تداعيات فك ارتباط الليرة بالدولار

27-08-2007

تداعيات فك ارتباط الليرة بالدولار

شارتان لافتتان تبلورتا الأسبوع الفائت على مستوى الليرة الأولى: موافقة اللجنة الاقتصادية في رئاسة الوزراء على فك ارتباط الليرة السورية بالدولار الأميركي وربطها بحقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي, والثانية: الاعلان الرسمي بمباشرة تطبيق القرار لجهة حماية الاحتياط النقدي الأجنبي من تقلبات أسعار الصرف.

والسؤال: ماهي دوافع ومبررات هذا القرار على الصعيد الوطني والعالمي, وأين مصلحتنامنه؟ ماذا يعني فك الارتباط عملياً, وما الاجراءات التنفيذية فيما يخص سعر الصرف وتحديده بالنسبة للمواطنين ورجال الأعمال؟ ما منعكسات القرار على أسعار المستوردات والصادرات واحتياطي الدولة من العملات الصعبة؟‏

مع ارتفاع وتيرة الحديث عن فك ارتباط الليرة السورية بالدولار الأميركي وربطها بحقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي وتداعياته على الاقتصاد السوري, تتزايد الأسئلة كل يوم عن منعكسات هذا القرار خصوصاً وأن المصرف المركزي لم يعزز معلومات تساعد على شرح هذه الخطوة ودوافعها, الأمر الذي له أبعاده الاقتصادية والاجتماعية.‏

فعملياً تتمتع الليرة السورية بمقومات استقرار لابأس بها في الوقت الحاضر, يبرز في مقدمتها توفر احتياطي جيد من العملات الأجنبية يكفي لتمويل الواردات السورية أكثر من عامين وتبلغ قيمة هذا الاحتياطي 18 بليون دولار, غيرأن المشكلة تكمن في بعض تعقيدات السياسة النقدية فمصرف سورية المركزي لايزال مقيداً بلوائح تنفيذية معقدة من شأن ذلك أن يحد من قدرته على منع التذبذب القوي لليرة السورية, أما المشكلة الأخرى في هذا الاطار فتتمثل في عدم توافر الكوادر المصرفية القادرة على استخدام الأدوات المالية والنقدية, من بين هذه الأدوات مثلاً اعتماد أسعار فائدة مرنة, واصدار شهادات ايداع مغرية, وتلبية حاجات الاستيراد بحيث يتم الحد من تأثير السوق السوداء والمضاربين في السوق المحلية.‏

ومما لاشك فيه أن سعر عملة مامرتبط كذلك بالعوامل النفسية التي يعكسها الوضع السياسي في المنطقة وبما أن هذا الوضع غير مستقر فإن هذا يقودنا إلى سؤال رئيسي: هل سيجعل القرار الجديد سعر العملة الوطنية مستقراً؟‏

يقول عبد القادر حصرية الخبير المالي (إن فك ارتباط الليرة بالدولار الأميركي وربط العملة الوطنية بوحدات السحب الخاصة هو خطوة صحيحة اقتصادياً, تأتي استكمالاً لخطوات سبق واتخذها المصرف المركزي للتمكن من إدارة سوق صرف الليرة علماً أن العملة السورية مازالت غير قابلة للتحويل إلا لغايات محددة مرتبطة بشكل رئيسي باستيراد السلع, ولاشك أن التقلبات بأسعار صرف الدولار الأميركي تجاه العملات العالمية الأخرى قد أدت إلى ا رتفاع الأسعار المحلية في القطر باعتبار أن حجما لايستهان به من التجارة الخارجية من السلع غير النفطية للقطر يتم مع الدول الأوروبية فالزيادة التي حصلت في سعر صرف اليورو تجاه الدولار الأميركي في السنوات الماضية ولدت ضغوطاً تضخمية في القطر, وبالتالي فإن ربط الليرة السورية بسلة عملات سوف يقلل من تقلبات أسعار صرف الليرة السورية تجاه عملات الشركاء التجاريين الرئيسيين للقطر).‏

حصرية أشار إلى أن هذا القرار من شأنه أن يحقق قدراً أكبر من الاستقرار لليرة ويحميها نسبياً من التقلبات المفاجئة التي تتعرض لها العملة الأميركية في أوقات كثيرة لافتاً إلى أن هذا الاجراء سيخفف من حدة التغيرات الطارئة على المكونات الاقتصادية الكلية للاقتصاد السوري, وسيحصنه في مواجهة التطورات المفاجئة في أسواق الصرف العالمية, كما أن اختيار حقوق السحب الخاصة كعملة ربط يتناسب لدرجة كبيرة مع هيكلية التجارة الخارجية للقطر من حيث تركيبة تجارتنا الخارجية مع الدول الأخرى ولتوزيع الاحتياطات النقدية لمصرف سورية المركزي بين عدد من العملات من بينها الدولار الأميركي واليورو.‏

