وثائق يوميات حرب أفغانستان السرية

14-08-2010

وثائق يوميات حرب أفغانستان السرية

الجمل:  تحدثت الأوساط الإعلامية بمختلف أنواعها على مدى الأسبوعين الماضيين عن وثائق البنتاغون (وزارة الدفاع الأمريكية) السرية المتعلقة بالحرب الأفغانية، والتي تم نشرها على موقع ويكيليكس الالكتروني الأمريكي المختص بنشر التسريبات التي تكشف الحقائق والمعلومات غير المعلنة التي تدور وراء الكواليس. فما هي طبيعة الوثائق السرية التي تم نشرها؟ وما مدى مصداقية عملية النشر التي خلقت وضعاً دراماتيكياً أدى إلى حدوث سيناريو مواجهة حادة بين البنتاغون وموقع ويكيليكس؟
* المواجهة المعلوماتية-الإعلامية على خط البنتاغون-ويكيليكس: ماذا تقول المعلومات؟
شهد يوم 25 تموز (يوليو) الماضي قيام موقع ويكيليكس الإلكتروني الأمريكي بنشر عدد هائل جداً من الوثائق الأصلية السرية المتعلقة بحرب أفغانستان، وفي هذا الخصوص نشير إلى المعطيات الآتية:
- تحدثت مصادر موقع ويكيليكس عن حصول الموقع على 91.731 وثيقة أمريكية عسكرية-أمنية سرية متعلقة بالحرب في أفغانستان.
- أطلق موقع ويكيليكس حملة نشر الوثائق السرية تحت عنوان «يوميات حرب أفغانستان».شعار الموقع
- خلال الثلاثة أيام الأولى الممتدة من 25 إلى 28 تموز (يوليو) 2010 الماضي، نشر الموقع 75000 وثيقة سرية واحتفظ ببقية الوثائق.
- برزت خلال هذه الفترة المزيد من ردود الأفعال الغاضبة في أوساط الإدارة الأمريكية والكونغرس الأمريكي، إضافةً إلى تزايد غضب الجمهوريين وبقية مجموعات الصقور في الإدارة الأمريكية.
- طالب البنتاغون موقع ويكيليكس الالكتروني بضرورة إزالة الـ 75 ألف وثيقة المنشورة فيه، إضافة إلى عدم نشر الـ 16.731 وثيقة المتبقية.
- أعلن موقع ويكيليكس عن رفضه القاطع إزالة الوثائق السرية وإضافة لذلك أعلن موقع ويكيليكس عن نيته الاستمرار وإكمال نشر بقية الوثائق السرية.
- أعلن موقع ويكيليكس اليوم تأكيداً قاطعاً بأنه سوف ينشر بقية الـ 16.731 وثيقة سرية.
تزايدت عملية تبادل التصريحات الغاضبة المتعاكسة بين البنتاغون الأمريكي وموقع ويكيليكس الالكتروني الأمريكي. وخلال هذه المواجهة ظل البنتاغون يفسر موقفه الرافض لعملية النشر على أساس اعتبار أن نشر هذه الوثائق وفي هذا الوقت في الذات سوف يلحق ضرراً بالغاً في المصالح والقوات الأمريكية وحلفاء أمريكا في أفغانستان وباكستان. أما موقع ويكيليكس فقد فسر موقفه الداعم لعملية نشر الوثائق على أساس اعتبارات مشروعية حقوق نشر المعلومات وحرية التعبير والرغبة في تعزيز وترسيخ الممارسة الديمقراطية في أمريكا.
 * وثائق يوميات حرب أفغانستان: توصيف المحتوى
أكدت التقارير والتحليلات بأن الـ 75 ألف وثيقة التي تم نشرها على موقع ويكيليكس كانت جميعها تتعلق بحرب أفغانستان، وإضافةً لذلك فقد أكدت التقارير والتسريبات بأن الـ 15.731 وثيقة المتبقية للنشر هي أيضاً تتعلق بحرب أفغانستان. هذا وقد أثارت الوثائق السرية التي تم نشرها حتى الآن العددي من الموضوعات المتعلقة بحرب أفغانستان، وتشير التحليلات والتقارير إلى أن هذه الوثائق السرية التي تم نشرها والتي سوف يتم نشرها قد أثارت القضايا الآتية:
- ملف المزاعم الأمريكية التي تحدثت عن الدعم الخارجي لحركة طالبان: وفي هذا الخصوص، فقد تعرضت الوثائق إلى المعلومات عن طبيعة الدعم الذي ظلت تحصل عليه حركة طالبان من باكستان وإيران وكوريا الشمالية.
