إمارة «داعش» الإلكترونيّة تتهاوى

28-11-2016

إمارة «داعش» الإلكترونيّة تتهاوى

في إحدى اللّيالي من صيف العام 2015، وبينما كان جُنيد حسين خارجاً من مقهًى مخصصاً للانترنت في الرقة السوريّة، قتلته طائرة أميركيّة من دون طيّار.
جُنيد، البالغ من العمر 21 عاماً، قرصانٌ مهمّ في التّنظيم. إنكليزيّ من بيرمينغهام. كان قائداً لفرقةٍ من اختصاصيّي الكومبيوتر في إنكلترا، قدّمت دعماً كبيراً للدّعاية الإلكترونيّة للتّنظيم، وحثّت أتباعه، عبر شبكة الانترنت، على القيام بعملياتٍ إرهابيّة في الغرب.
تباعاً، قامت القوّات الأميركية وحلفاؤها بقتل أهمّ أعضاء الشبكة، الّتي أطلق عليها «مكتب التّحقيقات الفيدرالي» (أف بي آي) تسمية «الفيلق». جاءت تلك العمليّة ضمن حملةٍ سرية أسكنت موجةً من أنشطةٍ إرهابيّة انتشرت العام الماضي في الولايات المتّحدة، وأثّرت دعايتُها على عددٍ من الشّباب الأميركيّ.
على الرّغم من ذلك، ما زال «داعش» يمتلك شبكة تواصل اجتماعيّ معقّدة. تعترف القوّات الأميركية ومعها مسؤولون في المخابرات بذلك. وهي تعرف أنّ تلك الشّبكة تساعدها في الحثّ على القيام بهجماتٍ كتلك التي حصلت في «سان برناردينو» العام الماضي (راح ضحيّتها 14 شخصاً) وفلوريدا، وهي تبقى عدوّاً يُشتبه في أنّه يُشكّل خلايا سرّية في أوروبا. لكنّ المسؤولين الأميركيين يؤكّدون، في الوقت نفسه، أنّ الجهد المشترك للقضاء على «الفيلق»، يدلّ على «نجاح الولايات المتّحدة في تقليص قدرة داعش على توجيه وتمكين الهجمات ضدّ الغرب».
صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركيّة أضاءت على هذا الشقّ الخفيّ والشّديد التّأثر داخل التّنظيم الإرهابي.
نقل الصّحافيّان آدم غولدمان وإريك شميت، في مقالةٍ نُشرت يوم الخميس، عن مسؤولين أميركيّين حاليين وسابقين قولهم إنّه «ومع تفاقم الخطر العام الماضي، وتصعيد الأف بي آي من رصد التحركات الإرهابية في البلاد، حثّ مكتب التحقيقات القوّات المسلحة على التركيز على هذه المجموعة».
بينما وجّهت القوات الأميركية والبريطانية مجموعةً من الضربات على عددٍ من أعضاء المجموعة، لاحق «الأف بي آي» آلاف متتبّعي «الفيلق» على وسائل التّواصل الاجتماعي لمعرفة من تأثّر بهذه المجموعة. وذكرت «نيويورك تايمز» أنّه، خلال العامين الماضيين، تمّ توقيف حوالي 100 شخص بتهم الإرهاب. وتبيّن أنّ العديد من الموقوفين كانوا على ارتباطٍ مباشر بـ «الفيلق».
بالعودة إلى جنيد حسين، تبيّن أنّه كان على صلةٍ بتسريب معلوماتٍ شخصيّة تتعلّق بأكثر من ألف و300 جندي وموظّف حكومي أميركي. في شهر آذار من العام الماضي، قامت مجموعته بنشر أسماء وعناوين عددٍ من المسؤولين ذُيّلت بتعليمات تدعو إلى قتلهم: «اقتلوهم في ديارهم، خلف بيوتهم، اطعنوهم حتّى الموت بينما هم يسيرون في طرقاتهم معتقدين أنّهم بأمان».
«القرصان» لم تكن الوظيفة الأهمّ لدى جُنيد. طغت على ذلك صفة «المجنِّد» جُنيد حسين.
بحسب تسجيلات المحكمة، تواصل حسين مع أربعة رجالٍ في أربع ولاياتٍ على الأقلّ. طلب منهم المباشرة بهجمات، أو المساعدة في «نشر رسالة الدّولة الإسلاميّة». وكشفت التّسجيلات كذلك أنّ حسين كان وراء التّخطيط لقطع رأس باميلا غيلير، وهي صاحبة تدوينة إلكترونيّة. ولتحقيق ذلك، قام حسين مطلع العام 2015 بالتّواصل مع أسامة عبد الله رحيم (26 عاماً)، وتوجيه التّعليمات إليه لقتل غيلير.
لكن رحيم تخلّى فجأةً عن الخطّة، واستعاض عنها بقتل رجل شرطة في بوسطن. وقد قُتل رحيم على يد «الأف بي آي» في شهر حزيران 2015 بعد أن قام بهجومٍ بواسطة سكّين. وتمّ إلقاء القبض كذلك على اثنين من زملائه المتورّطين بالهجوم.
تشعّبت نشاطات جُنيد حسين التّجنيديّة لتطال طالباً جامعيّاً في أوهايو يُدعى منير عبد القادر. كانت مهمّة الأخير اغتيال جندي أميركي وتسجيل العمليّة على شريط فيديو. بعدها، طلب جنيد حسين من عبد القادر القيام بهجومٍ على مركزٍ للشّرطة في سينسيناتي بولاية أوهايو. وبينما كان عبد القادر يُحضّر لعمليّة الاغتيال، أخبر حسين عن «بسالته في ميدان الرّماية»، فردّ عليه مُجنِّدُه قائلاً «في المرّة المقبلة، ستلقي الرّصاص على وجوه الكفّار وبطونهم».
وقد تمّ إلقاء القبض على عبد القادر (22 عاماً) في شهر تمّوز، ووُجّهت إليه تهم دعم الإرهاب والتّخطيط لقتل عنصرٍ في الجيش وضبّاطٍ من الشّرطة.
وتابعت الصّحيفة الأميركيّة سرد عددٍ من العمليّات الّتي خطّط لها «العضو الالكتروني» الفاعل لـ «داعش»، ومنها التّخطيط للقيام بهجماتٍ في عددٍ من الولايات الأميركيّة وتسجيلها على أشرطة فيديو بهدف استخدامها لاحقاً لأغراض الدّعاية.
ونقلت «نيويورك تايمز» عن مسؤولين أميركيّين كيف بدأ «الفيلق» يتهاوى. في شهر أيّار أعلن عن مقتل هوستي. وبعد أشهر، تمّ استهداف أستراليّ من المجموعة يُدعى نيل براكاش، الّذي تمكّن من النّجاة ليُلقى القبض عليه لاحقاً في إحدى الدول العربية، بحسب أحد المسؤولين الأميركيّين.
وفي آب 2015، قُتل جُنيد حسين. ويُعتقد أنّ زوجته سالي جونز، وهي عضو سابق في فرقة روك إنكليزيّة ذهبت مع زوجها إلى الرقة، لا تزال على قيد الحياة.

(«السّفير»، «نيويورك تايمز»)

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...