مقام مؤسس طائفة السيخ في بغداد: النهب دمّره والزوّار هجروه

02-02-2011

مقام مؤسس طائفة السيخ في بغداد: النهب دمّره والزوّار هجروه

بعد خمسة قرون من بناء نصب تذكاري تكريما لمؤسس طائفة السيخ غورو ناناك لدى اقامته في بغداد، لم يبقَ من المكان المدمَّر سوى لوحة معلقة على المدخل. ورغم ان نحو 70 ألفا من الهنود، بينهم عدد من طائفة السيخ، يعملون حاليا في بغداد، لم يكن هناك اي زائر او فضولي خلال زيارة المكان الذي عانى ويلات النهب والحرب.رسم لغورو ناناك.
لقد محت هذه الكوارث كل اثر لوجود ناناك في القرن السادس عشر في بلاد ما بين النهرين فيما كان عائدا من شبه الجزيرة العربية، في حين يعتبر السيخ هذه الرحلة مثالا على الحوار بين الاديان. ويعبر حارس المكان "ابو يوسف" عن أسف في قلبه بقوله: "ليس هناك اي زائر". ويدل الى الفناء المزدحم بثلاجة وآلات اخرى مدمرة وحاجيات متداعية، بدلا من صور دينية وكتب صلاة سبق ان كانت موجودة في هذا المقام المتواضع.
ويتابع "ابو يوسف" صاحب اللحية الصهباء التي غزاها الشيب، في اشارة الى الاجتياح الذي قادته الولايات المتحدة ربيع العام 2003: "قبل الحرب، كان يأتي بين الحين والآخر عدد من الزائرين السيخ او آخرون من السياح الغربيين". ويحرك كتفيه في شكل ساخر قائلا: "العام الماضي، جاء احد ابناء طائفة السيخ من دبي، ووعد بالمجيء مجددا لاعادة بناء النصب التذكاري. لكن لم يحدث شيء منذ ذلك الحين".
ويتذكر عندما كان الزوار يمضون ليلة او اثنتين في المكان، مما كان يبث في ارجائه الحياة من جديد. ويقول: "كانوا ينامون في الباحة، ويطبخون كميات كبيرة من الطعام ليتقاسموها مع المارين عبر المكان".
وتبقى المعلومات نادرة عن منشأ النصب التذكاري الواقع بين مدافن مقبرة الشيخ معروف في منطقة العلاوي وسط بغداد. والمصدر الرئيسي قصيدة كتبها الشاعر والفيلسوف البنجابي بهاي غورداس، بعد عقود قليلة على الزيارة التي قام بها مؤسس الدين الجديد الى بغداد. وتصف القصيدة رحلة ناناك مع صديقه، المنشد المسلم مردانا. ووفقا لمصادر السيخ، اقام الاثنان في بغداد عند الشيخ بهلول، احد شيوخ الطرق الصوفية آنذاك.
ولد ناناك العام 1469 في عائلة هندوسية، واكتسب معرفة معمقة بالاسلام، الديانة الاخرى الكبرى في الهند. فالسيخ دين توفيقي ما بين الهندوسية والاسلام. وفي هذا السياق، يقول رئيس مجلس السيخ للتربية والتعليم الديني في الولايات المتحدة رجوانت سينغ ان "وجود غورو ناناك لدى الشيخ بهلول مثال للحوار بين الاديان، ومن الصعب ان نتصور حدوثه اليوم".
وأقيم النصب التذكاري تكريما لذكرى ناناك في باحة المنزل المتواضع للشيخ بهلول، وبعد قرون من النسيان، ترجع عملية اعادة اكتشاف المقام الى الحرب العالمية الاولى، عندما عثرت كتيبة من الجنود السيخ في الجيش البريطاني على المكان.
وفي رسالة مؤرخة في 15 تشرين الاول 1918، يصف الطبيب في الجيش النقيب كربال سينغ المقام "بأنه بناء متواضع غير معروف لدى الآخرين، باستثناء السيخ". وتظهر صور فوتوغرافية قديمة لوحة حجرية نقش عليها تاريخ بناء المقام العام 917 هجري المرادف للعام 1511 ميلادي.
من جهتها، توضح بريبتال سيتي التي زارت بغداد العام 1968 عندما كانت في الحادية والثلاثين في رسالة بالبريد الالكتروني: "كنت منفعلة جدا خلال زيارتي المكان الذي قام ناناك بزيارته". اليوم تبلغ 73 عاما، وتعيش في الولايات المتحدة، ولا تزال تتذكر بان "المكان كان صغيرا جدا، والشيء الأكثر قيمة كان اللوحة التي تعلن تاريخ تشييد المبنى".
المقام خضع مرتين لاعادة تأهيل ابان الثلاثينات وخلال الحرب العالمية الثانية. لكن عمليات النهب بعد العام 2003 دمرت المكان. وتختم سيتي رسالتها: "انا حزينة جدا، لان هذا يعني نسيان رسالة ناناك حول السلام والمحبة ونبذ الخرافات".

المصدر: و ص ف

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...