من جانبه الخبير الاقتصادي سمير سعيفان اعتبر أنه من الصعب تقييم هذه الخطوة أو هذا الاجراء الذي تتخذه السلطات النقدية قبل أن توضح بعض النقاط ذات الأهمية بالنسبة للسياسة النقدية والمالية والتجارة الخارجية للسلع والخدمات واحتياطي الدولة وسياستها الخارجية.‏

وزير النفط الأسبق د. مطانيوس حبيب يرى (أن المطلوب في سورية ليس فك الارتباط بين الليرة السورية والدولار بل تنويع محفظة القطع الأجنبي وتشكيل الاحتياطي في سلة من العملات يتناسب تكوينها مع نسبة العملات الأجنبية المستخدمة في تسديد التزاماتنا الخارجية ومنها الدولار واليورو والين الياباني والجنيه الاسترليني وبذلك تتوفر لنا سلة من العملات بمثابة تغطية مساعدة لعملتنا الوطنية التي يجب أن تستند في تغطيتها أصلاً على الطاقة الانتاجية وحجم الناتج الاجمالي..‏

وبمعنى آخر أن يكون الاحتياطي من العملات الأجنبية القابلة للتحويل متنوعاً بنسبة تنوع مدفوعاتنا للعالم الخارجي وهكذا نتلافى مسألتين تهددان استقرار اقتصادنا المسألة الأولى المقاطعة التي تفرض علينا من قبل الولايات المتحدة الأميركية حيث أن كل المدفوعات بالدولار تمر عبر نيويورك, والمسألة الثانية تلافي تحمل نتائج التقلبات السريعة بين أسعار العملات التي يتم التعامل بها دولياً عند الحاجة إلى تحويل المدفوعات من عملة إلى أخرى).‏

وكانت السلطة النقدية تدخلت أواخر عام 2005 في سوق القطع للدفاع عن الليرة, بطرح كميات ملحوظة من القطع الأجنبي في السوق وذلك نتيجة انخفاض سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار في الوقت الذي تعلن اليوم عن فك ارتباط الليرة بالدولار. الخبير المالي عبد القادر حصرية أشار (إلى ضرورة الفصل بين الأمرين, بين فك ارتباط الليرة بالدولار, وبين طرح كميات من النقد الأجنبي عام 2005 الذي جاء من قبل المصرف المركزي متدخلاً في سوق القطع للدفاع عن الليرة السورية تجاه الضغوط التي تعرضت لها عملتنا الوطنية نتيجة ظروف سياسية خارجية وذلك عبر طرح كميات من النقد الأجنبي تمثلت بشكل أساسي بالدولار الأميركي في الأسواق لمواجهة الطلب على القطع الأجنبي...لافتاً أن هذا التدخل كان صحيحاً باعتبار أن أي سلطة نقدية لها أن تتدخل في سوق القطع للدفاع عن العملة الوطنية في حال تعرضت هذه العملة لضغوط غير عادية لاعلاقة مباشرة لها بالطلب العادي على القطع الأجنبي نتيجة استيراد السلع والخدمات كما شهدنا في العام .2005‏

ويراهن رجال أعمال سوريون على أن سياسة الحكومة قادرة على أن تبقي سعر الليرة مستقراً أو غير خاضع لارتفاعات أو انخفاضات باعتبار أن الامكانات متوافرة لدى مصرف سورية المركزي خصوصاً توفر احتياطي من العملات الأجنبية.‏

يقول د. راتب الشلاح رئيس اتحاد غرف التجارة (إن الليرة السورية تمتعت خلال السنوات الاثنتي عشرة الماضية بثبات واستقرار لم يكن نتيجة فرض السعر من قبل الحكومة وإنما كان نتيجة العرض والطلب في الدول المجاورة ماعكس استقراراً في قيمة الليرة بل ستحافظ الليرة السورية على مكانتها, فالسياسة النقدية ليست سياسة آنية أو مؤقتة والمهم أن نقتنع أن هذه السياسة دائمة ومستقرة وبالتالي أن تستمر الأموال التي تأتي إلى سورية من الخارج كونها كافية أن تبقي سعر الليرة ثابتاً وغير خاضع لارتفاعات عديدة.‏

أمل السبط

المصدر: الثورة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...