انتشار واسع للمخدرات في الأوساط الشبابية.. ومكافحتها مسؤولية جماعية

28-04-2018

انتشار واسع للمخدرات في الأوساط الشبابية.. ومكافحتها مسؤولية جماعية

رغم كل الدعوات العالمية لمكافحة المخدرات ومنع انتشارها، ورغم الأفلام التوثيقية والتسجيلية، التي وثّقت لقاءات مع المتعاطين، ودخلت أروقة المراكز العالمية، وصوّرت أصعب مراحل العلاج، ولاسيما مرحلة الحصار، ورغم كل الآثار النفسية والجسدية التي تلحقها سموم المخدرات بجسم الإنسان والتي تؤدي إلى الموت، نُفاجأ بأعداد المتعاطين عالمياً، والأمر اللافت أن خطر المخدرات وصل إلى سورية، فكان من تبعات الحرب الإرهابية التي تعرضت لها طيلة سنوات، إذ عمل الإرهابيون على تهريبها عبر الحدود المفتوحة، وانتشارها بين أوساط الشباب بالتحديد في الجامعات والمدارس، وطالت أيضاً الأطفال المشردين، ولم يعد استخدامها يقتصر على الأساليب التقليدية بالحبوب والإبر والبودرة للاستنشاق، وإنما تنتشر بطرق خفية من خلال أنواع من العطور والسجائر والأوراق النقدية بغية تدمير هذه الشريحة التي يعوّل عليها ببناء سورية، وانتشر تعاطيها في أماكن مختلفة.


فقضية انتشار المخدرات، تطرح أسئلة خاصة في ظل إصدار قوانين جديدة من قبل وزارة العدل، تحدد عقوبات الإتجار بالمخدرات وتسويقها وزراعتها وتصنيعها وبيعها، كما تثير مسألة العلاج من الإدمان، وهل يمكن أن يعود المتعاطي إلى حياته الطبيعية بعد نجاحه بخوض مراحل العلاج؟ وما دور المجتمع بكل شرائحه في المشاركة بعملية التفاعل مع المتعاطي وقبوله من جديد؟..  في ضوء كل هذه التساؤلات لابد من البحث بالأسباب الدافعة إلى تعاطي الشباب المخدرات، ومحاولة معالجتها للحدّ من انتشارها.

القانون بالمرصاد

وفي ظل القانون السوري تصل العقوبات إلى حد الإعدام وإلى المؤبد مع دفع غرامة كبيرة في ارتكاب جرائم المخدرات التي تبدأ من التهريب والاستيراد والتصنيع والاقتناء، وفي حال التبليغ عن جريمة الإتجار بالمخدرات تخفف العقوبة، كما ذكرت قاضي التحقيق الأول بثينة سليمان معاون وزير العدل، ويعتبر التعاطي أخف جرماً في قانون مكافحة المخدرات، وتوقفت عند جرم المتعاطي، فالقانون السوري يعتبره مريضاً، وليس مجرماً، فحدد مهلة ثلاثة أشهر لعلاجه في المصح، وتُمدد إقامته في المشافي المختصة في حال لم تتحسن صحته.

مشفى ابن رشد

وتعمل الجهات المختصة على معالجة مرضى التعاطي بمشفى ابن رشد الذي يؤمّن الأدوية والإقامة بالمشفى مجاناً للتعافي من آثار الإدمان التي تؤدي إلى فقدان الذاكرة، وارتفاع الضغط، وفقر الدم، والسكتة القلبية والسرطان، وتشمع الكبد، والإصابة بالإيدز، إضافة إلى الاضطرابات النفسية والاجتماعية، كما ذكرت الدكتورة هزار فرعون مديرة الشؤون الصيدلانية في وزارة الصحة، وبناء على إحصائيات وزارة الصحة وصلت نسبة الإصابات في العام الحالي إلى 1627.

استهداف الشباب

وحول دور المجتمع  بالحد من هذه الظاهرة الخطرة نجد أن وزارة الثقافة تبنّت الكثير من القضايا المجتمعية الهامة التي تمسّ بشكل مباشر جميع الشرائح، وخاصة شريحة الشباب، لأنهم الركيزة الأساسية للمستقبل، فكان لها دور واضح في نشر التوعية، وتحصين المجتمع من المخاطر، وحول انتشار المخدرات بيّن د. علي المبيض، معاون وزير الثقافة بأن وزارة الثقافة تصدّت لقضية المخدرات وتعاطيها من خلال ندوة ” المخدرات آفة العصر” التي أقامتها في مكتبة الأسد برعاية السيد وزير الثقافة محمد الأحمد بالتعاون مع اللجنة الوطنية لشؤون المخدرات، وكانت أشبه بنواة لمتابعة قضية المخدرات التي كانت جزءاً من الحرب الإرهابية على سورية بتهريب المخدرات من قبل الدول المتآمرة عليها بطرق مختلفة، والعمل على انتشارها بين أوساط الشباب.تضافر كل الجهود

