طريق الحوار بين المسيحية والإسلام في ألمانيا «معبد» ولكنه ملغم

25-05-2009

طريق الحوار بين المسيحية والإسلام في ألمانيا «معبد» ولكنه ملغم

علاقة المسيحيين بالمسلمين في ألمانيا لا تعدوكثيرا العلاقة بين كثير من الجيران، فهم ‏يقابلون بعضهم بلسان حلو ووجه طلق ولكن ما يكنونه في أنفسهم ليس حلوالمذاق. ‏

على من يجرؤ من أتباع الديانتين في ألمانيا على التدخل في شؤون الآخر أن يتوقع غضبا واستياء من جانب هذا ‏الآخر وذلك كما حدث مؤخرا مع نافد كرماني الذي يحمل الجنسيتين الالمانية والايرانية وصاحب المؤلفات ‏الألمانية عن الدين الإسلامي الذي حصل على جائزة الثقافة التي منحتها له ولاية هيسن وسط ألمانيا، تلك الجائزة ‏التي سحبت منه لأنه "تدخل في شؤون الآخر". ‏

أما ذنبه فهوإثارة امتعاض "جيرانه" المسيحيين بحديثه الذي تعرض فيه علنا لعقيدة الصلب والفداء خلال مقال ‏بإحدى الصحف. عندها هاجت الأنفس المسيحية وماجت وظهر من يقول: إنه مسلم يمارس النشاط الإسلامي في ‏قلب العقيدة المسيحية. ‏

كانت ردود فعل الكاردينال كارل ليمان رئيس مجمع الاساقفة الكاثوليك وبيتر شتاينأكر، الرئيس السابق لكنائس ‏ولاية هيسن ومنطقة ناساوواضحة لا لبس فيها حيث ذهبا إلى أنهم لا يرغبون في اقتسام أي نوع من الجوائز مع ‏من يحلل العقيدة المسيحية بشكل يقترب من الإساءة للذات الإلهية، خاصة إذا كانت هذه الجائزة للإشادة بدور ‏فعال في الحوار بين الأديان. ‏

وترى أستاذة الأديان جريت كلينكهامر أن هناك توجها متزايدا بين المسيحيين بالذات لصد المسلمين عن التطرق ‏لنقاط بعينها في الحوار بين أصحاب الديانتين. وذهبت كلينكهامر التي تدرس الأديان في جامعة بريمن شمال ‏ألمانيا إلى أن ممثلي الديانتين المسيحية والإسلامية يسعون من خلال الحوار لإبراز نقاط القوة في دينهم. ‏

أضافت كلينكهامر على هامش الاحتفال بيوم الكنيسة الثاني والثلاثين السبت في بريمن:"غالبا ما يشعر المسلمون ‏خلال الحوار مع المسيحيين بأنهم لن يفقدوا شيئا جراء هذا الحوار وأنهم سيكسبون فقط، سيكسبون قبولا اجتماعيا ‏أوفرصا للمشاركة.. أما المسيحيون فيساورهم القلق من أنهم لا يمكن أن يربحوا شيئا من وراء الحوار وأن ‏حوارهم لن يؤدي إلا إلى إعلاء قيمة الاقلية المسلمة داخل بلادهم ألمانيا". ‏

وخلافا لنتائج الحوار على مستوى القيادات المسيحية والإسلامية فإن هناك تقدما على مستوى القاعدة بين أنصار ‏الديانتين حيث يجرى الحوار بينهم بدون تعنت أوتشنج حسب زيلكه ليشنر المسئولة عن الحوار المسيحي ‏الإسلامي في برنامج يوم الكنيسة والتي تلخص تجاربها خلال أحد عشر عاما من الحوار بين أتباع الديانتين ‏بالقول:"التواصل مع المسلمين يصبح أكثر قوة وكثافة مرة بعد أخرى وهوغير إشكالي". ‏

وأشارت ليشنر إلى أن أحد النصوص الرسمية للكنيسة البروتستانتية في ألمانيا كان له تأثير سلبي على العلاقة ‏بين المسلمين والمسحييين في ألمانيا وهوالنص الذي يحمل عنوان:"المصافحة:وضوح وعلاقة جوار" والذي ‏صدر عام 2006 والذي طولب فيه المسلمون بالاعتراف بمبادئ الدستور الألماني كأساس للحوار مع المسيحيين ‏بما فيها المساواة بين الرجل والمرأة وحرية اعتناق الدين. ‏

شعرت المنظمات الإسلامية آنذاك بأن دينهم يدفع لزاوية خطأ وكان رد الفعل هجمات على رئيس المجمع ‏البروتستانتي فولفجانج هوبر. ‏

أما المسيحيون الكاثوليك فقد كان لخطاب حبرهم الأعظم البابا بينديكت السادس عشر بابا الفاتيكان في مدينة ‏ريجنسبورج الألمانية تأثير الألغام على الحوار بين الإسلام والمسيحية وذلك عندما اقتبس مقولة تعود للقرون ‏الوسطى عن نبي الإسلام محمد.

