من هي الصحافة الصفراء التي استغلت خلاف عباس النوري وبسام الملا؟

28-10-2009

من هي الصحافة الصفراء التي استغلت خلاف عباس النوري وبسام الملا؟

رغم كثافة الدعاية الإعلانية التي رصدتها قناة 'إم. بي. سي' للقاء المصالحة بين المخرج بسام الملا والنجم عباس النوري عبر برنامج (كلام نواعم)، والتي تحولت إلى دعاية تضفي على الحدث هالة محرجة ومبالغا فيها بعض الشيء... إلا أنني كمتابع لشؤون وشجون الوسط الفني، شعرت بالسعادة الحقيقية لمثل هذه المصالحة، التي يمكن أن تثمر أعمالا جيدة لكلا الطرفين في المستقبل... فاجتماع الطاقات الجيدة في صناعة أعمال فنية مشغولة بعناية هو مكسب للدراما التلفزيونية السورية... بغض النظر عن احتمالات نجاح أو فشل كل عمل على حدة.عباس النوري
وأشهد من خلال متابعتي لتفاصيل الخلاف منذ بدايات نشوئه قبل أكثر من عامين، أن كلا الطرفين تحدثا عن حقيقة الخلاف كما حدثت... فلم يغير الفنان عباس النوري أو يحور الحقيقة كي يظهر بمظهر صاحب الحق، ومثله المخرج بسام الملا الذي كان أميناً وصادقاً في قول هواجسه التي دفعته لاستبعاد الفنان عباس النوري خشية أن تؤدي اعتراضاته المتأخرة على النص إلى تأخير عمليات التصوير والإخلال بالتالي- بالالتزام بشرط العرض الرمضاني المكبل برعايات إعلانية باهظة الثمن، ناهيك عن حساسية بسام الملا الشديدة تجاه كل من يحاول أن يقترب من مساحة قراره كمخرج... والتي كثيرا ما يحسمها بقسوة ومن طرف واحد، بعيداً عن اللجوء إلى الحوار المباشر!
ومع احترامنا لهذا الصدق والثقة في سرد وقائع الخلاف كما حدثت، فثمة وقائع وحساسيات خفية تحرك أي خلاف فني، ولا تقال في وسائل الإعلام... وتنفجر هذه الحساسيات عادة بعد نجاح أي مسلسل في أجزاء، أو أي مشروع فني آخر تتم كتابة أجزاء جديدة له... حيث يعتقد كل طرف أنه صاحب الإسهام الأقوى في صنع هذا النجاح ومن حقه أن يفرض شروطه على الآخر، وتكبر الحساسيات، وتدب الخلافات، قبل أن يهتدي الجميع إلى الحقيقة التي لا يقولونها في وسائل الإعلام أيضاً، وهي أن النجاح عمل جماعي حقيقي بين العناصر الأساسية الفاعلة الحضور على الأقل... ولهذا لم يستطع بسام الملا أن يملأ باختياراته البديلة المساحة التي خلفها أبو عصام وراءه، مثلما لم يستطع عباس النوري أن يجد عملا يضاهي في شعبيته بالنسبة له، الشعبية التي نالها في (باب الحارة) كما قال هو في البرنامج.. وبالتالي فمصالحة من هذا النوع، ليست تبويس لحى أو ضحك على الذقون كما يعتقد بعضهم، بل هي خطوة في المسار الصحيح ينبغي أن تشجع وأن تحترم، حتى لو قال الفنان عباس النوري بلغة جازمة أكثر من مرة (على قناة المشرق، وفي مقابلة مع مجلة لها) إنه لن يعود إلى (باب الحارة) إذا لم تعد فلسطين إلى أهلها.. في مثال بالغ التعجيز في هذا الزمن العربي المهزوم!
لكن ما استفزني في مشهد المصالحة التي لم تجد إم بي سي أفضل من (كلام نواعم) كي تضفي عليه طابع الألفة والبراءة والفرحة بلم الشمل، هو ما قالته الفنانة فرح بسيسو من أن (الصحافة الصفراء) هي التي استغلت الخلاف بين المخرج بسام الملا والفنان عباس النوري... وقضية (الصحافة الصفراء) هي الشماعة الجاهزة التي يعلق عليها الفنانون ملابس خلافاتهم، حين يريدون أن يخلعوها كي يرتدوا ملابس الصلح والوئام.. وفي حالة الفنان عباس النوري والمخرج بسام الملا، فإن الخلاف في الأساس واقع وموجود وناشئ عن استبعاد النوري من الجزء الثالث من (باب الحارة)، فهو إذن ليس مكيدة صحافة صفراء... أما كل ما نشر بعد ذلك... فقد قاله الطرفان وصرحا به ولم يصدر أي تكذيب عنهما ينفي قول أي عبارة نسبت إليهما كذباً، لأنهما على العموم تجنبا التعبير عن معطيات الخلاف بشكل مسف... فكيف لعبت (الصحافة الصفراء) دوراً في استغلال الخلاف وتأجيجه؟!
ومن خلال عملي الطويل في الصحافة الفنية والذي يمتد لعقدين من الزمن، أستطيع القول أن الصحافة لم تخلق خلافاً يوماً بين فنان وآخر من لا شيء... فكل ما كانت تفعله الصحافة الفنية دوماً هي متابعة خلافات موجودة أصلاً بين الفنانين، أو نشر ما يقوله الفنانون ضد بعضهم بعضاً في الخفاء، وهم يظنون أن الصحافة كاتمة أسرار... فيما هي بدورها ووظيفتها ناشرة أسرار وآراء... وأذكر جيداً أن كثيرا من الفنانين تورطوا في قول آراء نشرتها الصحافة في زملائهم أو المخرجين الذين عملوا معهم، وعندما جوبهوا بفورة غضب أو عتاب هائج ينذر بالعقاب، ادعوا أن الصحافة زورت آراءهم، وأنهم لم يقولوا هذا الكلام، وأنهم سيخربون بيت هذا الصحافي المأجور أو ذاك الذي يريد أن يعمل خبطة صحافية على أكتافهم.. ثم انقلبوا إلى الجهة الأخرى يطلبون المعذرة من أصحاب المطبوعة أو محرريها لأنهم كانوا مضطرين لقول ذلك على سبيل انحناء أمام العاصفة، مع التأكيد مرة أخرى أن كل ما قالوه سابقاً صحيح، لكن الوسط الفني لا يحب الصراحة ولا يحترم الصدق!
ومع أن الفنان عباس النوري قد حاول أن يخفف من جور التعميم المطلق الذي عبرت عنه الفنانة فرح بسيسو حول اتهامها لـ (الصحافة الصفراء) التي استغلت المشكلة بينه وبين المخرج بسام الملا، وقال بشيء من الموضوعية: (ليس كلهم طبعاً) إلا أننا نتمنى لو أن كلا الطرفين حددوا لنا ما هي الآراء التي نشرت على ألسنتهم حول هذا الخلاف، زورا وبهتاناً من قبل الصحافة الصفراء أو البرتقالية (كما قال الفنان عباس النوري ساخرا)، والتي لم يصرحوا بها لا في السر ولا في العلن... وكنا نتمنى لو أن الجميع تحلى بقدر قليل من الشجاعة والموضوعية، وذكر أسماء تلك الصحف الصفراء التي كان همها إشعال الفتنة بين النوري والملا، والإيقاع بين زملاء وأصدقاء الأمس... من أجل أن يجدوا (جنازة يشبعون فيها لطماً).
باختصار معظم ما ينشر من خلافات فنية على صفحات الجرائد والمجلات والشاشات تالياً، هي من صناعة الفنانين أنفسهم وهي تعكس مصالحهم وتوجهاتهم ونزاعاتهم الخفية وتراجعهم عن مواقفهم... وأصدق الآراء الفنية التي يقولها الفنانون في خلافاتهم وصداقاتهم معاً، هي تلك التي تقال في الكواليس، أو في لحظة جرأة لا تقدر العواقب، فتلتقطها الصحافة كي تضع الفنانين في مواجهة آرائهم الحقيقية... وعدا ذلك فعالم الفن كما نعلم، ينضح بالرياء والممالأة ويفيض بالأقنعة وأصباغ التجميل... فعدو الأمس هو صديق اليوم... وعكس العكس صحيح أيضاً مهما كثرت معارك الكر والفر ورحلات الذهاب والإياب... وربما آن الأوان كي نضع حداً للفنانين الذين يتهمون الصحافة بتزوير آرائهم، كي نرى من الحقيقي ومن الزائف حقاً!