ويرى د. المبيض بأن مكافحة المخدرات مشروع وطني يتكامل بتعاون وتضافر جهود كل الوزارات والمؤسسات والجهات المعنية لمنع انتشار هذه الظاهرة بممارسة دور كل وزارة في مواجهة هذه الظاهرة، وفيما يتعلق بخطة الوزارة، “تابع المبيض”:  إن وزارة الثقافة معنية أكثر من خلال مراكزها ونشاطاتها ودورها التوعوي بتجسيد مخاطر هذه الظاهرة بألوانها المختلفة، سواء بالمعارض التشكيلية، أو بالبروشورات المصوّرة التي تظهر تصاعد الحالة وآثارها التي تؤدي إلى الوفاة، أو تزيد من سلوكيات الانحراف بإقدام المدمن على السرقة ليشتري حبوب المخدرات أو الإبر أو السجائر، إضافة إلى نتائجها المرضية التي توصل إلى الموت.توصيف الصورةوتوقف د. المبيض عند فكرة توصيف الصورة كونها الأقرب إلى تجسيد الحدث من خلال صناعة الأفلام التوثيقية والتسجيلية للمدمنين، وكيفية معالجتهم بمشفى “ابن رشد”، لاسيما من قبل الشباب، ليصل إلى ضرورة تضافر الجهود لوضع خطة ممنهجة ومدروسة لملء أوقات فراغ الشباب، واستثمار طاقاتهم بمجالات الإبداع المختلفة، وبالرياضة.

دور الدراما

ولابد من أن نشيد بما قدمته الدراما السورية من خلال بعض الأعمال التي عرضت في مختلف المحطات العربية مثل: “غزلان في غابة الذئاب وخواتم ومذنبون أبرياء”، وغيرها، إذ استطاعت الكاميرا أن تكون رديف الكلمة، وتصف الحالة المرضية للمتعاطي، لاسيما في حال الهجوم وعدم وجود الجرعة، ومن المعروف أن دور الدراما أكبر من كل الندوات التوعوية لأنها تدخل كل بيت، وتوصل الفكرة بسهولة ووضوح، وتملك القدرة على التغيير والتنبيه والتحذير.

ردات الفعل

نجد أنفسنا إزاء محورين متكاملين، العلاج من الإدمان بمرور المتعاطي بمراحل عدة بعد اقتناعه بالعلاج، ومن ثم عودته إلى المجتمع، وتبيّن الباحثة د. باسمة أنور عرابي، من خلال معالجتها بعلوم الطاقة، أن المتعاطي يمر بأطوار نفسية متغيرة وآنية بين الجد والهزل، وبتقلب المزاج، والميل إلى العزلة، والتعامل معه صعب، ويحتاج إلى هدوء، لأن أعضاء الجسد تبدأ بالانهيار بتهديم الجهاز العصبي، وتحريك الفعل وردة الفعل، ومن ثم تهديم الجسم بما يشبه الاحتراق.

معالجة الأسباب

الفكرة الهامة التي توقفت عندها د. باسمة أنور عرابي هي الأسباب التي دفعت إلى التعاطي، وضرورة معالجتها، مثل الانفصال، وتشتت الأولاد، والانحلال الأخلاقي، وعدم المتابعة والرقابة من قبل الأهل، والفشل الدراسي أو العملي، والأزمات العاطفية، والانكسارات الداخلية، وفي منحى آخر البذخ الزائد في شريحة معينة في المجتمع، والتقليد الأعمى للشعور بالراحة النفسية، والهدوء الداخلي نتيجة التعاطي، لتخلص د. عرابي إلى أن المرحلة الهامة تأتي بعد العلاج في قبول المجتمع للمتعاطي.

متابعة الأسرة

ويتقاطع رأي الموجهة الاختصاصية للإرشاد النفسي إلهام محمد مع رأي د. عرابي بالمتابعة من قبل الأسرة، ومراقبة التصرفات في حال الميل نحو العزلة، واللجوء إلى الوحدة، وضرورة وجود المرشد النفسي في المدارس، والتواصل مع الأهل.تقليد المشاهير

الفكرة الهامة التي توقفت عندها المعالجة النفسية سلام قاسم هي أصدقاء السوء الذين يغررون بأصدقائهم، ويشجعونهم على التعاطي، في ظل غياب الأهل، وانشغال الأم والأب بالعمل دون تخصيص وقت للأبناء، أو نتيجة سفر رب الأسرة، ما يوجد مساحة أكبر من الحرية التي يستغلها الأبناء،  كما تطرقت إلى تقليد بعض المشاهير بأنهم يتعاطون أنواعاً معينة من المخدرات، فيقبلون على التعاطي.الدكتورة ماجدة الحمصي، رئيسة دائرة المخدرات في وزارة الصحة، دعت إلى المعالجة من الإدمان في مشفى ابن رشد، مبيّنة أن العنصر الأساسي للشفاء هو رغبة المتعاطي بالتخلص من الإدمان، والعودة إلى حياة آمنة.

تنشيط فعاليات شبيبة الثورة


الباحث بشؤون التراث الأستاذ بسام الأيوبي أثار مسألة الاهتمام بالشباب واستثمار طاقاتهم بتوجيههم نحو مداخل الإبداع، وتنمية المواهب، وتشجيعهم على ممارسة الرياضة، ليلتقي رأيه مع دعوة د. علي المبيض، وذلك بإيجاد الأوضاع الملائمة، وإنشاء المشروعات الشبابية من قبل الجهات المعنية، والاهتمام بنشاطات منظمة شبيبة الثورة.




ملده شويكاني - البعث

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...