الاحتلال الأمريكي هجرّ خمسة ملايين عراقي

21-10-2006

الاحتلال الأمريكي هجرّ خمسة ملايين عراقي

خمسة ملايين عراقي غادروا العراق في السنوات الثلاث الاخيرة, وأكثر من ألف عائلة تهاجر يوميا الى الخارج او تنزح الى امكنة بديلة في الداخل تحت ضغط التهجير القسري والقتل المذهبي, وعراق ما بعد الاحتلال يسجل كل يوم عشرات حالات القتل, على مدار الليل والنهار, والبعض يقدر عدد القتلى والاصابات بعشرة عراقيين كل ساعة.

وقد عبرت مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين امام الجهات المانحة الحكومية في عمان خلال الاسبوع الفائت عن قلقها المتزايد ازاء الاوضاع الانسانية المتدهورة التي يعانيها مئات الألوف من النازحين العراقيين, داخل البلاد وخارجها على حد سواء.
وأطلع مسؤولون رفيعو المستوى من المفوضية في العراق والاردن وسوريا ولبنان الجهات المانحة على ان النزوح الناتج من استمرار اعمال العنف الطائفي في العراق قد استلزم اعادة النظر في عمل المفوضية وسلّم اولوياتها في المنطقة, الانتقال من مساعدة العائدين وتقديم الدعم لحوالى 50.000 لاجئ غير عراقي داخل العراق الى تأمين المزيد من المساعدة لحوالى عشرات الآلاف من العراقيين الذين يغادرون منازلهم كل شهر, وينتقل العديد منهم الى دول اخرى في ظل ما يمكن وصفه بالهجرة الجماعية الصامتة.
وحسب تقديرات الحكومة العراقية والمفوضية وشركائها, ثمة اكثر من 1.5 مليون نازح داخل العراق, منهم 365.000 من النازحين الجدد الذين فرّوا من منازلهم وبلداتهم على اثر الانفجارات التي حدثت في سامراء في شهر شباط €فبراير€. وللنزوح الداخلي المتزايد ارتداداته خارج العراق, اذ نشهد وصول المزيد من العراقيين الى الدول المجاورة وغيرها. تشير التقديرات الى ان حوالى 1.6 مليون عراقي يقيمون اليوم خارج بلدهم, في الاردن وسوريا بشكل رئيسي. كما يوجد البعض في ايران. يقدر عدد النازحين المقيمين في الاردن بحوالى 500.000 شخص, وفي سوريا بحوالى 450.000 شخص. بعضهم خارج البلاد منذ اكثر من عشر سنين, إلا ان العديد منهم قد غادروا في العام 2003, ولا نزال نشهد نسبة متزايدة من الواصلين الجدد. ففريق المفوضية المسؤول عن مراقبة الحدود السورية مثلاً يسجل وصول 40.000 عراقي على الاقل في الشهر.
ويتوجه عشرات الآلاف الآخرين الى تركيا, لبنان, مصر, دول الخليج وأوروبا. فمن بين الرعايا المنتمين الى 40 جنسية مختلفة الذين يطلبون اللجوء الى الدول الاوروبية في النصف الاول من العام 2006, احتل العراقيون المرتبة الاولى اذ وصل عددهم الى اكثر من 8.100 طلب. كما اظهرت الاحصائيات التي شملت 36 دولة صناعية خلال الاشهر الستة الاولى من العام 2006 عن زيادة في طلبات اللجوء من قبل مواطنين عراقيين بنسبة 50€ خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