- ملف الضحايا المدنيين: تعرضت الوثائق إلى المعلومات التي أكدت على أن القوات الأمريكية وقوات الناتو وبقية قوات التحالف الدولي قد درجت على القيام باستهداف المدنيين الأفغان بالإضافة إلى بعض المدنيين الباكستانيين المقيمين على طول الحدود الأفغانية-الباكستانية.
- ملف ضحايا النيران الصديقة: تحدثت الوثائق عن المعلومات التي أكدت حدوث اشتباكات محدودة وأخطاء أدت إلى سقوط ضحايا في أوساط القوات الأمريكية والقوات الدولية وقوات الناتو والقوات الأفغانية، بسبب قيام طرف من هذه الأطراف ضمن تقديرات معينة بإطلاق النيران على الطرف الآخر، ويتدرج ضمن هذه العملية التقديرات الذاتية الخاطفة الخاصة بعناصر هذه القوات. وفي معظم الأحيان كانت التجاوزات تنحصر في قيام بعض عناصر القوات الأفغانية بإطلاق النار ضد القوات الأمريكية وفي أحيان أخرى كانت القوات الأمريكية طلق نيرانها بما أدى إلى إصابة قوات الناتو وغيرها من القوات الدولية والأفغانية.
- ملف دور تنظيم القاعدة: تحدثت الوثائق عن معلومات تقول بأن تنظيم القاعدة قد ظل شريكاً رئيسياً لحركة طالبان الأفغانية في كل عملياتها التي تضمنت استخدام سيناريو التفجيرات الانتحارية، بحيث ظلت تشكيلات طالبان المعنية بتنفيذ العمليات تتضمن عناصر من تنظيم القاعدة تنحصر مهمتهم في تنفيذ التفجير الانتحاريز وبكلمات أخرى، فإن كل مجموعة طالبانية تتشكل بحيث يكون فيها عناصر تابعين لحركة طالبان يستخدمون الرشاشات والمدافع وغيرها، إضافةً إلى عدد من العناصر المكلفة بتنفيذ التفجيرات الاستشهادية الانتحارية، وهؤلاء يتبعون حصراً لتنظيم القاعدة والذي درج على التنسيق مع حركة طالبان لجهة تزويدها بالانتحاريين كلما دعت الحاجة إلى ذلك.
- ملف اتساع حجم ونطاق العمليات الخاصة: يتضمن الإطار العملياتي-العسكري-المخابراتي الخاص بالحرب على عمليات عامة وعمليات خاصة، وعادة ما تكون العمليات الخاصة ذات طابع نوعي ومحدود، وقد كشفت الوثائق المنشورة عن اتساع نطاق العمليات العسكرية الخاصة بشكل غير مسبوق، وذلك بما أدى إلى تقويض دور العمليات الحربية العامة التقليدية الجارية. وفي هذا الخصوص أكدت الوثائق بأن قوة المهام الخاصة 373 الأمريكية قد نفذت وحدها 144 عملية عسكرية-مخابراتية خاصة أدت إلى مقتل 195 مدنياً.
- ملف منشآت الاحتجاز والاعتقال والتعذيب: تطرقت معلومات الوثائق إلى عمليات اعتقال الأفغان واحتجازهم والتحقيق معهم تحت ضغوط التعذيب، وفي هذا الخصوص كشفت الوثائق عن الانتهاكات الفظيعة التي ظلت تحدث للمعتقلين والمحتجزين الأفغان في مركز قاعدة الباغرام الأمريكية المخصص لاستجواب وتعذيب المحتجزين حيث تتم عملية استخلاص المعلومات منهم، ثم بعد ذلك يتم ترحيلهم إلى المراكز الأخرى أو التخلص منهم.
