الحدث الانتخابي التونسي وتأثيراته على دول المنطقة

25-10-2011

الحدث الانتخابي التونسي وتأثيراته على دول المنطقة

الجمل: تشهد الساحة السياسية التونسية نهاية فعاليات جولة الانتخابات البرلمانية العامة، وبسبب أنها أول انتخابات تعقب سقوط نظام الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، فقد وجدت فعاليات هذه الانتخابات المزيد من رصد واهتمام الأطراف الإقليمية والدولية، فما الذي يجري في الساحة السياسية التونسية، وإلى أي مدى سوف يؤثر الحدث الانتخابي التونسي في منطقة الشرق الأوسط بنفس القدر الذي سبق أن أثرت به الاحتجاجات السياسية التونسية على الاحتجاجات السياسية الشرق أوسطية؟

* المسرح السياسي التونسي: توصيف المعلومات الجارية
تابع لفيف من المراقبين والخبراء والمحللين السياسيين فعاليات جولة الانتخابات العامة البرلمانية التونسية، وفي هذا الخصوص أشارت المعلومات إلى الآتي:
• البرلمان التونسي الجديد سوف يتكون من 217 نائباً.
• أكدت نتائج الفرز الأولية عن تقدم حركة النهضة الإسلامية التونسية (40%) ثم المؤتمر من أجل الجمهورية (16%) ثم التكتل من أجل العمل والحريات (12%) والعريضة الشعبية (10%).
• أكدت النتائج الأولية، خروج اليسار من المنافسة، بما دفع الزعماء اليساريين إلى الاعتراف بالهزيمة منذ الساعات الأولى لبدء عمليات فرز الأصوات.
• تجاوزت نسبة المشاركة الـ90% وفي بعض المراكز الانتخابية الخارجية بلغت 100%.
• أكدت الحكومة الانتقالية التونسية بأنها سوف تعترف بنتيجة الانتخابات أياً كان الطرف الفائز.
• خضعت العملية الانتخابية لرقابة دولية وإقليمية واسعة النطاق.
هذا، وتشير التوقعات إلى أن حركة النهضة الإسلامية التونسية، سوف تسعى في حالة  عدم حصولها على نسبة (50% + 1) لجهة بناء تحالف مع أي من الأطراف الثلاثة الأخرى، وفي هذا الخصوص تشير التسريبات إلى أن حركة العريضة الشعبية هي الأوفر حظاً لجهة الدخول في تحالف ائتلافي مع حركة النهضة، وذلك لأن زعيم حركة العريضة الشعبية هو محمد هاشمي الحامدي المشهور بتوجهاته الإسلامية، منذ أن كان طالباً في جامعة أفريقيا العالمية الإسلامية في الخرطوم، إضافة إلى علاقاته الوثيقة مع الزعماء الإسلاميين وعلى رأسهم الدكتور حسن الترابي، والذي ألف الحامدي كتاباً عنه، وإضافة لذلك، يعمل الحامدي مديراً لقناة المستقلة الفضائية التي تبث من العاصمة البريطانية لندن، إضافة إلى توليه رئاسة تحرير صحيفة المستقلة التي تصدر في لندن، وكلا الفضائية والصحيفة يملكهما الحامدي، وظلتا دائماً تمثلان لسان حال الحركات الإسلامية العربية والعالمية.

