الأتراك يترقبون بقلق قرار حظر حزب العدالة

08-05-2008

الأتراك يترقبون بقلق قرار حظر حزب العدالة

لا يزال الترقب والجمود يطبع الحياة السياسية في تركيا في انتظار قرار المحكمة الدستورية حول حظر حزب العدالة والتنمية من عدمه.
وفيما كانت الأنظار متجهة إلى ما يمكن أن يفعله الحزب الحاكم قبل صدور قرار المحكمة من أجل قطع الطريق على أي قرار بحظره عبر تعديل دستوري محدود أو شامل، يبدو أن قيادة الحزب، ولا سيما زعيمه رجب طيب أردوغان، سلموا أمرهم إلى المسار القانوني والتحرك وفقا لقرار المحكمة الدستورية.
فمن جهة يبدو أن الحزب تخلى عن فكرة تعديل محدود للدستور، وإحالته إلى استفتاء شعبي، إذا لم ينجح التعديل في البرلمان. وربما جاء ذلك بناء لتحذيرات من انقلاب عسكري في حال الإقدام على خطوة تعتبر تحديا للعلمانية. أما الخيار الثاني، وهو تعديل دستوري شامل، فلا تظهر أي مقدمات للعمل عليه، رغم أن الوقت يضيق.
وهذا لا يعني أن حزب العدالة والتنمية استسلم لقدر القرار المحتمل للمحكمة الدستورية، فهو يراهن بشدة على الدعم الخارجي والأوروبي تحديدا لمنع حظره، لكن العامل الداخلي هنا كان على الغالب هو الأقوى.
وقد انعكست أجواء الإحباط من القيام بعمل يقطع الطريق على قرار المحكمة على معظم تصرفات الحزب الحاكم وتصريحات قادته، ولا سيما أردوغان.
فحتى أقرب المقربين إلى الحزب من وسائل الإعلام والصحافيين انتقدوا طريقة تعامل الحكومة مع تظاهرة محدودة للعمال في الأول من أيار الحالي، وما كان لأردوغان سوى القول إن الدرك لم يأت من السماء.
لكن ما طغى على مسار القضية في الأيام الأخيرة هو ما نقل عن أردوغان، في اجتماع ضيق ومغلق مع بعض الصحافيين، من أنه إذا حظر الحزب، وهو شخصيا، من العمل السياسي، فسيشكل حزبا جديدا، وسيترشح كمستقل لأن القانون يسمح بذلك، وسيواصل الطريق وقد يدعو إلى انتخابات مبكرة.
غير أن بعض من حضر الاجتماع نفى صحة هذه المعلومات. وقالت الكاتبة نازلي ايليجاق، التي كانت بين الحضور، إن أردوغان لن يدعو إلى انتخابات مبكرة، وهو يفكر جديا في حال حظره أن يخوض معركة مختلفة طويلة المدى على المستوى الاجتماعي، من خلال ترؤس تكتل مدني يجول في البلاد، لتشكيل تيار جديد مختلف كليا عن المرحلة السابقة. ونفت أن يكون في نية رئيس الحكومة الدعوة إلى انتخابات نيابية عامة مبكرة.
وتكثر الشائعات، في حال حظر الحزب وعدم ترشح أردوغان كمستقل، عمن سيقود الحزب الجديد ومن سيكون رئيس الحكومة المقبل. ويقول الرئيس السابق سليمان ديميريل إن مصدر قوة أردوغان هو أن أي انتخابات نيابية مقبلة ستأتي من جديد بحزب موال له، ويملك غالبية مطلقة في البرلمان.
وتظهر أسماء مثل وزير الخارجية علي باباجان والوزيرين محمد علي شاهين وجميل تشيتشيك، وربما رئيس البرلمان كوكسال طوبتان لرئاسة الحزب الجديد، وبالتالي الحكومة المقبلة. ويبقى احتمال ضئيل وهو تشكيل حكومة انتقالية برئاسة عبد اللطيف شينير، تضم أحزاب البرلمان كافة.
في هذا الإطار، نشر حزب العدالة والتنمية النص الكامل لدفاعه أمام المحكمة الدستورية، والذي جاء في مئة صفحة. ولم يشأ الحزب تسمية ردّه بـ«الدفاع» بل بـ«الجواب» على ادعاءات المدّعي العام.
وقال الحزب في جوابه إن الدعوى ليست فقط ضد الحزب بل ضد إرادة الملايين الذين منحوه ثقتهم، وضد القيم الاجتماعية. وشدد على أن الحزب ليس بؤرة معادية للعلمانية بل بالعكس عمل على توسيع قبول العلمانية لدى فئات واسعة من المجتمع، بدلا من حصرها في فئة اجتماعية محدودة. وذكّر بأن جميع التصريحات المتعلقة بالعلمنة تدخل في باب حرية الرأي.
وفنّد الحزب ادعاء تشجيع الحزب على فتح مدارس دينية خارج البلاد، بقوله إن جميع المسؤولين الأتراك، بمن فيهم قادة عسكريون، كانوا يزورون هذه المدارس خلال جولاتهم الخارجية، وكانت مصدر فخر لهم.
أما عن مسألة الحجاب، فقال الحزب إنها ليست مسألة خاصة بـ«العدالة والتنمية»، بل إن التعديل الدستوري كان قرارا برلمانيا لا حزبيا، ومن بين المؤيدين له حزب الحركة القومية. واعتبر أن حظر الحجاب في الجامعات لا يمت بصلة للعلمانية، حيث ليس هناك أي بلد ديموقراطي في العالم يمنعه.
واعتبر الحزب أن الدعوى ليست حقوقية بل سياسية، وأكبر دليل على ذلك أن رئيس الجمهورية عبد الله غول قد أدخل في الدعوى، فيما لا يحاكم إلا بتهمة الخيانة العظمى. وذكّر بقول رئيس مجلس التعليم العالي السابق أردوغان تيزيتش، وهو أحد كبار العلمانيين المعادين لحزب العدالة والتنمية، الذي قال في عام 1997 بأنه لا يمكن حظر حزب موجود في السلطة.
وفي جواب الحزب اتهام للقضاء بأنه يقوم بدور المعارضة السياسية، وهو تهديد خطير للديموقراطية. ويورد جواب الحزب عددا كبيرا جدا من التصريحات والآراء لزعماء علمانيين حول أمور دينية مشابهة لما يورده المدّعي العام عن لسان أعضاء في حزب العدالة والتنمية، لكن الازدواجية في التعامل كانت واضحة، إذ فتحت دعوى ضد الحزب فيما لم يمس أحد من العلمانيين.

محمد نور الدين

المصدر: السفير
  

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...