الرقص على إيقاع الموت

10-07-2006

الرقص على إيقاع الموت

الجمل: الدم الفلسطيني يسيل بغزارة وشبابنا يرقصون على إيقاع المونديال وطبول الفوز ...
أعلام البرازيل وألمانيا ... فرنسا وإيطاليا وغيرها ... ترفرف فوق شرفات المنازل وبأقمشة وطنية مختلفة القياسات ، وباعة يستغلون الفورة الشبابية واللهاث وراء تشجيع فرقهم فيصنّعون ويبيعون ويربحون ....
لكن ما الذي يربحه الوطن من دول اعتادت طعن الأمة العربية في كل موقف جرمي آثم  من إسرائيل بحق أطفال فلسطين ونسائها ورجالها ..
لكل دولة مشاركة في المونديال مشجعون يحملون همّ الفوز وكأن النصر سيكون من نصيب الأمة العربية ...
وتغيب أعلامنا عن شرفات المنازل ، وكأنها مجرد " موضة " إذا ما انتاب الوطن " وعكة " أو ارتفاع في الضغط .... يتبارون فيما بينهم أي علم أكبر وأي علم يرفرف أكثر .... وكأن المقياس لدرجة الوطنية بات يتحدد في سعر " ذراع القماش " المصنّع جراء فورة داهمة ... ...
واليوم ... نجد المونديال الحدث الأكثر أهمية والأوسع شعبية في وقتنا الراهن ومتابعته باتت وكأنها طقس من طقوس الرقص على إيقاعات صفارة الحكام والنتيجة بانتهاء الزمن الفعلي أو بعد التمديد ( صفر ) ... لماذا ؟؟ لأننا نحن الخاسرون بعدما استطاعت الجهود الكبيرة المبذولة في سبيل إلهاء الناس عن مشاغلها وعن اهتماماتها وعن قضاياها الكبيرة ... باتت لعبة يلهو بها كبار الساسة في العالم ، وبالرغم من شعبية هذه اللعبة على مستوى العالم إلا أن مظاهر الاحتفال بها على المستوى العربي فاق الحدود والدم الفلسطيني يجري وكأن الماكينة الإسرائيلية في ذروة طاقتها والعرب .... منشغلون وغائبون ... لاهون وعابثون .. مغيبون وراضون ... والنتيجة " صفر " وخسارة تتبع الخسارات ... والأرواح تحصد وليس هناك من جدوى للنداء ...  
شباب العرب يصيحون ويهللون لفوز فريقهم الأغلى .... يلهثون وينشغلون عما يجري في أرض فلسطين المحتلة ويفكون التشفير عن القنوات الفضائية بعدما بات شغلهم الشاغل متابعة المباريات الكروية .
تشرذم الأمة ليس له من موقف ... وهو آخذ في الامتداد بفضل ما يجري من استعمار لم نشهد مثيلا له ... أليس من يحتل عقولنا أكثر نجاحا من ذاك الذي استعمر أرضنا في زمن ولى واستطاع رجالاتنا إخراجهم وجلاءهم ونحن ما الذي نصنعه في حاضرنا ... ؟؟ وإلى أين نسير بعروبتنا التي تقطر دما ممزوجا برائحة الشهادة ... والعرب يخذلون بعضهم ويخذلون معنى رمز الشهادة .... ويتقولون على المقاومة بأقبح ما يمكن أن تفجر اللغة من معان قاسية وجاحدة لفضل المقاومة الباسلة ويعقدون الجلسات تلو الجلسات والنتيجة ( صفر ) .
هلا راقبتم الشوارع العربية بعيد انتهاء كل مباراة وطريقة انفضاض الشباب العربي من متابعتهم " الشيقة " لجولات الغياب العربي عن الوعي ....
هلا راقبتم الحماسية و الانشغال بحمل الأعلام الغربية والتلويح بها لترفرف معانقة قلوب حامليها ....
ما الذي يلي الغياب العربي المزمن عن أوجاع الوطن المتراكمة والدائمة
ماذا نريد أن ننتشل من قيعان العرب الموحلة والعفنة سوى الجثث المتفسخة جهلا واغترابا عن أوجاع الوطن الحقيقية ... واليد التي تحمل راية الفوز هناك تنتكس هنا حاملة راية سوداء تمثل دماء الشهداء النقية والعرب مفتونون بفوز هناك وغائبون عن خسارات هنا .
ويقولون لك : كفاك بكائيات ... والسخرية المرة طبعت أوقاتنا وزماننا بألوان الكوميديا السوداء وحطت رحالها في أرضنا التي نطرب فيها لكل ما يبعدنا عن كراماتنا المهدورة بأيدينا قبل أن تهدر بأيدي الأعداء
لقد بتنا أعداء لأنفسنا ... ولن يتوقف الدم عن الجريان ما دامت الأرض العربية تنتهك حرماتها كل يوم وشباب العرب يضعون عصبة قاسية سوداء على أعينهم لكي لا يروا حقيقة وفداحة ما يحصل ....
ترى ما الذي سيودعونه شباب العرب في آخر يوم من المونديال ؟؟؟
وما مصير الأعلام التي ترفرف فوق شرفات منازلهم وراياتهم  بعدما طال خدرها هل تستفيق قلوب من تركتها أيديهم وقلوبهم معلقة بمشاهد ليست لنا والنتيجة ككل مرة " صفر " ....
ينشغل العالم بجندي إسرائيلي أسير والعرب ينشغلون بالمونديال .
يكررون وهم يصفون السياسة الأميركية عبارة " الكيل بمكيالين " وبأي مكيال هم يزنون دماء الشهداء ... !!! 
ألم يحن الوقت لنفيق من سكرتنا أم أن جرعة زائدة قد أماتت فينا النخوة العربية ... ؟؟؟
سؤال صعب أليس كذلك ؟؟؟


نضال كرم  

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...