كيف حاربت الولايات المتحدة الجهاديين ثم تعاونت معهم في ليبيا وسورية؟

31-01-2014

كيف حاربت الولايات المتحدة الجهاديين ثم تعاونت معهم في ليبيا وسورية؟

الجمل- *ويليام بلام ـ ترجمة رندة القاسم: 

الفظاعات المروية كل يوم من سوريه و العراق كافية لجعل المرء يبكي، و خاصة تلك المرتكبة من قبل نماذج القاعدة مثل: الجلد، ضرب العنق، لعب كرة القدم بالرؤوس، تقطيع الجثث و انتزاع الأعضاء منها فقط لأجل السخرية، المفجرون الانتحاريون، السيارات المفخخة، الأرض المغطاة بأجزاء من أجساد بشرية، أعداد لا تحصى من أطفال يعانون من الصدمة مدى الحياة، فرض قانون الشريعة بما فيه حظر الموسيقا.. أي قرن نعيش فيه؟ أي ألفية؟ أي عالم؟
بين الحين و الآخر يكتب لي أشخاص قائلين بأن عدائي الثابت تجاه السياسة الخارجية الأميركية في غير محله، فرغم شناعة "متحف الفظائع في واشنطن" ، فان القاعدة أسوأ و العالم بحاجة الولايات  المتحدة لمحاربة الجهاديين البغيضين.
"دعني أحدثك عن الأغنياء جدا ، انهم مختلفون عني و عنك" عبارة مشهورة كتبها ف.سكوت فيتزجيرالد
و دعني أحدثك عن القادة الأميركيين.... في السلطة ، هم لا يفكرون بالطريقة التي نفكر بها أنت  و أنا.. انهم لا يشعرون بطريقتنا أنت و أنا . لقد دعموا "الجهاديين البغيضين" و مرادفيهم الأخلاقيين لعقود."أحرار الشام" تجلد متخلفين عن صلاة الجمعة التي تقام يوم الجمعة في حلب
لنبدأ في أفغانستان عام 1979، حين كان المجاهدون يقاتلون ضد الحكومة العلمانية التقدمية المدعومة من الاتحاد السوفييتي ، و كان التكتيك المفضل لدى المجاهدين  يتمثل في تعذيب الضحية (على الغالب روسي) بقطع أنفه أولا ، ثم أذنيه ثم أعضائه التناسلية و بعد ذلك نزع شريحة تلو الأخرى من جلده ما يعني موتا بطيئا مؤلما جدا.و بدعم عسكري أميركي كبير و أساسي في الثمانينات، تم اسقاط آخر حكومة علمانية في أفغانستان، و من المجاهدين المنتصرين نشأت القاعدة.
وخلال الفترة ذاتها كانت الولايات المتحدة تدعم الخمير الحمر سيئي السمعة في كمبوديا ، نعم إنهم رجال بول بوت و حقول القتل. و كان زبيغنيو برزيزينسكي،مستشار الأمن القومي خلال رئاسة جيمي كارتر، القوة الرائدة وراء دعم الولايات المتحدة للمجاهدين و الخمير الحمر. ماذا يقول لك ذلك عن هذا القائد الأميركي، أو عن جيمي كارتر، أو عن باراك أوباما الحائز على جائزة السلام الذي اختار برزيزينسكي  كواحد من مستشاريه؟
مثال مشرف آخر عن "محاربة" الولايات المتحدة للجهاديين البغيضينناصر القاعدة يفرضون قوانين وحشية على البلدات والمناطق في شمال سوري يكمن في كوسوفو، اقليم في صربيا ذات أغلبية مسلمه. اذ بدأ جيش تحرير كوسوفو  صراعا مسلحا في بلغراد مع بداية التسعينات في القرن الماضي لفصل كوسوفو عن صربيا. و كان جيش تحرير كوسوفو و لسنوات يعتبر منظمة ارهابية من قبل الولايات المتحدة و المملكة المتحدة و فرنسا، مع تقارير عديدة تثبت اتصاله  مع القاعدة، و الحصول على أسلحة منهم، و تدريب ميليشياته في معسكرات القاعدة في باكستان، بل و حتى وجود عناصر من القاعدة في صفوف جيش تحرير كوسوفو في القتال ضد صربيا.
