بعد ربع قرن: طيب تيزيني يجدد الدعوة لمشروعه النهضوي

24-04-2011

بعد ربع قرن: طيب تيزيني يجدد الدعوة لمشروعه النهضوي

جدد المفكر السوري طيب تيزيني دعوته إلى مؤتمر وطني للسوريين من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار الوطني وذلك في حديث له ضمن سلسلة ندوات «أوراق النهضة» التي يفتتحها للحوار منذ مدة اتحاد الكتاب العرب في سورية وفيه قال د. تيزيني: إن ما كان يسوقه طوال ثلاثين عاماً بـ«الحطام العربي» بدأ يتصدع ويتفكك ويفصح عن حالة جديدة وعمل فريد واستثنائي بدا الشهر فيه بموازاة مئتي سنة من اخفاقات النهضة الأولى وبدأنا نلمس ما يمكن أن يشكل حالة كبرى في حياتنا كمعجزات بمقياس ما قبل النظام العولمي وجاء هذا النظام العولمي ليرفع مشكلات العالم إلى سقفها.
 
ففي الحديث عن مشروع النهضة العربية والتنوير يرى د. تيزيني أن ما يحدث الآن يعود الفضل فيه للشباب الذين أسسوا لحامل اجتماعي جديد لأي تحول حقيقي في عالمنا الراهن، داعياً إلى «الإمساك» على ما يحدث وجعله حالة معيشة مشيراً إلى أنه ثمة «غباء داخلي» يزعم أن كل ما يحدث هو بفعل فاعل خارجي ذلك أن الداخل إن لم يسمح للخارج فإن الخارج لا يستطيع، وبالتالي حينما نخطئ فعلينا أن نصوب مواقفنا، فالداخل لا يعمل إلا بآلياته ومقتضياته..
ويرى د. تيزيني أنه وبفعل من المشروع الإمبريالي الاستعماري أخفق المشروع العربي وهنا بفعل خارجي حقاً وهنا يستطيع الخارج أن يلقم الداخل حجراً، لكن المشروع العربي ظل تحت الرماد ينتظر ليعيد بناء الموقف ويؤكد د. تيزيني هنا أن الدواخل هي من تقود ذاتها وليس هناك من يشرف عليها من عل وهذا درس بليغ والمسائل أخذت تصوب نفسها والحديث عن مشروع نهضوي جديد بدأ ولم يكن له أن ينشأ من خارج بنيته والاحتمالات هنا مفتوحة بفعل أصحاب العلاقة (العرب) وإنما بتماس مع الغرب، ذلك أن الأزمات انتجت حلولاً والحلول أنتجت (أو تنتج) أزمات، ومشروع النهضة العربية الذي سقط مراراً تبدو اللحظة مؤاتية لعودته ذلك أننا بدأنا نكتشف الفارس وهو ممتطي صهوة فرسه (الشباب) إنهم فعلاً يؤكد د. تيزيني: ساداتنا وهم من فتح تاريخاً جديداً.
ويلفت د. تيزيني إلى إشارات أولية لابد منها أن الذي يحدث يقتضي ضرورة أن نخضعه لفعل علمي مركز لنكتشف من هؤلاء الشباب من هم كطبقات أو فئات وهم الحامل الاجتماعي للتغيير الذي حدث ومثل حالة جديدة فيها كثير من التجانس الاجتماعي والطبقي والفئوي والثقافي فهنا الجميع بدأ يفصح عن نفسه مرة واحدة ودفعة واحدة.
وهذا أمر يراه د. تيزيني أمراً مهماً بعد فراغٍ في التاريخ أثقلنا فيه الفساد والاستبداد واللصوصية وكل الموبقات لتبدأ لحظة إعادة بناء التاريخ بعد الحطام العربي الذي بدأ يتفكك بقوة سحرية هائلة قوة الإنسان الذي يمتلك التاريخ ويمتلك صهوته مرة واحدة وبرقم قياسي من الأيام لنصل إلى النتيجة: إن التاريخ قابل للبناء مقابل التاريخ الآفل، لكن د. تيزيني يعود مرة أخرى للتشديد على الأولويات يتصدرها تأكيد علمي وتحكيم للضمير الأخلاقي والوطني والقومي المستنير وهذا ما نعيشه الآن فالوطن للجميع حتى للخطائين وللتاريخ أخطاء وهنا علينا أن نصوب لا أن نردم.
