حياة سالنجر الثانية

28-08-2013

حياة سالنجر الثانية

لا يزال اسم الروائي الأميركي ج. د سالنجر (صاحب رائعة «الحارس في حقل الشوفان»)، وبعد ثلاث سنوات من رحيله عن 91 عاما (2010) يثير «الصخب» و«الضجيج» ما إن يتمّ ذكر أمر يتعلق به. اسم يسيل أيضا الكثير من الحبر في الصحافة، لمعرفة أي تفصيل من تفاصيله الكثيرة التي لم يعرفها أحد، إذ ومثلما هو معروف، انسحب من العالم وابتعد عن المجتمع في العام 1953، ومن يومها لم يعرف عنه أحد أي شيء، باستثناء بعض الأخبار الصغيرة التي لم تكن تشفي غليل أحد.
من تاريخ انسحابه ولغاية موته، عاش في منزله مانعا كل الزيارات والاتصالات الممكنة. اختار العزلة الأقصى، في اللحظة التي كان يعرف فيها النجاح الأدبي الكبير. وإن كان آخر ما نشره العام 1965 ومن يومها لم ينشر أي شيء، وكان يقيم الدعاوى في المحكمة، حين يسمع أن شخصا ما ينوي كتابة سيرة عنه أو ما شابه. حتى صوره لم تكن معروفة، ولم يُعرف عنه سوى واحدة في شبابه، وهي الصورة الوحيدة التي تتناقلها وسائل الإعلام حين ترغب في الحديث عنه.
يعود سالنجر اليوم، ليحتل الحدث الثقافي في الولايات المتحدة بعد أن تمّ الإعلان أن سيرة تقع في أكثر من 700 صفحة ستصدر عنه في 3 أيلول المقبل بعنوان «حرب ج. د. سالنجر الخاصة»، كما ستصدر له خمس كتب غير منشورة، وجدت بين مخطوطاته حين توفي. يكفي الإعلان أن كتابا مماثلا سيصدر، كما رواياته، لتبدأ الصحافة بالتكهن حول محتوياته، ولتعتبر أن «ثورة» ستجتاح المكتبات قريبا، وأن الكاتب «سيموت فعلا» هذه المرة بعد أن عاش في ذكريات وذاكرات من عرفوه في مقتبل عمره.
السيرة تحمل توقيع كل من شين ساليرنو وديفيد شيلدس، وقد أمضيا تسع سنوات وهما يعدان لها عبر التحقيقات العديدة التي قاما بها بالقرب من المقربين منه، كما بالقرب من «إخوة السلاح» الذين شاركوا معه في الحرب العالمية الثانية، وبالطبع حققوا أيضا مع جيرانه وأصدقائه القلائل وعشيقاته العديدات وناشري كتبه الماضية وزملائه في مجلة «النيو يوركر»، وهي المجلة التي نشرت أقاصيصه فيما مضى.
بالطبع وقبل الحدث تسربت بعض المعلومات، إذ عرف المؤلفان كيف «يموسقان» حملتهما الاعلامية، قائلين أيضا إن فيلما سينمائيا حول الكاتب سيعرض في صالات السينما بعد صدور الكتاب بأيام.
صحيفة «النيويورك تايمز»، أشارت إلى أن مؤلفي الكتاب سيــنشران المخــطوطات في مطلع العام 2015، وتم الكشف عن مخطوط واحد سيحمل عنوان «آخر أشياء بيتر بان الجميلة». يكفي هذا الخبر لتثار حملة كبــيرة، وبخاصــة أن الكاتــب لم ينشر كلمة واحدة منذ 1965، ليثير بذلك حشرية الجميع بانيا حوله شبكة كبيرة من الأسرار.
ومع هذه الأخبار لم يصدر بعد أي تعليق، لا من قــبل مــات سالينــجر (ابن الكــاتب)، ولا من كولين أونيل، أرملته، وهما اللذان يترأسان اليوم مؤسسة سالنجر. كأنهما بصمتهما المطبق يتخذان موقفا يشبه صمت الكاتب في حياته، وهما في أي حال لم يشاركا في التحقيق الذي قام به مؤلفا الكتاب.
يضم الكتاب شهادات لأكثر من 200 شخص، لكن قلة منهم كانت على تماس مباشر مع الكاتب، إذ كما هو معروف كانت حلقة أصدقائه ضيقة جدا ومن المتعذر اختراقها بسهولة. أما فيما يخص الجنود الذين شاركوا معه في الحرب العالمــية الثانية، فقد لجأ الكاتبان إلى الكثير من اليوميات التي كتبها أولئك الجنود في المعركة، وكما هو معروف فقد شــارك سالنجر في إنزال النورماندي، كما في معارك الأردين.


إعداد: إسكندر حبش

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...