عقد الـ 44 مليون ليرة بين البحوث الزراعية و استهلاكية دمشق

29-06-2008

عقد الـ 44 مليون ليرة بين البحوث الزراعية و استهلاكية دمشق

يعتقد البعض أن ما يثار غالبا هنا أو هناك من ملاحظات و ضجيج حول بعض المشاريع والعقود العامة لا يعدو كونه "سحابة صيف تذروها الرياح"، إذ سرعان ما تعاود هذه المشاريع التقاط أنفاسها من جديد و معاودة الاستمرار بذات النمط دون اكتراث لما يثار...

و إذا كانت بعض الجهات تصمم أذانها فعلا، فإن الكثير من العاملين في مؤسسات الدولة يبذلون جهود كبيرة لوقف بعض الخروقات وتصحيح بعض المخالفات، متحملين ضغوطا نفسية ومعنوية ليست بالقليلة...و أحيانا تصل حد التهديد...و لعل ما استهلكه العقد المبرم ما بين الهيئة العامة للبحوث الزراعية و المؤسسة العامة الاستهلاكية فرد دمشق من وقت وجهد، وما كشف فيه من مخالفات يشكل دليلا على جهود مقاومة تغليف المخالفة والخطأ بورقة القانون. 
 فقبل شهر تقريبا ملف العقد المبرم بين هيئة البحوث الزراعية و فرع المؤسسة العامة الاستهلاكية بدمشق الخاص بألبسة العمل و الوقاية للعاملين في الهيئة، و تطرقت فيه إلى المخالفات العديدة التي سجلت على المواد المتعاقد عليها و خلال الفترة التي أعقبت نشر الموضوع حدثت تطورات مهمة كان أبرزها الاجتماع الذي عقد منتصف شهر حزيران الحالي للجنة القرار 520 م ع لا المعنية باستلام مواد عقد وذلك بغية اتخاذ القرار النهائي بالنسبة لاستلام مواد العقد، حيث خلص الاجتماع لنتائج مهمة تؤكد ما ذهبت إليه مراكز البحوث التابعة للهيئة في المحافظات و ما نشرته "تشرين"? ‏

أولى هذه النتائج تتعلق بفرع المؤسسة الاستهلاكية بدمشق الذي على ما يبدو يجد صعوبة في الالتزام بما ورد في دفتر الشروط الفنية لسبب من الأسباب، وهذا ليس كلام أعضاء اللجنة المذكورة فقط بل نتائج التحاليل التي أجراها مركز الاختبارات الصناعية، فبعد أن خاطبت اللجنة استهلاكية دمشق إثر رفضها استلام المواد قامت الاستهلاكية بإرسال مندوبين للاجتماع مع اللجنة وهذا ما تم بالفعل حيث تم تسجيل 9 ملاحظات على مواد العقد من قبل مندوبي الاستهلاكية وتحفظ أعضاء اللجنة في البحوث الزراعية على الباقي، و لذلك عادت الاستهلاكية و أرسلت من جديد عينات جديدة للمواد التي عدلتها، وليتم إرسالها إلى مركز الاختبارات و الأبحاث الصناعية لإجراء الاختبارات على العينات ومطابقتها مع المسطرة و الشروط الفنية، ومن خلال استعراض نتائج الاختبارات التي كلفت الهيئة ما يقرب من 30 ألف ليرة سجلت اللجنة الملاحظات التالية: ‏

- المعطف الشتوي مخالف. 
 - بالنسبة لـ (قفاز قماش- بدلة كحلي- بدلة خاكي- أفرول) تبين أن تركيبها100% قطن بينما هي في دفتر الشروط كتان. ‏

- بالنسبة للسترة الجلدية فالعينة جلد طبيعي لكن لم يتم مقارنتها بالمسطرة لعدم توفرها. ‏

- الأحذية و الجذمات الجلدية التحليل يؤكد أنها جلد طبيعي لكن العينات قاسية. ‏

- بالنسبة للفروة في دفتر الشروط قياس واحد كبير أما المؤسسة صنعت قياسات مختلفة. ‏

و اعتبرت لجنة الاستلام في الهيئة نفسها غير مسؤولة عن التأخير في الاستلام لعدم تطابق بعض العينات مع المساطر و دفتر الشروط حتى تاريخه. ‏

و هكذا ورغم الفرصة التي أتيحت لفرع المؤسسة الاستهلاكية بدمشق لتلافي الملاحظات والمخالفات في المواد الموردة من جانبها لصالح الهيئة، إلا أنها عادت و قدمت مواد مخالفة أيضا، وكأن لسان حالها يقول لا مفر من مخالفة دفتر الشروط الفنية".... 
 ثاني النتائج الرئيسية للاجتماع تتعلق بالإجماع شبه الكامل على رفض استلام المواد بسبب ما تقدم من ملاحظات،و إن كان هذا الرفض قد ورد تحت صيغ مختلفة...فمن بين نحو 39 عضوا في اللجنة ( خمسة أعضاء في الإدارة المركزية و 34 في مراكز البحوث الزراعية في المحافظات) كان هناك 29 عضوا قالوا بصريح العبارة أنه يرفضون الاستلام، فيما تحفظ على الاستلام عضوان فقط، و 3 أعضاء كتبوا عبارة " لم يتم استدراك الملاحظات الواردة في الاجتماع السابق"، بينما اختار خمسة أعضاء عبارات مخففة لكنها في ذات الوقت غير صريحة و ضبابية فهي تعود لتمنح استهلاكية دمشق فرصة جديدة و كأن الوقت والزمن لا قيمة لهما، وهذا ما عبرت عنه عبارات من قبيل "يتم الاستلام حين تتطابق المواد مع دفتر الشروط"...!!. 
 أما النتيجة الثالثة والتي لم يخلص إليها الاجتماع مباشرة إنما جاءت إثر الكتاب المرسل من المدير العام لهيئة البحوث العلنية الزراعية للمؤسسة العامة الاستهلاكية فرع دمشق، والمتضمن أن لجنة استلام الألبسة العمالية "لم تستطع استلام مواد العقد المبرم" طالبا "العمل على تقديم مواد مطابقة للمواصفات ودفتر الشروط و إعلامنا لتتمكن اللجنة من الاستلام" وهذا يعني أن المدير العام لهيئة البحوث منح استهلاكية دمشق فرصة ثالثة رغم أن الألبسة التي هي موضوع العقد مستحقات العمال عن العام 2007 وها هو عام 2008 ينتصف دون أن تتمكن الهيئة من حسم ذلك الموضوع، فبكل بساطة مخالفة استهلاكية دمشق للعقد يفرض إجراءا سريعا مباشرة كما هو متعارف عليه ألا وهو فسخ العقد بدلا من الاستمرار في المماطلة و مزيد من النفقات كأجور تحاليل عينات و تنقل أعضاء اللجنة من المحافظات...الخ. 
 تبعا للمعلومات فإن هذه الصفقة هي الوحيدة التي احتاجت كل هذا الوقت و النقاشات...و السؤال كيف كانت تتم مثل هذه الصفقات و العقود سابقا في الهيئة العامة للبحوث الزراعية ؟! و الأهم ...لماذا كان كثير من العمال يفضلون أو اعتادوا على استبدال الألبسة المخصصة لهم بأدوات كهربائية وشراشف.....الخ؟! ‏

زياد غصن

المصدر: تشرين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...