- ملف صواريخ طالبان الحرارية: كشفت الوثائق والتقارير بأن حركة طالبان قد ظلت لفترة طويلة تستخدم الصواريخ القصيرة المدى التي تعمل وفقاً لنظام متابعة الحرارة بما يتيح للصاروخ تعقب حرارة ماكينة الطائرات المحلقة في الجو. وطول هذه الفترة لم تكن قيادة القوات الأمريكية على علم بذلك، الأمر الذي أتاح لحركة طالبان استهداف العديد من الطائرات الأمريكية، وعلى وجه الخصوص التي تحلق على ارتفاع منخفض، الأمر الذي أدى بدوره إلى مقتل العديد من العسكريين الأمريكيين والتابعين لقوات الناتو والقوات الدولية إضافةً إلى القوات الأفغانية.
- ملف كشف أسماء المخبرين والمتعاملين: تضمنت الوثائق السرية المنشورة المزيد من السرديات التي تتيح لمن يدقق ويفحص معطياتها، أن يتوسل بكل سهولة ويسر إلى مصدر المعلومات. وفي هذا الخصوص، فقد رأى كل الخبراء بأن معطيات هذه الوثائق سوف تتيح كشف عدد كبير للغاية من عناصر المتعاملين والمخبرين الأفغان الذين ظلوا يزودون الأجهزة الأمريكية بالمعلومات الاستخباراتية في مسرح الحرب الأفغانية.
- ملف العمليات النفسية: كشفت الوثائق العمليات النفسية-الدعائية التي ظلت تقوم بها القوات الأمريكية عبر الوسائط الإعلامية الدعائية إضافةً إلى دور أجهزة الصحافة والإذاعة وشبكات المعلوماتية والأخبار والقنوات الفضائية والإعلاميين المرتبطين بأجهزة الحرب النفسية الأمريكية.
تحدثت الأوساط العسكرية والمخابراتية الأمريكية وأيضاً الأوروبية الغربية عن مدى فداحة الأضرار التي سوف تتعرض لها الجهود العسكرية الأمريكية-الغربية الجارية ليس في مسرح الحرب الأمريكية وحسب وإنما في مسرح الحرب العراقية إضافة إلى الصراع الدائر في الساحة الباكستانية والذي تتورط فيه الأجهزة الأمريكية، وعلى وجه الخصوص وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والتي مازالت أكثر اهتماماً بتوسيع عمليات القتل خارج النطاق القضائي باستخدام الطائرات بدون طيار.
* ما مدى مصداقية تسريبات موقع ويكيليكس: أبرز الشكوك والشبهات
- الأطراف التي راهنت على مصداقية العملية: وتمثلت في المحللين السياسيين والعسكريين الداعمين لمشروع الحرب الأمريكية ضد الإرهاب، وما كان لافتاً للنظر أنهم قد أجمعوا على ضرورة قيام موقع ويكيليكس ليس بإزالة الوثائق المنشورة وإنما الامتناع عن نشر المزيد منها، وإضافةً لذلك طالبت هذه الأطراف إجراء تحقيقات رسمية من أجل معرفة المصدر المسؤول عن عملية تسريبات هذه الوثائق.
- الأطراف التي راهنت على عدم مصداقية العملية: وتمثلت في الخبراء والمحللين السياسيين والعسكريين المعادين لمشروع الحرب الأمريكية ضد الإرهاب، وقد سعوا جميعاً إلى اعتبار نشر هذه الوثائق بأنه قد تم على خلفية عملية سرية مخابراتية أمريكية تهدف إلى التأثير على الرأي العام الأمريكي بما يتيح تمرير المزيد من القرارات والمشروعات والقوانين الجديدة المتعلقة بملفات الحرب الأمريكة ضد الإرهاب.
تقول أبرز التحليلات، بأن قيام موقع ويكيليكس الالكتروني الأمريكي قد تم ضمن إطار عملية نفسية مخابراتية أمريكية-إسرائيلية، وذلك ضمن إطار ترتيبات استباقية تهدف إلى ترتيب مسرح الحرب ضد الإرهاب وفقاً لأسس وهياكل جديدة. وفي هذا الخصوص أشارت هذه التحليلات إلى المعطيات الآتية:
- إن الحصول على 91731 وثيقة عسكرية-أمنية سرية من وزارة الدفاع الأمريكية هو أمر في غاية الصعوبة وغير متاح حتى لكبار المسؤولين في البنتاغون وأجهزة المخابرات الأمريكية، فكيف استطاع رئيس تحرير موقع ويكيليكس الالكتروني الحصول بهذه السهولة ودفعة واحدة على هذا الكم الهائل، بل الهائل جداً من الوثائق السرية.
