنا في باب «الهدر» فهي «مردودية كيلوغرام الدقيق لإنتاج كيلوغرام من الخبز على أساس أن حصة الفرد تبلغ 205.6 كغ، مشيراً إلى أن المردودية تحتسب اليوم في مخابزنا على أن الكيلوغرام الواحد من الدقيق يعطي 1.16 كيلوغرام من الخبز، أي أن حصة الفرد تحتاج لـ177 كغ من الطحين سنوياً، لكن الحد الأقصى للمردودية مرتبط بنوعية القمح «طرياً أو قاسياً» وبطبيعة خلطة الطحين، «والمتعارف عليه اليوم «50% قاسياً +50% طرياً»، والحد الأقصى لهذه الخلطة يعطي 1.240 إلى 1.260 كغ خبز وإذا اعتمدنا الوسطي بين النسبة الفعلية والمعتمدة «1.205 كغ خبز من كغ واحد من الدقيق» فإن حصة الفرد ستنخفض بمقدار 7 كغ من الطحين سنوياً، أي ما يعادل 149 ألف طن من الدقيق سعرها «السوقي» 50 ل.س لكل كغ، والإجمالي 7.455 مليار ليرة.
ويضيف المهنا: وتتغير هذه النسبة مع تغير الخلطة «50%طرياً 50% قاسياً» لصالح القاسي، فترتفع مردودية كيلوغرام الطحين لتصل 1.3 كغ خبز وهو ما يتحكم به هنا ضمير القيمين على الخلطة.
ويتناول المهنا باباً آخر من أبواب الهدر وهو الفرق بين كمية المازوت المخصصة للأفران وبين الكمية الفعلية اللازمة لإنتاج طن واحد من الخبز المدعوم في القطاعين العام والخاص والبالغ 3.179 ملايين طن، مبيناً أن المخصص اليوم من المازوت لإنتاج طن من الخبز هو 150 لتراً، ولكن الواقع التجريبي أثبت أن الطن الواحد من الخبز يحتاج إلى 40 لتر مازوت فقط وهذا (طبق في 6 أفران بدمشق)، أي أن الهدر في مازوت الأفران بلغ 349.69 مليون لتر من المازوت، وسعر لتر المازوت اليوم عالميا هو 94 ل.س يعني أن الهدر في المازوت المخصص يبلغ حوالى 33 مليار ل.س.
ويتحدث المهنا عن كلفة دعم مازوت الأفران فيبين أن سورية تنتج 40% من المازوت بكلفة 20 ل.س/لتر وتستورد 60% بسعر 94 ل.س فتكون كلفة لتر المازوت الوسطية على الخزينة 64 ل.س تقريباً، وتقدم الحكومة مازوت الخبز للقطاعين العام والخاص المدعومين بسعر 6 ليرات لليتر وبدعم يبلغ 58 ليرة لليتر، لإنتاج 3.179 ملايين طن من الخبز تحتاج فعلياً 127.16 مليون ليتر مازوت، وبذلك تبلغ قيمة الدعم 7.4 مليارات ل.س، تضاف إليها 1.9 مليار ليرة هي قيمة دعم القطاع الخاص «غير المدعوم» لإنتاج 1.206 مليون طن من الخبز تتطلب 48.2 مليون ليتر مازوت يحصل عليها بقيمة 25 ليرة لليتر وبدعم يبلغ 39 ليرة لكل ليتر.


وفي باب الوفر يورد المهنا في دراسته تجربة طبقت في بعض مخابز القطاع العام بدمشق حققت وفراً في استهلاك المازوت عبر توسيع السير الآلي ليتسع في الصف الواحد لثلاثة أرغفة بدلاً من اثنين وبهذا يكون قد استخدم نفس كمية الوقود لينتج كمية إضافية تزيد بمقدار الثلث، وتعميم هذه الطريقة تعني أن إجمالي استهلاكنا من المازوت لإنتاج 3.179 ملايين طن تصبح 84.9 مليون لتر بدلاً من 127.16 مليون لتر بوفر جديد إضافي قدره 3.97 مليارات ل.س.
ويتحدث المهنا كذلك عن وفر ممكن في المخزون الاستراتيجي يبلغ 1.4مليون طن من القمح بقيمة 74.24 مليار ل.س إذا ما صدر بسعر عالمي 359 دولاراً للطن، وهذه الكمية تصنع عادة وتهدر كأعلاف أو تهرب للخارج، يمكن أن تكون رافداً هاماً للخزينة كأن يباع للجوار طحيناً بدل القمح وهنا إيراد إضافي ويزيد عن 359 دولاراً للطن.
أما وفر مازوت الكمية المهدورة من الخبز فتبلغ قيمته 19.74 مليار ل.س، ويكون إجمالي المكاسب المحققة للاقتصاد الوطني من «الهدر والوفر» 208.7 مليارات ل.س وتعادل عند سعر صرف 94 ل.س 2.22 مليار دولار أمريكي، وعند سعر صرف رسمي 78 ل.س يكون 2.675 مليار دولار.
ويرتفع المكسب الفعلي من ضبط ثغرة الخبز عند إعادة استخدام ما تم توفيره في مكان آخر إلى 229.44 مليار ل.س.
وبالتالي فإن الكلفة الحقيقية لحاجة الخبز الكلية عند «140 كغ خبز/فرد/سنة» بعد حذف الهدر وتحقيق الوفر هي 69.28 مليار ل.س.دون المساس بسعر 15 ل.س لـربطة الخبز وزن 1450غ.

ب اسم الحداد: الوطن

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...