ويشدد د. تيزيني في حضور كبير للمثقفين والكتاب والباحثين تشديداً معرفياً حاسماً وهائلاً على العيش المشترك في سورية التي لا ينظر فيه إلى واحد دون آخر لافتاً إلى أن هناك من حاول أن يشوش المعركة التاريخية طائفياً أو مذهبياً وهذا باطل فعلينا أن نبدأ من حيث نحن كبنية تامة ولكن يعقب د. تيزيني افعلوا ما شئتم ولكنكم ستصوبون الأمر وعندها سنكتشف التأسيس للمشروع الجديد الذي يقوم على التعددية السياسية واستعادة المجتمع السياسي فالوحدة الوطنية التي أنجزناها علينا أن نحميها برموش العيون فكلنا سيخطئ وكلنا سيصيب وكلنا سيكشف كلنا وسنعرف من نحن ولكن السؤال ايضاً يقول د. تيزيني كيف نكتشف ما علينا أن ننجزه لتأسيس حالة جديدة وخاصة أنه لا يوجد شعب في العالم كله يحتفل بحالة جديدة كما هو الحال بالنسبة إلينا فالمارد الجديد كيف يعود؟! إنهم الشباب أحداق عيوننا، والمطلوب أيضاً أن نغلق باب الآلام التي عشنا ومرة واحدة وللأبد أما كيف؟! فلنبدأ بمؤتمر وطني للجميع بعد أن نأخذ رأي الأصدقاء والقادة ونحن نشكل بنية واحدة هي التعددية في نمط الآحادية ولا خوف من التعددية فكلما تعددت البنية اشتد العمل ولا ينبغي أن نسمع لمن يتحدث بلغات أخرى فالشباب روح الأمة وروح المجتمع وعلينا أن نبدأ من أن هؤلاء يصنعون تاريخاً جديداً ومن أن ما يمس الجميع يجب أن يحله الجميع ومشروعنا ليس فقط مشروعاً سياسياً إنما بناء لكيان جديد يعاد النظر فيه في كل شيء وبصيغ جديدة ومستجدة والحديث دائماً- ينبه د. تيزيني- لا علاقة له بالثأرية المدانة دائماً، وعلينا أن نضع في الحسبان «عفى الله عما مضى» شرط التأسيس لصيغ جديدة قادرة على الاستمرار ومتدفقة تنبع أهميتها من أهمية الحامل الاجتماعي الذي لا يعيش بوصفه جيلاً منفصلاً إنما موجود عبر العلاقات الممتدة هنا وهناك ضمن الروح الاجتماعية العامة.. فكل الجميع مع الجميع بعد أن دلل على خطورة غياب ذلك فيما عشنا بعضاً من الوقت الذي مضى فالاجتماع هو على الخير ولا نخاف شيئاً ونحن نبني وطناً فالوطن يمتلكنا ونمتلك الوطن ونحن نعيش لحظات ولادة جديدة نسهم جميعاً من أجل بناء سورية العظيمة زهرة الوطن العربي.

علي الحسن

المصدر: الوطن

التعليقات

( ساداتنا وهم من فتح تاريخاً جديداً.إنهم الشباب أحداق عيوننا) ( فالوحدة الوطنية التي أنجزناها علينا أن نحميها برموش العيون) --- هناك الكثير من هؤلاء الشباب يرفعون شعارات و يقومون بأعمال تهدد الوحدة الوطنية فكيف ينطق لسان واحد بأفكار متناقضة؟؟

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...