مأساة «أوديب» اليونانية وظهور فكرة الحقيقة القضائية

24-02-2011

مأساة «أوديب» اليونانية وظهور فكرة الحقيقة القضائية

يستتبع التناول القضائي والديني للجريمة والطهارة علاقة جديدة بالحقيقة. ذلك أن النجاسة أصبحت تخصيصاً وتعريفاً فرديين ينجمان عن الجريمة. وهذه النجاسة هي ميزان الاختلاط الخطر الذي ينتشر في المدينة كلها. وعلى هذا تمسّ الحاجة الى معرفة إذا ارتكبت جريمة ومن ارتكبها. والبرهان على الحقيقة أو جلاؤها أمسى مهمة سياسية.


وفي مسرحية «أوديب ملكاً» لسوفوكليس، (الأبيات 96-111)، يقول كريون للملك أوديب إن على أهل البلد تطهيرها من دنس لحقها، وغذته في احضانها. فيسأل أوديب كريون، كبير الكهنة، على أي تطهير يتكلم، وأي شر أصاب البلاد. فيجيب الكاهن أن التطهير قد يقتضي نفي المرتكب المذنب أو التكفير عن القتل بقتل يكافئه لأن الدم هو السبب في الشرور التي تصيب طيبة، واليوم يقضي الرفيق الاعلى بالاقتصاص من القتلة كائناً من كانوا. فيسأل أوديب: أين هم القتلة؟ وأين نقع على الطريق المفضية الى جريمة قديمة؟ فيجيب الكاهن (القتلة هم) من هذه البلاد، على ما قال أبولون، وما يُبحث عنه لا بد من ان يعثر عليه، وأما ما يهمل فلا ندركه.

ويلاحظ في ضوء هذا:
1) أن البحث عما حدث وحصل في الحقبة التي سبقت نشأة المدن اليونانية، لم يكن الإجراء القضائي الاول. ويعود ذلك الى أمرين: الامر الاول هو أن يجرى التحدي والتعويض (رداً على التحدي) على النحو المرسوم، وألا يحيد عنه. والسؤال المرتقب ليس: هل ارتكبت جريمة؟ بل هو: هل حصل التعويض؟ وموضوع الحكم ليس الواقعة بل الإجراء القضائي الناجم عن التحكيم. والقسم القضائي ليس دوره جلاء الحقيقة بل تخيير صاحب القسم بين أحد أمرين: إذا ارتكب الجريمة، وأقسم على خلاف ذلك، أنزل به القصاص جزاء الفعلتين. وأما تقصي البيِّنة على ما حصل فمتروك لمن يعلمون، وثأرهم هو الدليل على علمهم. ولعل الحرص الشديد في عمل سوفوكليس على العثور على الشاهد، على خلاف ما تروي الملحمة الهوميرية في شأن خلاف مينيلاس وانتلوكوس، دليل على مكانة التحقيق (أو إثبات حقيقة الواقعة والحادثة).

2) وأن التسلل من الجريمة الى التدنيس، وبلوغ الدنس المدينة، وتحتم النفي تطهيراً من الدنس - يوجب معرفة الجريمة ومرتكبها وكيف ارتكبت. وتنص قوانين دراكون على إثبات واقعة الجريمة، وعلى إجراء استقصاء اذا كانت الجريمة غير متعمدة. وليست المدينة، بعد، هي من يتولى اجراء الاستقصاء. فالخصوم يأتون بالقرائن، والشهود هم أصحاب القسَم. ولكن الحقيقة لا تزال تتصور في صورة المصارعة. وحين يعلن الحُكم انتصار أحد المتقاضيين فهو يحكم في شأن ما حصل وحدث، وفي حقيقة الحادثة.

ولا ريب في أن الاستدلال على حقيقة الواقعة من طريق علامات الطهارة امر يدعو الى النظر. وفي مرافعات الحقبة اليونانية الكلاسيكية يقول المدعى عليهم: لست مذنباً، والدليل هو انه لم يحظر عليَّ دخول الساحة العامة (أغورا: منتدى المدينة السياسي)، وأنا لم أغرق في البحر، ولم يصبني شر. فالابتلاء لم يُطوَ بعد، ولكنه أمارة على الحقيقة وآيتها. ويترتب هذا على الرابط الوثيق بين مفعول النجاسة وبين صدق الواقعة. وإثبات صدق الواقعة هو شرط النجاة من مفاعيل النجاسة ونتائجها. وعلى الضد من هذا، تثبت مفاعيل النجاسة (أو عدمها) صدق الواقعة أو تكذب وقوعها على النحو الذي يدعيه المدعي.

