شيزوفرينيا رمضان

24-09-2008

شيزوفرينيا رمضان

يثير الاستغراب هذه القدرة على وضع هيفاء وهبة إلى جانب " الأناشيد الدينية " في فضائياتنا و يثير الاستغراب هذا الفصام الذي يسمح لنا بمجاراة هذا الفصام الذي يريد منه إعلام السلاطين أن يجمع شيئا من هذا إلى شيئا من ذاك بقصد تدجين الناس و تمجيد السلطان , ليس المقصود هنا إطلاق فتوى جديدة ضد هيفاء وهبة أو غيرها , بل القصد محاولة إزالة الرتوش التي توضع على وجوه السلطان و أزلامه سواء باسم المقدس أو باسم الدنيوي لكشف تفاصيل الوجه القبيح لولاة أمرنا..ففي رأيي إذا كان من ذنب لا يغفر في هذا الشرق الغارق في الجوع – بمناسبة صيام رمضان – و بجثث الفقراء فهو أولا نهب الإنسان و قتله و سحل إنسانيته و ثانيا تمجيد من يفعل ذلك أو تبريره , و في الحقيقة لا يحق لأي كان أن يقرر نهب أي كان أو قتله أو سحل إنسانيته على الإطلاق , إن حياة البشر و أرضهم و عالمهم هو ملك لهم جميعا و لا يشكل رأي بعضهم في من يسمون بالصحابة مثلا – وهم بشر في نهاية الأمر عاشوا قبل مئات السنين لا نعرفهم شخصيا إلا من كتب التاريخ - مبررا لقتلهم و لا مبررا لأن يستولوا على تعب الآخرين أيضا , لا يحق لابن تيمية و لا لجوزيف ستالين و لا لجورج بوش و لأي كان أن يتصرف و كأن عالم الناس العاديين , لقمة خبزهم , هواءهم , أحزانهم , أحلامهم , ملك له , إن كل إنسان يتنفس و يفكر على هذه الأرض يساوي ابن تيمية و ستالين و بوش و عبد الناصر و يملك وحده تقرير ما يفعل و الاختيار فيما يتعلق بحياته و لا يحق لأحد أن يصادر حقه هذا مهما كان , نبيا , رجل شرطة , أمينا عاما , جنرالا , فيلسوفا , أو "عالما" , إن حياتنا و عقلنا و ثمرة عملنا ليست ملكا لأي كان أبدا..و على الطرف المقابل نرفض كل الأصوليات جميعها مهما كان الشعار الذي تبرر به قتل الآخر و سلبه إنسانيته أولا , فالمحافظون الجدد في واشنطن يتصرفون تماما كالأصوليين , قسموا العالم بين دار الحرب و دار الأمان , كفروا الآخر و استحلوا دمه , الفرق الوحيد هو في استخدامهم لآخر منتجات التكنولوجيا في قتل البشر – أتمتة القتل عوضا عن استخدام وسائل فردية همجية , و تحديث عملية غسيل دماغ البشر و تحويلهم إلى آلات للقتل الأعمى , آلات للموت باسم مقدس ما لا يستطيع أن يعيش إلا على سفك دماء الآخر , آلات فاقدة لإنسانيتها تماما مثل ضحاياها...الممتع أخيرا في هذا الاحتفال الروحي هو أن بعض الأثرياء , في بلدي و غيرها , قرروا أن يستثمروا حتى فضلات موائدهم , فتات موائدهم الفاخرة ليقدموها للفقراء , لمن لا يجد كسرة الخبز , حسنا , قد يكون الصيام بالفعل هو المناسبة الوحيدة ليشعر هؤلاء بالجوع , و قد يكون تفضلهم على الجوعى بفتات موائدهم هو من بركات هذا الشهر , حسنا , لكن من الأكيد أيضا أن الجوع ليس إلا تفصيل يومي بالنسبة للملايين في رمضان و غير رمضان , هذه ليست عبادة بالنسبة لكل هؤلاء الجوعى , فقد فرضها نهب السلاطين و أزلامهم و ليس رب السلاطين....يبقى لنا أن نحلم بعالم لا يجوع فيه الناس إلا إذا قرروا ذلك طوعا........

 

مازن كم الماز

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...