استدراج الأطفال بالأسئلة الخاصة يحرج الآباء والأمهات

26-05-2007

استدراج الأطفال بالأسئلة الخاصة يحرج الآباء والأمهات

علت ابتسامة «مشبوهة»، فم ندى مبروك (أم لأربعة أطفال)، فور سماعها، أصغر أطفالها، مهنّد (5 أعوام)، وهو يسترجع أحداث شجار عائلي دام ساعتين ونصف الساعة. سيطرت على ملامحها دهشة ملتبسة تعكس الإحراج الذي سببه لها وضوح طفلها وصراحته هو، الذي تربى على عدم إفشاء أسرار البيت، وبخاصة المهمة منها. وكان مهند يجيب عن أسئلة أحد الأقارب أثناء زيارة عائلية. وتشرح مبروك: «يصمت أولادي متجنبين الاجابة عن أي سؤال يوجّه إليهم. ويصل تكتمهم إلى عدم الإعلان عن وجبة الغداء أو غيرها، ظنّاً منهم أنها أمور عائلية خاصة». وتضيف، مندهشة: «مهند يتحدث عن أمور فاقت مستويات اعتقاداتي. أحرجني بشدة امام الأقارب». وتستدرك: «لكنني لا ألقي اللوم عليه فهو طفل، وإنما على من وجّه إليه الأسئلة».

ذاكرة مهند الطفولية أمدّته بشريط متكامل حول أمور أخرى غير المشاجرة، وبدا مهند بطلاً قوياً يكشف أسرار، ويضحك مع الشاب الذي أدعى انه يوجد جواً مرحاً.

وتقول أم ثامر: «لا وجود للحرج في قاموس الأطفال، لأنه غير وارد في عقولهم». وتثبت نظريتها قائلة: «أخو زوجي سأل ابنتي نورة (4 أعوام)، ضاحكاً هل ما زلت تنامين بين والديك يا نورة؟». فما كان منها الاّ أن اجابته بكل براءة «ماما تضربني عندما ادخل غرفتها». وتضيف: «اضطررت بعدها الى الانسحاب من الجلسة، بسبب الاحراج الذي شعرت به. وضربت ابنتي على وجهها ويديها في ذاك اليوم».

هذه الحوادث تؤدي في وقت معين إلى التباسات عائلية، وبصدقية عالية وشفافية لم يتوانَ مثنى السلمان (5 سنوات) عن ان يكشف ما في جعبته من أسرار على رغم إدراكه ووعيه التام بأن ما يصدر عنه من إيماءات، تشير إلى التهديد لوالديه، وتوقعه ما يمكن أن يصدر في حقه من عقوبة قد تكون صارمة. الا انه لم يدر بخلد مثنى أن كلماته المتقاطعة المليئة بالضحك تارة والشرود تارة أخرى، ستؤدي إلى خلاف عائلي استمر عامين ونصف العام. وتقول والدته: «كشف مثنى عمّا يدور في بيتنا من زيادة المصروفات والتوجه إلى مدن الألعاب وزيارة المطاعم وشراء الملابس في شكل دائم... بعد أن سأله أحدهم عن حجم مصروفاتنا، وكنّا شكونا من قلة الدخل وعدم القدرة على مواكبة مصاعب الحياة، كتلميح لهذا الشخص الى عدم قدرتنا على إقراضه مبلغاً من المال». ما قاله مثنى تسبب في شباك وتلاسن وحقد بين والده وقريبه.

وغالباً ما يسترسل الاطفال في رواية الاحداث والاجابة عن الاسئلة التي يطرحها أشخاص يتميزون بفضولية عالية، كما حصل مع الطفلة نورة العوض، عندما أجابت عن سؤال إحدى عمّاتها: «ماما وبابا لا يفتحان لنا الباب، وإذا بكيت لا يردان... طيب لماذا كانا يضحكان؟».

وتنصح الأختصاية الاجتماعية ريما الصالح الآباء بالتريث في توجيه أبنائهم حول إفشاء الأسرار العائلية. وتقول: «اللوم والعتب يقعان على الأهل، عند السماح بإيجاد مثل هذه الأجواء، وتجاوز الأطراف الأخرى بالحديث». وتوضح: «لا بد من ضوابط للجلسات العائلية لعدم تجاوز الحدود اللازمة، واستدراج الاطفال في غياب أهلهم». وتختتم: «اعتقد أن من يتصرف كذلك لا بد له من تأهيل نفسي حتى لو كان مزاحاً».

وتحلل الاختصاصية النفسية ريم العمير وقوع الأطفال في شباك أسئلة أشخاص متطفلين، وتقول: انها «سلوكيات اجتماعية وعادات غير مقبولة من الطرفين، فالأسرة قد تكون أحد مسببات الحرج لاعتياد طفلها على الأخذ والعطاء أثناء الحديث مع الآخرين، فلو كانت الأم على علم ودراية بأساليب التنشئة السليمة لما وقعت في مأزق». وتؤكد العمير أن «أطفالاً لا يتجاوزون السنة ونصف السنة من العمر، لديهم القدرة على التعامل مع الآخرين، والرد على الأسئلة الموجهة إليهم». وتضيف: «غالباً ما يجيب الطفل الذكي على السؤال بسؤال، أو بإبداء عدم رغبته بالحديث». وتربط العمير بين الأسئلة المتعلقة بأمور جنسية، بأساليب التربية الجنسية: «يجب عدم ترك الفرصة لأن يتعرف الطفل الى كلمة العيب من الآخرين، ويندهش بها. الحوار السليم المبني على التفصيل الايجابي والسلبي للطفل، لما يدور في منزله ومعرفة أسبابه يقع تحت طائلة مسؤولية الأم».

 

رحمة ذياب

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...