ومأساة أوديب كلها سعي ملح تتولاه المدينة في سبيل جمع الحوادث الانسانية المبعثرة من اغتيالات وتفشي الطاعون، والنذر العلوية والسماوية، وحملها على وقائع مقررة وثابتة. وحين تلحق النجاسة بالمدينة وتصيبها، فمعنى ذلك أن ثمة ما يجب أن يُعرف، أو لغزاً يجب فكه. وما أن تتفشى آثار النجاسة حتى تنصب فخاخ المعرفة. ولكن هذه المعرفة ليست تلك التي يقود إليها القياس، وإعماله، وليست تلك التي تجيب عن السؤال: ما الذي ينبغي عمله؟ وإنما هي جواب السؤال: من (الفاعل)؟

وفي مطلع المأساة تدور محاورة الكاهن وأوديب على «ما يجب عمله»، على رغم أن جواب أبي الهول يقطع في أن أوديب هو الرجل المقصود بـ «من؟». وصوّب عرَّاف أبولون السؤال، أو هو يقول: محل السؤال عما يجب عمله يجب البحث عمن (كان الفاعل). والبحث عن الفاعل ليس الغرض منه هو ابتداء شعائر تطهر معقدة، بل الغرض منه هو إما النفي وإما الموت. و «من»(الفاعل) ليس العرَّاف تيريزياس من يتولى التلفظ باسمه. وهو، لا ريب، على علم به، ويدل عليه من طرف خفي، ولكنه لا يسميه وهو لم يرَه. وكهانته تخلو من الاسم على نحو خلو وجه العرّاف الضرير من النظر.

ويجيب عن سؤال: من (الفاعل)؟ من رأى، وليس العرّاف. أو بالاحرى يجيب من رأوا: الخادم الذي شهد ولادة أوديب، وهو وحده بقي على قيد الحياة من الذين شهدوا مقتل الملك لايوس، والد أوديب، والرسول الذي رأى أوديب طفلاً وهو من جاء يبلّغ عن موت بوليبيوس. والحق ان الجواب عن السؤال: من (الفاعل)؟ لا يفترض حكمة. وهو، أي الجواب، يضطلع به خادمان خائفان. وهما رأيا بأم العين ما عمي عن غيرهم. والحقيقة التي كان الكهنة والملوك يجهلونها، وينكرها أهل العلم والعرَّافون ويتسترون عليها بعض التستر، كانت في حوزة عبد رقيق وشاهد تابع في كوخ ناءٍ.

ويخلص من هذا الى ان بين النجاسة والحقيقة علاقة قوية ووثيقة. والإجراء القضائي والاجتماعي الذي تلابسه النجاسة، ولا تنفصل عنه، يترتب عليه لزاماً إثبات الواقعة وتقريرها: ينبغي معرفة إذا ارتكبت جريمة ومن هو المرتكب. وفي الحقبة التي سبقت نشأة المدن – الدول، كان يوكل الى الغيب الثأر من القتل. وكان وقوع الثأر هو ما يبعث واقعة القتل الاولى، ويعوض عنها تعويضاً يفوق أي تعويض أو جزاء بشري، بالغاً ما بلغ من قسوة. وبين الحادثتين انتظار ساكن، وارتقاب معلق لا نهاية له. وأوجبت شعائر التطهر تحقيق الحادثة، أي عرضها وتقصي حقيقة حصولها وتسمية مرتكبها. ومن الجريمة الى عقوبتها طريق يمهدها اظهار حقيقة الحادثة، وإثباتها، وتقرير وقوعها. فلا تبقى هذه الحقيقة البارقة التي تفصل حادثتين، الثأر الذي يجلو حادثة النجاسة والدنس وحادثة النجاسة التي يمحوها ويعوض عنها معاً وفي آن.

فمنذ اليوم – مع نشأة المدن وأنظمتها القضائية والدينية – تشترط الشعائر نفسها، ويشترط أداؤها تقصي حقيقة الحادثة الاولى، النجاسة وإثباتها على صورة واقعة محققة. ولا طهارة من نجاسة، على هذا، إلا من طريق الحقيقة المثبتة. وتضطلع هذه بدور مطهِّر. وهي فاصلة وقاطعة، وتجيز النفي والإطراح وتخليص الخليط بعضه (الطاهر) من بعضه (النجس) الآخر. والمدينة من غير حقيقة مدينة يتهددها الدمار والخراب. وهذان يتهددانها بالخليط والاذى. فالمدينة تحتاج الى الحقيقة معياراً مشتركاً يَحسم في نزاعاتها وخلافاتها. وتحتاج الى مقالات الحقيقة احتياجها الى المقالات المشتركة والمحكمة في النزاعات والخلافات.