ليست (الجزيرة) بل الفساد!

تعاملت قناة 'الجزيرة' مع كارثة تصادم قطارين في منطقة العياط جنوب القاهرة، بما يؤكد (حسن) ظن أجهزة الإعلام المصرية الرسمية وشبه الرسمية بها... ونقصد أجهزة الإعلام التي تطبل وتزمر، ولا تمل من ترديد معزوفة أن (الجزيرة تستهدف تشويه سمعة مصر).
مدير مكتب 'الجزيرة' في القاهرة، الزميل حسين عبد الغني، أبلى بلاء حسناً في تقديم تغطية ممتازة للحدث، حيث رأيناه بعد فترة قصيرة من إعلان الخبر، وهو ينتقل إلى موقع الحدث، ويرصد بالصوت والصورة والتوقيت الدقيق، تقصير أجهزة الدولة المختلفة في عملية الإنقاذ وانتشال الجثث... كما سرد بتكثيف دقيق، التاريخ الأسود لحوادث السكك الحديد في مصر، التي لا تفتأ تودي بحياة العشرات من الفقراء... وبين فترة وأخرى تتكرر الحوادث نفسها بسيناريوهات متشابهة، ومصادفات (ما تحصلش إلا في سينما الزمن الجميل).
وبانتظار الحملة الشعواء التي تشن على 'الجزيرة' مجدداً بسبب تغطيتها السريعة والشاملة للحادث... ينبغي أن نؤكد أن ما يسيء لسمعة مصر وأي بلد آخر، هو الفساد والتسيب والإهمال الذي يصنع البيئة الخصبة لمصادفات تلك الكوارث!

محمد منصور

المصدر: القدس العربي

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...