- يرتبط موقع موقع ويكيليكس الالكتروني الأمريكي بموقع موسوعة الويكيبديا (الموسوعة الحرة العالمية) التي تتبع بشكل مباشر إلى رموز جماعات اللوبي الإسرائيلي والكيانات المعلوماتية المرتبطة بها مثل الموسوعة اليهودية وما شابه ذلك.
- رئيس تحرير موقع ويكيليكس هو صحفي أسترالي الأصلي، ويبلغ من العمر 39 عاماً ( مواليد1971) ويعد من الصحفيين المغمورين، ولا يوجد له مقر أو مكتب ثابت داخل الولايات المتحدة الأمريكية أو حتى خارجها، وهو في حالة سفر وترحال دائم بين العواصم العالمية الكبرى والصغرى. ومن أين له كل هذه الموارد والإمكانيات لكي يحصل على مثل هذا الكم الهائل من الوثائق، إضافةً إلى أنه كصحفي لا يتمتع بالمهنية والاحترافية بالقدر الكافي الذي يؤهله لإنجاز مثل هذه العملية الضخمة.
- تقنية تسريب ونشر الوثائق تمت بشكل مثير للاهتمام، فقد تم نقل دراسات وتحليلات خاصة بهذه الوثائق إلى ثلاثة من أكبر المنشآت الصحفية العالمية: نيويورك تايمز الأمريكية، الغارديان البريطانية، دير شبيغل الألمانية. وبعد ذلك مباشرة بدأ موقع ويكيليكس الالكتروني عملية نشر الوثائق. وبكلمات أخرى، فقد تم نشر الوثائق عن طريق المنشآت الصحفية العالمية الكبرى الثلاث، بما أثار اهتماماً عالمياً استباقياً قبل نشرها في موقع ويكيليكس.
وتأسيساً على ذلك، تقول تحليلات معارضي مشروع الحرب الأمريكية على الإرهاب بأن تحليل مضمون هذه الوثائق يشير إلى الآتي:
- تحميل باكستان وإيران وكوريا الشمالية المسؤولية عن دعم حركة طالبان، علماً بأن هناك العديد من الأطراف الأخرى الداعمة لطالبان.
- إيجاد ذريعة جديدة تتيح لوزارة الدفاع الأمريكية وأجهزة المخابرات الأمريكية مطالبة الكونغرس الأمريكي بضرورة إصدار تشريع يتيح لوزراة الدفاع الأمريكية وباقي الأجهزة السيطرة على نشر المعلومات تحت دواعي حماية أمن المصالح الأمريكية.
هذا، وإضافةً إلى ذلك فقد أكدت بعض المصادر الأمريكية، بأن نشر هذه الوثائق وبهذه الطريقة وفي مثل هذا التوقيت وضمن هذا المحتوى المضموني هو مؤشر على أن بعض الأيادي الخفية الأمريكية والإسرائيلية أصبحت أكثر نشاطاً باتجاه تحريض وتفعيل مشروع بناء الدولة البوليسية الأمريكية، وذلك من خلال الدفع باتجاه إصدار القوانين والتشريعات التي تتيح للإدارة الأمريكية فرض الرقابة الكاملة على الإعلام والصحف، وعلى وجه الخصوص تنفيذ الرقابة على شبكة الإنترنت، خاصة أن التدفق الحر للمعلومات عبر الإنترنت قد سبب المزيد من المشاكل للولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل. وفي هذا الخصوص يرى العديد من المحليين والخبراء بأن للإسرائليين دور كبير في تفعيل عملية نشر هذه الوثائق طالما أن القيام باستخدامها مع عملية النشر كذريعة تؤدي إلى فرض الرقابة الأمريكية على الإنترنت سوف تتيح لإسرائيل الاسترسال في تجاوزاتها وانتهاكاتها الخطيرة وهي في مأمن الانترنت وطرق المعلوماتية السيارة، والتي لعبت دوراً فاعلاً في نقل الانتهاكات والجرائم الإسرائيلية لحظة وقوعها!!

للدخول إلى موقع ويكليكس الأمريكي: http://wikileaks.org/


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...