وإلى ذلك، تنطوي بنية الطهارة القضائية والدينية على مثال حقيقة آخر. وقد يصح وصف هذا المثال على النحو الآتي:

أ‌) يتهدد النجس من حوله بالعدوى. فهو خطر على أسرته ومدينته. وحيث يقيم وينزل «تخيم على المدينة سحابة من دم، ويصيب التلف النُطف قبل البراعم، وتنفق القطعان، وتجهض النساء الحوامل أجنة أرحامها» (أوديب الملك، الأبيات 24-27). وحيث يسود الناموس (أو الشرع)، وهو يسود دائرة المدينة، لا يؤمن أثر القاتل النجِس، وإخلاله بنظام الأشياء والبشر.

ب‌) ويبرر خطره نفيه من الناموس، وطرده من «الحيز الاجتماعي» الذي يعرِّف المدينة. ويحرُم استقباله والتوجه اليه بالكلام، او إشراكه في الصلوات والاضاحي، ويحظر مشاطرته ماء التطهر، وعلى الاهالي اقصاءه بعيداً من منازلهم» (أوديب الملك، الأبيات 236-241)؟

ت‌) فلماذ يُحمل على النجاسة؟ وما علة نجاسته؟ وما مصدر وصفه بالنّجس؟ الجواب هو أنه ترك الناموس وخرج عليه عمداً أو سهواً وعفواً. وكان القصاص يصيب البطل الهوميري إما جزاء نسيانه (في لحظة تخلٍ) حدود الامر والنهي، وإما جزاء تعاليه وتجاوزه قيود بشريته وإنسانيته. وأما في عهد الناموس فالخطيئة الكبيرة هي نسيان القانون المعروف والمشهود والمعلن والمطبوع في نظام الطبيعة. والنجس هو من اغمض عينيه وعمي عن الناموس.

ث‌) ولكن من تصيبه النجاسة بسبب عماه عن الناموس، وحال تنجسه، وانقلابه كدراً ودخيلاً على الناموس، استحال عليه ادراك حاله، والعلم بها، وعمي عن انتظام الناموس وعموميته. فالناموس هو ميزان التوزيع العادل، والقسمة المنصفة. وجلاء نظام الأشياء هو فهم الناموس، والنطق به، والإقرار بعدالته. وهذا الجلاء ليس في متناول النَّجس. وعلى الضد من هذا، الطهارة هي شرط استظلال الناموس، وإيفاء موجباته، وإدراك نظام المخلوقات. وهي، مثل هذا كله وبعده، شرط الحكم بما أوجبه.

والفصل في الطهارة والنجاسة يتصل بالناموس، ويتعلق به، من 4 اوجه: تستقي النجاسة مفاعيلها من حيز الناموس، أي من دائرة نظام المخلوقات، وعلى هذا، فالنفي هو في مثابة التطهر، - يجب اخراج النجاسة من الناموس في ضوء ما سنّه الناموس نفسه، فهو ينص على من يجب إطراحه ولفظه، - ولكن النجاسة ترتبت أصلاً على النفي من الناموس، إما عن عمي وإما عن جهل، والسبب في العمى عن الناموس هو النجاسة، - وتتوسط المعرفة علاقة النجاسة بالقانون، فشرط النطق بالقانون هو الطهارة من النجاسة، وشرط الطهارة هو معرفة الناموس. وتؤدي هذه الخيوط الى صوغ أخلاقيات الحقيقة على نحو لم نخرج بعد، الى اليوم، من المثال الذي استقر عليه قبل 25 قرناً، على رغم اقتصار ما بقي منه على أصداء خافتة ومخنوقة.

وتحف بتلازم الحقيقة وجلاء نظام الخلق مثالات راجحة في الفكر اليوناني. وأولها مثال الحكيم، وهو في أصل ميزان السلطة السياسية، وحيث تسن الشرائع، وليس حيث يباشر العنف والاكراه. ومنزلة الحكيم هي الوسط. وقد لا يزاول الحكيم السلطة ولا يتقلدها، ويضطلع بالتشريع.

وهو مطهر من اقتراف الكبيرة والصغيرة. ومنزلة الحكيم هي منزلة مؤسس السلطة السياسية (من غير حيازتها)، والعارف بطبائع الخلق ونظامه (وهو غير العالم بالاقيسة التقليدية)، والعفيف اليد (على خلاف صاحب الثارات). وينبغي الاقرار بأن هذه الصفات هي قناع تتستر به أفعال اقتصادية وسياسية.