كانت هذه المقولة كافية لإثارة غضب العالم الإسلامي وسخطه رغم أن البابا ‏كان يقصد من ورائها أن الدين لا يتعارض مع العقل وأن كلا منهما يكمل الآخر وأن العنف الذي يمارس في ‏الشرق الأوسط هوبمثابة إساءة لاستخدام الدين، وهي آراء يشاطره فيها معظم المسلمين. ‏

ولكن الحوار الدولي شهد تقدما في الفترة التي تلت هذه الكلمة وحتى الآن وبدأت النباتات الخضراء والورود ‏تنموفي طريق الحوار حيث البروفيسور هانز كونج ، عالم الأديان ورئيس مؤسسة الأخلاقيات العالمية للأديان ‏بولاية توبينجن الألمانية أن المملكة العربية السعودية نفسها أصبحت ترى ضرورة الحوار بين الأديان. ‏

كما كان لكارثة خطاب بابا الفاتيكان في مدينة ريجنسبورج تأثير إيجابي بما تسببت فيه من مبادرات للحوار بين ‏الديانتين حيث أكدت 138 شخصية إسلامية في خطاب للكنائس المسيحية على الطبيعة المسالمة للأديان. ‏

ويؤكد بيتر هينزلر رئيس مجموعة العمل بمجمع الكنائس الكاثوليكية المعنية بالحوار بين المسيحيين والمسلمين ‏في مدينة فرانكفورت أن الحوار المسيحي الإسلامي ليس مجرد عبارات منبرية كما يرى فرانك شيرماخر رئيس ‏مجلس إدارة صحيفة فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج الألمانية. ‏

ويرى هينزلر أن للحوار الصريح بين الديانتين هدفين أساسيين وهما تبادل العلم عن الديانتين وبين أصحابهما ‏والحديث عن التعايش بين أتباع الديانتين في ألمانيا في ظل الدستور الألماني. ‏

ويستنكر هينزلر الطريقة التي عومل بها كرماني صاحب المؤلفات الإسلامية الذي سحبت منه جائزة الثقافة التي ‏منحتها إياه ولاية هيسن ورأى أن هذه الطريقة "ضحت بأحد المسلمين لإرضاء الغوغاء. كما أبدى هينزلر انتقاده ‏لسحب الجائزة من كرماني بسبب رفض ليمان وشتاينأكر. ‏

وطالب فريدريش شورليمر الحائز على جائزة الكتاب الألمانية للسلام والقس البروتستانتي في مدينة فيتنبرج، ‏التي شهدت الحركة التصحيحية للإصلاحي البروتستانتي مارتن لوتر بالصدق في الحوار بين المسيحيين ‏والمسلمين قائلا:"ليس من المروءة أن يتحدث أحد الطرفين عن الآخر من وراء ظهره". ‏

أضاف شورليمر أنه إذا كان ليمان وشتاينأكر يشعران بأن مشاعرهما المسيحية قد جرحت بشدة فإنه من الممكن ‏أن يتقدم لهما بالاعتذار. ‏

ورأى شورليمر أن هذه الواقعة أوضحت أن كرماني لا يعرف سوى نصف الحقيقة عن عقيدة الصلب والفداء ‏لدى المسيحيين وأنه يفتقد لمعرفة حقيقة الإيمان بقيامة المسيح التي لا تنفصل عن صلب المسيح أما ما عدا ذلك ‏فإن كرماني قد تطرق للحديث عن أحد المحرمات في العقيدة المسيحية. ‏

غير أن شورليمر يحمل في جعبته أيضا رسالة غير مريحة للمسلمين حيث يرى أن الإسلام لم يصل بعد لمرحة ‏التنوير التي مر بها الدين المسيحي ويقول:"أما المسلمون الذين يعيشون في المجتمع الغربي أمثال كرماني فأنا ‏أنتظر منهم أن يشاركوا في التنوير بما تمليه عليهم حقيقة العيش بين أظهر الأوروبيين وأن يعلنوا رفضهم لطريقة ‏تعامل المسلمين مع قضية سلمان رشدي على سبيل المثال.‏

ماتياس هونيج

المصدر: العرب أون لاين

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...