من يحرك فرق الموت في العراق

15-10-2006

من يحرك فرق الموت في العراق

الجمل:  أصبح العراق حالياً ضمن الطور الأول للحرب الأهلية، وما كان قد بدأ لأول وهلة بأنه مقاومة عراقية ضد الغزو والاحتلال الأجنبي، استطاعت الأطراف الأخرى العراقية والأجنبية أن تلوثه بالعناصر الغريبة الشاذة، على النحو الذي أصبحت معه تشوهات المشهد السياسي العراقي أكثر تعقيداً.
العنف والقتل والدمار اليومي، أصبح لا يميز بين الوطني والأجنبي والمحايد البريء.. فمعدلات القتل اليومي أصبحت لا تطاق، لأن متوسط سقوط خمسة قتلى كل ساعة في العراق، يمثل حالة غير مسبوقة في تاريخ هذا البلد.
والآن أصبحت الأزمة العراقية تتضمن العناصر البنائية الآتية:
• أزمة اقتصادية: وتتمثل في نهب الثروات النفطية، وتدهور هياكل الأسعار والأجور وتفشي البطالة بمعدلات أقلها 30%  في بعض المناطق العراقية (المحظوظة) و60% في المناطق (السنية الحظ).
• أزمة اجتماعية: وتتمثل في الصراع الاجتماعي البيني داخل العراق: صراع عربي- كردي، سني- شيعي، كردي- تركماني، كردي- آشوري، إضافة إلى توتر العلاقات العشائرية ضمن البيئات الاجتماعية المحلية.
• أزمة سياسية: وتتمثل في الصراع حول اقتسام السلطة والثروة، بين الأطراف العراقية، وهو صراع مصحوب بجملة من الاستقطابات، فهناك قوى عراقية تستقوي بقوات الاحتلال الأمريكي، وهناك قوى تستقوي بمجتمعاتها وطواقمها المحلية، إضافة إلى الاستقطابات الدينية، والعلمانية.. وغير ذلك.
أدت هذه الأزمات إلى نشوء أزمات فرعية إضافية أصبحت تتفاقم تداعياتها يومياً: أزمة التسوية السياسية الشاملة، أزمة مؤسسات الدولة والحكم، أزمة النظام القانوني وحكم القانون، أزمة العملية السياسية (مثل الانتخابات، ونظام الحكم المحلي والفيدرالية)، أزمة التنمية، أزمة المساعدات الخارجية، أزمة الطاقة والنفط.. وغير ذلك.
على خلفية كل هذه الأزمات وبالتوازي معها، برزت أزمة جديدة تتمثل في قوات الأمن العراقية.
عندما أكملت أمريكا وحلفاءها احتلال العراق، قامت فوراً بحل الجيش الوطني العراقي، وأجهزة الشرطة والأمن، وذلك تحت ذريعة إعادة بناء العراق بعد تحريره.. وبسبب التباطؤ والتلكؤ المقصود بوساطة سلطات الاحتلال، أصبح العراق واقعاً بالكامل ضمن ما يطلق عليه في العلوم السياسية تسمية فراغ السلطة والأمن، قامت سلطات الاحتلال بانتقاء بعض العناصر العراقية المتعاونة معها من أجل بناء قوات الأمن العراقية، وكان واضحاً أن سلطات الاحتلال تريد تكوين (طابور خامس) عراقي يدعم ويوطد نفوذ الاحتلال الأجنبي في العراق، وكان طبيعياً أن يعادي العراقيون هذا الطابور الخامس أكثر من عدائهم لسلطات الاحتلال.. وبعد ثلاث سنوات كان حصاد قوات الأمن العراقية يتمثل في الآتي:
- الفشل الذريع في وقف العنف المتصاعد.
- الفشل الذريع في درء الانقسام الداخلي.
- الفشل الذريع في حماية نفسها من هجمات المقاومة العراقية.
- النجاح الكامل في التعاون مع قوات الاحتلال الأمريكية في جرائمها الوحشية ضد العراقيين.
آخر الأطروحات تقول: إن قوات الأمن العراقية أصبحت تقوم بدور يشابه دور (قوات الجستايو) و(فرق العاصفة)، اللذان كونهما النازيون من أجل القيام بأبشع أنواع القمع والتنكيل بالمواطنين الأبرياء والمعارضين السياسيين، وبعد فضيحة سجن أبو غريب، وبعد مجزرة الرمادي والفلوجة والحديثة، لم تعد القوات الأمريكية قادرة على تنفيذ المزيد من الجرائم وذلك بسبب مهاجمة الرأي العام الأمريكي والعالمي لها، وبالتالي لجأت سلطات الاحتلال الأمريكية إلى استخدام (بروكسي) عراقي يقوم بالمهمة نيابة عنها، بعد أن توفر له السلاح والتمويل والغطاء القانوني والدعم السياسي، ومن ثم تشير أصابع الاتهام بوضوح إلى ضلوع مجموعات عناصر قوات الأمن العراقية، في تشكيل ما يعرف حالياً بـ(فرق الموت) وذلك من أجل تصفية المعارضين للاحتلال الأمريكي، ولحكومة نوري المالكي، وأيضاً تنفيذ عمليات الاغتيال التكتيكية التي تهدف إلى إشعال فتيل الصراعات الطائفية والعشائرية والقبلية داخل العراق.

الجمل: قسم الدراسات والترجمة


 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...