* الأبعاد غير المعلنة لنتائج الانتخابات العامة التونسية
تحدث العديد من المحللين السياسيين وخبراء الشؤون الشرق أوسطية، واصفين الانتخابات العامة التونسية، بأنها سوف تمثل مؤشراً ينطوي على قدر كبير من الأهمية لجهة تحديد شكل سيناريو التفاعلات السياسية الشرق أوسطية القادمة، وفي هذا الخصوص يوجد مساران محتملان لتطورات الحدث الانتخابي التونسي.
• المسار الأول: أن يؤدي فوز الإسلاميين الكبير في تونس إلى جعل الحركات الإسلامية الشرق أوسطية الاخرى، أكثر احتراماً لقواعد اللعبة الديمقراطية، إضافة إلى الانفتاح لجهة التعامل مع الآخر، ونبذ ثقافة نظام الدولة الدينية الشمولية التي لا تعترف بالديمقراطية، وإضافة لذلك، فإن تكيف الإسلاميين التونسيين مع بيئة التعددية والحريات الديمقراطية، يمكن أن يؤدي بالضرورة إلى إضعاف تأثير الحركات الأصولية الإسلامية المتشددة مثل تنظيم القاعدة، بما يجعل أنصارها يتحولون إلى اعتماد وجهات نظر تجمع بين التوجهات الدينية والتوجهات السياسية المدنية.
• المسار الثاني: أن يؤدي فوز الإسلاميين إلى دفعهم نحو المزيد من فرض السيطرة واستغلال الفرصة لجهة بناء نظام دولة دينية شمولية، تنطوي على رفض الاعتراف بالآخر، ومعاداة المخالفين في الرأي، إضافة إلى معاداة المجتمع الدولي، إضافة إلى السعي من أجل تقييد الحريات المدنية التونسية، واستخدام القمع الديني والأساليب التكفيرية في التعامل مع الخصوم الداخليين والخارجيين.
هذا، ويتوقع الخبراء والمراقبون،  أن يؤدي فوز الإسلاميين التونسيين بنتائج الانتخابات العامة التونسية إلى تأثيرات عابرة للحدود التونسية، بحيث يفوز الإسلاميين المصريين بنتائج الانتخابات العامة المصرية، إضافة إلى احتمالات مؤكدة بفوز الإسلاميين الليبيين إذا انعقدت جولة انتخابات عامة ليبية، ونفس الشيء يسري بالنسبة للجزائر والمغرب وموريتانيا.
إضافة لذلك، تشير التوقعات إلى فوز الإسلاميين التونسيين سوف يؤدي إلى المزيد من التصعيدات والتوترات التي سوف تسعى القوى الكبرى بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية لجهة توظيفها والاستفادة من تداعياتها:
• بناء تحالف وثيق يجمع بين الإسلاميين التونسيين والإسلاميين الليبيين، بما يتيح استخدام فعاليات هذا التحالف داخل البيئة السياسية العربية والإسلامية، وبالتالي من المتوقع أن يسعى الإسلاميون التونسيون إلى زيادة الارتباط مع تركيا، والتعاون مع توجهات السياسة التركية إزاء ملفات وقضايا بلدان الشرق الأوسط الأخرى.
• استخدام الإسلاميين الليبيين والتونسيين لجهة استهداف النظام الجزائري، بما يتيح لأطراف مثلث واشنطن ـ باريس ـ لندن، الضغط عليه أكثر فأكثر من أجل القيام بدور مواتي لتوجهات هذا المثلث إزاء منطقة الشرق الأوسط.
وتأسيساً على صعود الإسلاميين في تونس، فإن الأكثر احتمالاً هو نشوء تحالف لأطراف مثلث إسلامي تونسي ـ ليبي ـ مصري، سوف يسعى مستخدماً كافة الوسائل، لجهة دعم صعود الحركات الإسلامية السياسية في بلدان الشرق الأوسط الأخرى، وإضافة لذلك تشير التوقعات إلى أن هذا المثلث سوف يكون أكثر ارتباطاً بالدبلوماسية القطرية، والتركية، الأمر الذي يعزز توقعات أن تجد السياسة الخارجية الأمريكية قدراً أكبر من المناورة، وهامش حرية الحركة، وعلى وجه الخصوص فيما يتعلق بتوظيف قدرات هذه الأطراف في إضعاف خصوم واشنطن في المنطقة، وأضافت التسريبات بأن ما يقلق واشنطن فعلاً هو احتمالات صعود حركة العمل الإسلامية الأردنية، والتي سوف تسعى بالضرورة إلى الالتحاق جنباً إلى جنب مع حركة حماس الفلسطينية، ونلاحظ أن بدايات هذا التحالف سوف تكون في منطقة "المغرب العربي" وإذا توطدت أركانه فسوف يسعى بكل تأكيد لجهة التمدد في "المشرق العربي".


الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...