والمثال الثاني هو السلطة الشعبية التي ترتسم صورتها سلباً عند أفلاطون وأرسطو، على مقدار أقل عند أريستوفان وتوقيديديس. والسلطة الشعبية (حكم الشعب، ديموس، ومنها الديموقراطية) لا تمتثل للناموس، وتبتدع منه وتغيره من طريق الخطابة والمناقشة والاقتراع والارادة المتقلبة. وهي سلطة لا تضبطها المعرفة (معرفة السياسة ومعرفة طبائع المخلوقات)، وهي معرفة يختص بها الحكماء. وليست السلطة جاهلة فحسب، بل هي نجسة جراء انتهاكها الناموس، ولا تراعي غير مصالحها، وتميل مع رغباتها. وهي عنيفة، وتكره الناس على الطاعة والانقياد. ولا تتورع عن قتل الحكيم وقتل من يصدر عن الشرائع والقوانين. وتنتهك ركن المدينة وطبائعها.

والمثال الثالث، وهو يتوسط الحكيم والسلطة الشعبية، هو الطاغية أو صاحب الامر فعلاً ومباشرة. وهو مثال سالب إذا اقترب من السلطة الشعبية وجسدها. ولكنه مثال ايجابي إذا سلّم للحكيم وانقاد الى مشورته.

وتلازم السلطة والمعرفة، أو رابط الناموس بالحقيقة من طريق الطهارة، بعيد مما سبق قوله في الطهارة والحادثة. فالنجاسة تطرح على المعرفة مسألة الواقعة، أي سؤال من الفاعل؟ وتقتفي الطهارة اقتضاءً لا فكاك منه إثبات الجريمة. وحقيقة الواقعة هي المقدمة التي تقود الى نفي النجاسة وإطراحها، بينما تمهد الطهارة الطريق الى بلوغ معرفة نظام الخليقة. وهذه، أي الطهارة، لا مناص منها في سبيل معرفة نظام الخلق، وليس الوقائع فحسب. والصنف الثاني من المعرفة، تلك التي تتناول النظام وحؤول النجاسة دون المعرفة، يقود من جديد الى أوديب.

فأوديب هو مقوَّم المدينة ومصوِّب استدلالها على محجتها. وهذه الالفاظ يشار بها الى المشرِّع. واستحق أوديب هذه الاسماء جزاء فكه لغزاً وإعماله فكره ومعرفته في ذلك. ولكنه أثم، وأصابته النجاسة حين عمي عن الناموس الاصيل – حضانة الاب والام. وهو لا يدري ما عليه أن يفعل منذ أن فك اللغز. فنجاسته أخرجته من عصمة الناموس، واستغلق عليه فهم نظام الخلق ونظام الانسيين. فمن كان عقله يسيِّر المدينة في الطريق القويم أصابه الجهل، وأبطل معرفته وعلمه.

وحال أوديب هذه بعثت على استنجاد العارفين كلهم، من أهل الغيب الى الراعي. وهو نفسه، أوديب، تاه عن مصادر المعرفة، ولم تعد منزلته في وسط المدينة وقلبها. وفي كل مرة يأتي خبر أو جزء من علم، ويبلغ أهل المدينة، يقرأ أوديب، وهو محق في ذلك، بأن بعض سلطته ينسل من يديه. والمطارحة بينه وبين كريون هي في قلب المأساة. فالطهارة تربط المعرفة والسلطة، الواحدة بالأخرى، برباط قوي. والنجاسة تحجب المعرفة وتطرد من السلطة. ويجمع أوديب صورتي علاقة الطهارة والحقيقة. ولكنه يجهل حقيقة الامر حين تتكشف لأعين الجميع. وهو يجهلها لأنه نجس ومنحرف عن طبيعة الخلائق والبشر.

وربما لا يروي أوديب مصير غرائزنا ورغبتنا. ولكنه يجلو صورة نظام ملزم ينقاد إليه، منذ اليونان، مقال او خطاب الحقيقة في المجتمعات الغربية. فالموجب السياسي والقضائي والديني يقضي بجعل الحادثة، وتقلب وجوهها وانبجاساتها في سياق الزمن، وترنحها ذات اليمين وذات اليسار، وقائع مثبتة ولا عودة فيها في تقرير الشهود. ويقضي الموجب نفسه بإرساء ميزان توزيع السلطة على معرفة نظام المخلوقات، وهي معرفة تقود اليها الحكمة وحدها، وإرساء الناموس على معرفة - فضيلة هي احترام الناموس. وعلى مقال الحقيقة التزام الموجبات والقيود التاريخية هذه. وهي الموجبات والقيود التي أوكل بها مقال الحقيقة برواية أوديب، على خلاف ما حسب فرويد حين ذهب به الظن الى أن أوديب يصف الصور العامة للرغبة.

ميشال فوكو

* المحاضرة التي ختم بها الفيلسوف الفرنسي (1926 – 1984) عام تدريسه الاول في الكوليج دو فرانس، في 17/3/ 1971، عن «اسبري» الفرنسية، 1/2011، إعداد منال نحاس.

المصدر: الحياة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...