غير أن امبريالي واشنطن ، المعنيين أكثر بضرب صربيا، الحكومة الشيوعية الأخيرة في أوروبا، دعموا جيش تحرير كوسوفو و المعروف بعمليات التعذيب و المتاجرة بالنساء و المخدرات و الأعضاء البشرية ، و بشكل طبيعي دفعت الولايات المتحدة تجاه عضوية كوسوفو في الناتو و الاتحاد الأوروبي.
و حديثا دعمت الولايات المتحدة الجهاديين البغيضين في ليبيا و سوريه مع عواقب بغيضة .
و من الصعوبة بمكان تسمية حكم ديكتاتوري وحشي واحد في النصف الثاني من القرن العشرين لم يلق دعما من الولايات المتحدة، و ليس ذلك فحسب، بل أيضا وضع في السلطة و أبقي فيها ضد رغبة الشعب، و في السنوات الماضية ، دعمت واشنطن حكومات قمعية مثل السعودية و هندوراس و اندونيسيا و مصر و كولومبيا و قطر و إسرائيل.
و ما رأي القادة الأميركيين بتاريخهم؟ على الأرجح أن وزيرة الخارجية السابقة كونداليزا رايس كانت تتحدث نيابة عن كثيرين عندما كتبت: "في السعي وراء أمنها القومي لا تحتاج الولايات المتحدة لأن تتبع أفكار القانون الدولي أو معاييره أو منظمات مثل الأمم المتحدة. لأن أميركا كانت على الجانب الصحيح من التاريخ".
و في عام 2003 قال مسؤول دفاع أميركي: "الفكرة هي بناء بيئة عالمية معادية للإرهاب و هكذا  ما بين عشرين و ثلاثين  عاما سيكون الارهاب، مثل تجارة العبيد، مرفوضا بشكل تام".
و لابد أن يتساءل المرء: "متى سيغدو القاء القنابل على المدنيين الأبرياء من قبل الولايات المتحدة و غزو و احتلال بلدانهم أمرا مرفوضا بشكل تام؟" متى سيغدو استخدام اليورانيوم المستنزف، و القنابل العنقودية، و سجون التعذيب التابعة لل CIA و المراقبة المستمرة على مدار الساعة على مدار العالم أمورا  حتى رجال مثل جورج بوش و ديك شيني و باراك اوباما و جون برينان يشعرون بالحرج في الدفاع عنها؟
الشهر الماضي أخبر موظف سابق في وكالة الأمن القومي صحيفة واشنطن بوست بأن عمال الوكالة يقومون بتلميع سيرهم الذاتية و يطلبون تنظيفها بإزالة أي شيء يتعلق ببرامج سرية بحيث يمكنهم إرسالها إلى أصحاب عمل آخرين. و ذكر بأن أحد الموظفين العاملين على السير الذاتية قال بانه لم يشهد أبدا هذا العدد من الناس الراغبين في تنظيف سيرهم الذاتية.
و يقول موظف آخر: "المعنويات سيئة بشكل عام، الأخبار ،حول فضائح سنودين عن التجسس ، دفعت للتشكيك باستقامة العاملين في وكالة الأمن القومي، و أصبح الأمر عاما جدا و شخصيا جدا ، مما خلق شعورا سيئا و مؤلما"
و مؤخرا أعلن الرئيس أوباما أنه يقترح "ضبط النفس" على وكالة الأمن القومي و بعض الاصلاحات التي يمكنها منح الناس المزيد من الثقة، و قال :"في بعض الطرق، تتجاوز التكنولوجيا و الميزانيات و القدرات (في وكالة الأمن القومي) القيود. و علينا اعادة بناء ذلك بنفس الطريقة التي علينا القيام بها على سلسلة كاملة من القدرات"
