الحقيقة والخيال في فيلم ملائكة وشياطين

04-06-2009

الحقيقة والخيال في فيلم ملائكة وشياطين

أثار عرض فيلم "ملائكة وشياطين" للمخرج الأميركي رون هاورد جدلا كبيرا في أوساط العلماء والرأي العام إزاء الفرق بين الحقيقة والخيال العلمي وبين التهويل المثير للهلع والإثارة المطلوبة للحبكة الدرامية في القصة.
 ولدحض المزاعم التي أثارها الفيلم عن أبحاث المادة ونشأة الكون عقد عدد من الباحثين بالمركز الأوروبي للأبحاث النووية بجنيف (سيرن) سلسلة من المحاضرات توجهت إلى الرأي العام لإزالة ما قد يتسرب إليهم من مخاوف إزاء عمل المركز بتأثير مما شاهدوه في الفيلم.

يعالج الفيلم قصة بنفس الاسم للمؤلف الأميركي دان براون عن عالم يعتقد وجود تنظيم سري معاد للكنيسة اسمه "المستنيرون" يريد تدمير الفاتيكان، ويركز على الصراع بين العلم والدين متمثلين في المركز الأوروبي للأبحاث النووية والفاتيكان.
 ويقول العالم الفيزيائي في سيرن هانزبيتر بيك "إن الفيلم مليء بالخيال العلمي البعيد تماما عن الواقع ويحمل مبالغات فيزيائية تبدأ من مشهد تصنيع المادة المضادة التي من المفترض أنها تنشأ من تصادم اثنين من الجسيمات تحت سرعة وطاقة عاليتين". 
 لكن الفيلم فاته -حسب بيك- "أن تلك المادة المضادة تختفي سريعا لتصادمها بالجسيم المعادل لها فيتلاشى الاثنان وتنشأ منهما طاقة".
 كما أن إمكانية "فصل الأجسام المضادة للبروتونات على سبيل المثال تحتاج إلى أسطوانة ضخمة وليس حقيبة يد كما ظهر في الفيلم، وملامسة تلك الأجسام المضادة لا تسبب أية أخطار، على عكس ما يروج له الفيلم"، حسبما يقول العالم الفيزيائي.
كما يؤخذ على الفيلم -في رأي بيك- تصوير عدد من الفيزيائيين يقومون بأبحاث عن المادة المضادة لحل مشكلة الطاقة، "في حين أن الحصول على الطاقة كمصدر للاستخدام اليومي أو العادي من المادة المضادة يتطلب استهلاك طاقة تعادل مليار مرة كمية الطاقة التي سيتم استخراجها منها، وبالتالي فتلك التجارب محض خيال بحت وغير مجدية عمليا".
 إلى جانب هذا يرى بيك أن ما أشار إليه الفيلم من حصول بطله على ربع غرام من المادة المضادة، غير واقعي لأنه "يستغرق ما لا يقل عن 250 مليون عام من العمل في مفاعل المركز الأوروبي للأبحاث النووية".
 لكن كل هذا لا ينقص من شأن الفيلم -حسب رأيه- إذ تحدث عن أهمية البحث العلمي والإمكانيات التي يمكن أن يتيحها، كما تناول مركزا بحثيا حقيقيا في الأحداث وليس افتراضيا.
 ويشار إلى أن مؤلف القصة جان براون قد حقق نجاحا في كتاب سابق له بعنوان "شفرة دافنشي" يعتقد فيه أن الفاتيكان يخفي حقيقة السيد المسيح عليه السلام لضمان السلطة الدينية، ويتناول الفيلم نظريات مكتشف الجاذبية الأرضية إسحاق نيوتن والرسام ليوناردو دافنشي.
 ومثلما هو الحال مع فيلم "ملائكة وشياطين" أثار فيلم "شفرة دافنشي" أيضا جدلا واسعا لاسيما في الأوساط الدينية التي انتقدت اعتماده على نظرية المؤامرة في النظر إلى تاريخ الفاتيكان، وسرده معلومات خاطئة عن السيد المسيح عليه السلام مما أدى إلى حظره في بعض الدول العربية والأوروبية.
 كما ألف بعض الروايات الأخرى مثل "الحصن الرقمي" و"نقطة الخديعة"، وترجمت أشهر أعماله إلى نحو 40 لغة من بينها العربية.
 ويرجح النقاد اهتمام براون العلمي والديني إلى نشأته في كنف أب عالم بالرياضيات وأم متخصصة في الموسيقى الدينية، ويرون أن الخيال العلمي يبقى بشكل عام أحد أنواع الأدب التي تحفز العلماء أحيانا للابتكار، كما تجعل الرأي العام على اطلاع بما يمكن أن يحدث مستقبلا.

تامر أبو العينين

المصدر: الجزيرة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...