هل بدأ العد العكسي لحزب العدالة التركي

16-09-2006

هل بدأ العد العكسي لحزب العدالة التركي

هل بدأ العد العكسي لحزب العدالة والتنمية؟ سؤال طرح نفسه بقوة بعد نشر استطلاعين للرأي في وقت متزامن أظهرا تراجعاً ملحوظاً في نسبة المؤيدين للحزب.
الاستطلاع الأول أجرته شركة الأبحاث الاستشارية في الرابع والخامس والسادس من ايلول الحالي، في أوساط طلاب الجامعات، حيث بلغت نسبة المؤيدين ل العدالة والتنمية 29 في المئة.
وعلى الرغم من احتلاله المرتبة الأولى في هذا الاستطلاع، إلا أن الحزب سجل تراجعاً بنسبة خمسة في المئة عمّا ناله في انتخابات العام ,2002 وهو اكبر تراجع له حتى الآن، علماً انه كان قد نال في الانتخابات البلدية في العام 2004 حوالى 42 في المئة.
وحلّ حزب الشعب الجمهوري المعارض، الممثل في البرلمان، في المرتبة الثانية بنسبة 17 في المئة بتراجع نقطتين. اما الجديد فهو تجاوز حزبين آخرين نسبة العشرة في المئة المطلوبة لدخول البرلمان، حيث نال حزب الطريق المستقيم نسبة 13 في المئة وحزب الحركة القومية 12 في المئة.
وفي استطلاع أجرته شركة سونار في الفترة ذاتها تقريباً، كان تراجع حزب العدالة والتنمية أكبر بكثير، إذ لم ينل سوى نسبة 23 في المئة، أي بتراجع إحدى عشرة نقطة مع بقائه في المرتبة الأولى.
وتراجع حزب الشعب الجمهوري نقطة واحدة بنسبة 18 في المئة، فيما نجح كل من الطريق المستقيم والحركة القومية بتجاوز حاجز العشرة في المئة بنسبة 12 و11 في المئة على التوالي.
وعلى الرغم من أنّ حزب العدالة والتنمية حافظ في الاستطلاعين على المرتبة الأولى، إلا أن ذلك لن يفيده في شيء، اذا ما نجحت ثلاثة احزاب اخرى في الدخول الى البرلمان، فقد استفاد الحزب من النظام الانتخابي المعمول به في تركيا ليرث مقاعد الأحزاب التي فشلت في تجاوز العشرة في المئة، ويسيطر على البرلمان بأكثرية مريحة جداً، أما في حال دخول اربعة احزاب الى البرلمان، فإنّه سيحرم من اكثريته البرلمانية.
وفي ظل الاحتقان الراهن بين كل الأحزاب من جهة والحزب الحاكم من جهة ثانية، فإن الأحزاب التي ستدخل البرلمان ستعمل على تشكيل تحالف حكومي هدفه الأساسي منع عودة العدالة والتنمية إلى السلطة.
يتساءل المراقبون عن أسباب تراجع حزب العدالة والتنمية، حيث يعيدها البعض إلى أكثر من عامل، أولّها تصاعد نشاط حزب العمال الكردستاني، وسط عجز حكومة رجب طيب اردوغان عن إيقاف سقوط الضحايا بين الجنود الأتراك. فقد تصاعد الغضب على أردوغان عندما سأله أقارب أحد الضحايا من الجنود إلى متى يتواصل سقوط الشهداء؟ ، فأجابه بأن وظيفة الجندي ليست النوم في السرير.
في ظل هذا الوضع، يتصاعد التوتر بين القوميين المتشددين و العدالة والتنمية ، وهذا ما يفسر ارتفاع نسبة المؤيدين للحركة القومية، حيث يذكّر دخول الطرفين في تلاسنات وصدامات بالأيدي ببدايات الصدامات في السبعينيات بين اليسار واليمين القومي.
ولعل أحد الأسباب الرئيسية لتراجع العدالة والتنمية ، هو ارتباكه وعدم نجاحه في تقديم تبريرات مقنعة للرأي العام ولقاعدته حول إرسال قوات إلى لبنان، والغريب أنه على الرغم من معارضة سبعين في المئة من قاعدته الحزبية لإرسال هذه القوات، فإن قيادته قررت المضي في هذه الخطوة.
وقد حاول أردوغان لاحقاً التلميح الى المنطلقات الإسلامية العثمانية لهذه الخطوة تفادياً لتصاعد استياء قواعده وحصول انقسامات بنيوية.
إن محاولة العدالة والتنمية الانسجام مع التوجهات الأوروبية والأميركية في المسألة اللبنانية قد تنعكس سلباً على مدى التأييد الشعبي له، وهذا ما يفسر في الوقت ذاته، ارتفاع أصوات حزب السعادة الإسلامي الى خمسة ونصف في المئة.
إن ارتفاع نسبة التأييد للأحزاب القومية واليمينية المحافظة هو بالضرورة على حساب التأييد لحزب العدالة والتنمية، لأن هذه الكتلة من الأصوات تتحرك بين هذه الأحزاب ولا تذهب الى اليسار العلماني.
ولا يستبعد محللون أن يواجه حزب العدالة والتنمية صعوبات إضافية في حال تعرّض القوات التركية او قوات الأمم المتحدة في لبنان بشكل عام إلى أي خضة امنية، اي ان الخطوة التي أصرّ عليها حزب العدالة والتنمية، رغم معارضة 70 في المئة من الرأي العام وكل الأحزاب السياسية الأخرى، قد تؤدي الى عكس ما يشتهيه اردوغان. وبدلاً من تثبيت سلطته برعاية خارجية سيكون عليه أن يلملم أغراضه للرحيل.

محمد نور الدين

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...