حسنا أعزائي القراء و القادة، سنرى. و لكن ان كنتم تبحثون عن وميض أمل في بداية العام، عليكم محاولة الامساك بهذه العروض الصغيرة. و عندما تتقوض الامبراطورية الأميركية ، في الخارج و الداخل، كما سيحدث يوما، ستعتبر أعمال ادوارد سنودين الخطوات الرئيسية في هذا الطرق، و قلت قديما أن الشعب الأميركي وحده من يملك قوة إيقاف الآلة الامبريالية، الوحش الذي يأكل بيئة العالم، يهضم اقتصاده و يتقيأ العنف على كل قارة.  و لكي يحدث هذا يجب أن يفقد الشعب الأميركي ايمانه العميق الشبه ديني ب "الاستثناء الأميركي". و بالنسبة للكثيرين، ما تعلموه خلال الأشهر الست الماضية قام بلا شك بحفر فجوات في درعهم الواقي الذي كان يحيط بقلوبهم و عقولهم منذ الطفولة. 
المثال المدهش و المبهج عن واحدة من تلك الفجوات في الدرع هو ما ذكرته افتتاحية نيويورك تايمز تحت عنوان :"ادوارد سنودين الواشي" ، و المقال بحد ذاته يشرع تصرفاته، و الجزء الأساسي فيه يقول: " و اذا أخذنا بعين الاعتبار القيمة الهائلة للمعلومات التي كشفها، و الانتهاكات التي فضحها، فان السيد سنودين لا يستحق النفي مدى الحياة و الخوف و السفر ، ربما قد ارتكب جريمه، و لكنه قدم خدمة كبيرة لوطنه"
و قام الرئيس بتعيين لجنة لدراسة انتهاكات وكالة الأمن القومي، و بلا شك هذا اجراء بيروقراطي لاسكات الانتقادات، و لكن اللجنة (مجموعة فحص تقنيات الاستخبارات و الاتصالات) خلصت الى توصيات غير متوقعة في تقريرها المقدم في الثالث عشر من كانون الأول ، و الأكثر اثارة للانتباه التوصيتان التاليتان:
"يجب ألا تستخدم الحكومات المراقبة لسرقة أسرار صناعية لصالح صناعتها المحلية"
"يجب ألا تستخدم الحكومات قدراتها في مجال الكمبيوتر لتغيير المبالغ الموجوده في الحسابات المالية أو التلاعب في الأنظمة المالية"
التوصية الأولى تشير الى ممارسة، حقيرة بالتأكيد تقوم بها الولايات المتحدة، و تكذب حيالها، لعقود. و في أيلول الماضي، قال جيمس كلابير ، مدير الاستخبارات القومية في الولايات المتحدة :"الذي لا نفعله ، كما قلنا عدة مرات، هو استخدام قدراتنا الاستخباراتية الخارجية لسرقة أسرار تجارية لشركات أجنبية".و كلابير هو نفسه السيد الذي أخبر الكونغرس في آذار أن وكالة الأمن القومي لا تقوم عن قصد بجمع أية معلومات عن ملايين الأميركيين ، و حين تمت مواجهته فيما بعد بأقواله قال: "أجبت بما أعتقدت أنه الأكثر صدقا ، أو الأقل كذبا، حين قلت لا"
أما التوصية الثانية فهي تكشف أمرا لم يتم التطرق اليه من قبل في وثيقة سنودين أو أي مصدر آخر.
ذكرت ABC News أن متحدث وكالة الأمن القومي رفض التعليق على قضية قرصنه الحسابات المصرفية، كما لم يقم ممثل عن قيادة الفضاء الافتراضي في الولايات المتحدة بالاجابة فورا على الرسائل الالكترونية "
التلاعب بالسجلات المصرفية أمر تافه و مخز بالنسبة لقوة عظمى، و يمكن أن يؤدي الى نهاية و كالة الأمن القومي التي عرفناها و أحببناها. و من جهة أخرى، الوكالة بلا شك تملك معلومات محرجة حول أي شخص في موقع يمكن أن يشكل خطرا عليها.

*كاتب و مؤرخ أميركي: عن الموقع الرسمي للكاتب

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...