الملك عبدالله ينقذ واشنطن ودولارها بقمة الخليج

08-12-2007

الملك عبدالله ينقذ واشنطن ودولارها بقمة الخليج

الصحفي جون دفتريوس، معد ومقدم برنامج "أسواق الشرق الأوسط CNN" الجديد يقوم بتسجيل انطباعاته ومشاهداته اسبوعيا، ويطرح من خلالها، وبلغة مبسطة، رؤيته لاقتصاد المنطقة، انطلاقاً من خبرته الطويلة في عالم الصحافة الاقتصادية.

وهذا الأسبوع يكتب جون زاويته من مدينة جدة فيقول:

كانت الرحلة التي قمت بها هذا الأسبوع إلى العاصمة السعودية، الرياض، والمركز المالي المهم على البحر الأحمر، أعني به مدينة جدة، فرصة مميزة للإطلاع على بعض الخلفيات السياسية للقرارات الاقتصادية التي خرج بها قادة الشرق الأوسط مؤخراً.

فرغم "النصائح" المتطابقة لقرابة 95 في المائة من خبراء الاقتصاد في المنطقة، قرر قادة دول مجلس التعاون الخليجي خلال اجتماعهم الأخير في الدوحة عدم القيام بأي شيء حيال قضية عملاتهم المرتبطة بالدولار، مما يعني- في الوقت الحالي - استمرار الولاء للبيت الأبيض وعملة أمريكا الخضراء المزعزعة.

وبصراحة، يتوجب على واشنطن أن تشكر الرياض من أجل هذا، فزيارة العاهل السعودي، الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى الدوحة خطفت الأضواء في القمة، وقد استبق وصوله إلى العاصمة القطرية بالإعلان عن دعمه لإبقاء الربط بالدولار، وذلك قبل دقائق من صعوده إلى الطائرة التي أقلته إلى المؤتمر.

 وخلاصة الأمر، أن دول الخليج لن تفك ارتباط عملاتها بالدولار، لمصلحة اختيار سلة عملات تضم اليورو، والين والجنية الإسترليني، كما لن تعيد تقييم أسعار الصرف.

بالمقابل، تقول الدكتورة ناهد طاهر، المدير التنفيذية لمصرف "غلف وان" الاستثماري، فإن المملكة العربية السعودية لا تستورد سوى 20 في المائة من حاجياتها من الولايات المتحدة.

وفي لقاء أجريته معها في جدة هذا الأسبوع، قالت الخبيرة الاقتصادية الشابة، التي تعتبر أول امرأة تتسلم منصباً إدارياً على هذا المستوى في الخليج، إن ضعف الدولار وارتباط الريال السعودي به، قاد الرياض إلى تسجيل معدلات قياسية من التضخم المستورد.

ويأتي ذلك بفعل الارتفاع الذي أصاب أسعار البضائع الأوروبية والبريطانية والصينية والهندية المصدر، الأمر الذي سبب ضغطاً كبيراً على عامة الناس في البلاد، حيث يعتقد أن التضخم حرم 90 في المائة منهم الاستفادة من عوائد النفط المرتفعة، فيما يقول الكثير من العمال الأجانب إن تراجع الدولار قد يكون سبباً لعودتهم إلى دولهم الأصلية.

لقد رفضت السعودية الإصغاء للعديد من المناشدات التي أطلقها مسؤولون من قطر والإمارات لتعديل سياستها حيال الدولار، وهذا سيمنح العملة الأمريكية وقتاً كافياً للتعافي، فيما يتراجع التوتر مع طهران بالتزامن مع تقديم وزارة الخزينة الأمريكية رؤيتها لوسائل حل أزمة الرهن العقاري.

وربما كان جون سفكيناكيس، كبير خبراء الاقتصاد في مصرف "ساب" الذي تربطه علاقة شراكة بمصرف HSBC البريطاني، أحد أبرز من توقع بألا تقدم الرياض على فك ارتباطها السياسي والاقتصادي بواشنطن.

وعلى مائدة الغداء التي جمعتنا مؤخراً في الرياض، تجنب سفكيناكيس أن يقول لي "ألم أخبرك بأن السعودية لن ترمي بثقلها بوجه واشنطن، بل خلفها، خاصة وأن المنتج الأكبر للنفط في العالم لن يخاطر برفع قيمة عملته وخفض عوائد منتجاته المسعرة بالدولار،" رغم أنه قال لي ذلك بالفعل قبل شهر من الزمن.

وفي المحصلة العامة، تجنب قادة الخليج الخروج بقرار "تاريخي" لتعديل قيم عملاتهم عندما كانت أنظار العالم كله متوجهة إليهم، لكنني أعتقد أن هذه الصفحة لم تطوى بعد، فربما نعود فنرى عمليات إعادة تقييم أو اتجاه نحو سلة عملات، ما إن يرفع العالم مجهره المسلط على هذه المنطقة.

وفي الإطار عينه، كانت رحلتي إلى السعودية فرصة رائعة لاستراق النظر إلى ما قد يحمله المستقبل لهذا البلد، فالملك عبدالله باشر بتنفيذ الإصلاحات الموعودة بسرعة كبيرة، ويمكنك أن ترى ذلك بنفسك على أرض الواقع، إذ أن الخطط الجديدة تشمل بناء ست مدن حديثة إلى جانب شبكة من السكك الحديدية بتكلفة 6 مليارات دولار.

البنية التحتية مسألة فائقة الأهمية في السعودية، والملك يعرف ذلك جيداً، ففي نهاية المطاف تمتلك المملكة أكبر اقتصاد في المنطقة، كما تختزن أراضيها أكبر كميات من النفط في العالم، وقد بلغت عوائدها من بيع هذه المادة 165 مليار دولار لهذا العام فقط، كما تعتبر اليوم أكبر مستثمر دولي.

وهنا يكمن التحدي، فعلى رجال الأعمال السعوديين الذين استثمروا كثيراً في العقارات والصناعات خارج بلدهم اقتناص الفرصة والعودة إليه، فيما يترتب على السعودية نفسها من جهة ثانية تقديم بنية تحتية تليق بعالم الغد.

ويشكل القطاع الخاص السعودي، بعائلاته المعروفة بخبراتها التجارية العريقة، جزءا أساسياً من هذه النهضة، التي تحتاج إلى تخطيط أوضح لمسارها كي تتمكن هذه الدولة من وضع الخيرات التي تجود بها أرضها في المكان الصحيح.

المصدر: CNN

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...