ويقول تقرير المفوضية: لقد شهدنا في العام الماضي عودة اكثر من 50.000 عراقي الى ديارهم من البلدان المجاورة؛ اما هذا العام فلم يتجاوز عدد العائدين الـ1.000 حالة. لا بل ان العديد من العراقيين يغادرون بلادهم. اما داخل العراق, فتشير تقديرات الحكومة الى ان ما يصل الى 50.000 شخص يغادرون منازلهم كل شهر, منضمين الى صفوف الـ365.000 عراقي الذين اصبحوا نازحين داخليا منذ شهر شباط €فبراير€. لقد شهدت بعض المحافظات المركزية زيادة بنسبة عشرة اضعاف في عدد النازحين داخليا منذ بداية العام. يأتي هذا النزوح في ظل اعمال العنف المستمرة في العراق, فيخلق تحديا كبيرا على المستوى الانساني, ويفرض مشقات هائلة على كل من النازحين والعائلات العراقية التي تحاول مساعدتهم في المجتمعات المحلية المضيفة. فنسبة الحاجات الكبيرة واستمرار اعمال العنف والمصاعب التي تعوق الوصول الى النازحين كلها عوامل تجتمع لتجعل من النزوح مشكلة تفوق عمليا قدرات المنظمات الانسانية, بما في ذلك مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين.
ولا بد من الاشارة الى ان هذا الوضع يزداد صعوبة كلما طالت مدته, اذ ان امكانات النازحين والمجتمعات المحلية التي تستضيفهم ستنقص مع مرور الوقت. هناك الآلاف من النازحين الذين يعيشون في مبان ومدارس جماعية من دون اي روابط اسروية او موارد مالية, وذلك في ملاجئ مستحدثة خطرة او في مخيمات تخضع لادارة الحكومة وإشراف جمعية الهلال الاحمر العراقي. ثمة حاجة ملحة الى الملاجئ ومواد الاغاثة والغذاء وإمكان الوصول الى المياه وفرص العمل. غالباً ما يواجه النازحون المنتقلون الى محافظات جديدة صعوبة كبيرة للحصول حتى على الخدمات الاساسية مثل العناية الصحية والمدارس. وغالبا ما لا يتم توثيق حالات النزوح, فعملية التسجيل قد تستغرق احيانا اشهراً عدة. كما ان النساء والاطفال النازحين قد اصبحوا اكثر عرضة للاستغلال وسوء المعاملة.
ويعاني عدد كبير من العائلات داخل العراق وفي البلدان المجاورة من العوز والتبعية. فالعديد من النازحين الذين يغادرون ديارهم اليوم لا يملكون الموارد المالية الكافية, والذين قد نزحوا في فترة سابقة قد فقدوا جزءا كبيرا من هذه الموارد. كما ان درجة الترحيب قد انخفضت في بعض الدول المجاورة التي اعربت عن كرم فائق في استقبالها العديد من النازحين العراقيين. لا تزال هذه الدول تستقبل النازحين, إلا انها تتخذ تدابير اكثر صرامة من جهة مدة الاقامة وتجديد تأشيرات الدخول. الايجارات مرتفعة واللوم يوجه الى العراقيين بهذا الخصوص. كما ان الاسعار في الاسواق قد ارتفعت هي بدورها ومراكز الرعاية الصحية والمدارس تكتظ بالمستفيدين من خدماتها في بعض المناطق.
وتناشد المفوضية الدول المجاورة بالاستمرار في استقبالها النازحين العراقيين وتمديد فترات اقامتهم وتأمين الحماية الموقتة لهم, كما تطلب من الدول التي تقع خارج المنطقة بالمساهمة في تحمل هذا العبء.
وينتهي التقرير الى القول: لقد تم اطلاع المانحين خلال اجتماع الاربعاء بأن موازنة المفوضية للعام 2006 لعملياتها في العراق والتي تبلغ 29 مليون دولار اميركي لا يزال ينقصها 9 ملايين دولار اميركي, وأن هنالك العديد من المجموعات الضعيفة التي هي بحاجة ملحة الى المساعدة. العمليات مهددة حاليا بالتوقف قبل نهاية العام في حال عدم توافر التمويل الضروري. كما تم اعلام المانحين عن عملية المسح الجديدة والواسعة النطاق التي تقوم بها المفوضية لرصد حاجات المنطقة ككل استنادا الى المستلزمات والمتطلبات المتزايدة الناتجة من تنامي عدد النازحين والفئات الضعيفة
 


اسعد العزوني
المصدر : الكفاح العربي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...