قصائد للشاعر الفرنسي كلود استيبان.. جُروحنا تُشفى دائماً في ذاكرة الآخرين

29-06-2012

قصائد للشاعر الفرنسي كلود استيبان.. جُروحنا تُشفى دائماً في ذاكرة الآخرين

لا بدّ لو تحدثنا عن المشهد الشعري الفرنسي في العقود الأخيرة من القرن العشرين، لا بدّ أن نجد أن اسم كلود استيبان، يحتل مكانة كبيرة فيه، إذ عرف الشاعر كيف يفرد فسحة لقصائده، التي استرعت الانتباه، منذ ديوانه الأول.
ولد استيبان العام 1935، وهو أيضا باحث وناثر ومترجم من الاسبانية إلى الفرنسية، نشر أكثر من أربعين عملا، كذلك أسس وأشرف على سلسلة شعر صدرت عن منشورات "فلاماريون" من دون أن ننسى مجلته الكبيرة "أرجيل" التي لعبت دوراً مفصلياً في الحداثة الشعرية الفرنسية.
حاز عددا من الجوائز الأدبية، وتوفي في نيسان من العام 2006.
المختارات المترجمة هنا، من ديوانه الأخير "الموت عن بعد". وهو كتاب صدر بعد موته، وفيه نقع على كل القلق والكآبة، التي كان يشعر بهما بعد إحساسه باقتراب الموت منه، نظراً لوضعه الصحي الهش في أيامه الأخيرة. من هذه النظرة المتعبة، السوداوية إذا جاز التعبير، حاول الشاعر أن يسائل هذه المنطقة المشتركة بين مختلف الأشياء، كما بين هيئاتها المتنوعة، وذلك عبر كتابة وعلى الرغم من التقاطها كي لا تندفع، إلا انه يمرر عبرها بعض توصيفات الحالتين اللتين يتحدث عنهما.
جروحنا القديمة
هي الأثمن
تبعدنا عن آلام
الغد.
[[[
أحيانا كنت أتمنى، لطيلة نهار
الكلمة الصائبة، الكلمة
التي تطرد الخوف
ومن ثم كنت أنسى.
[[[
سأتقدم، سأبحث
حتى النهاية
سأفقد الشجاعة،
سأستعيد من البعيد، سأتعرّف
إلى المنزل.
[[[
رغبت في أن تسقيني
قطرة مطر
أحسد عطش النمال
المطلق.
[[[
مكتشفاً، قارئاً
على كل حبة رمل
كتابة الريح
المتشظية
[[[
جروحنا
في ذاكرات الآخرين
تُشفى دائماً
[[[
سأحمل الزمن على كتفي
كي أسير
بشكل أفضل.
[[[
اتركوا الآلهة تنام
تحت الحجارة
إنهم لا يتحدثون سوى للأفاعي.
[[[
ربما قيل كل شيء
ربما ننتظر الليل
كي نكتب الجملة نفسها.
[[[
ثمّة مصباح يسهر في الليل
قلب لا يتوقف عن الإيمان
بأن أحداً يبدع قصته
بعيداً عن الرعب والضجيج.
[[[
كنت جميلة جداً، في الصباح
الذي ظننت فيه أني لن أموت
[[[
سهل جداً
أن نموت
أريد أن أشيخ
كشجرة.
[[[
أعطني هذا الصباح، ساعات
الصباح الباكر
حين يبدأ كلّ شيء، أعطني، أرجوك،
حركة الأغصان الخفيفة،
نفحة، لا شيء أكثر
ولأكن مثل شخص
يستيقظ في العالم ولا يعرف
لا من أتى ولا من سيموت
أعطني
قليلا من سماء فقط أو هذه الحصاة.
[[[
في مكان ما، يُقرع باب
ونعرف جيداً
أنه لن يُفتح
أبداً، في مكان ما
يستيقظ رجل ويكتشف
أنه، بعيداً عن أحلامه،
لم يتبق شيء، ثم
يغفو مجدداً، في مكان ما، ثمة
وردة تصعد باتجاه الشمس
لكن لصغرها تحتلها حشرة
وتطأ لونها
في مكان ما، ثمة آخر
يبحث عن كلمة ليقولها
ويعرف جيداً أن كلّ شيء
قد كُتب.
[[[[
أعطني، أرجوك، ما كنت أرفضه
بالأمس، شعاع شمس،
نظرة، حين كنت غنيّا
[[[
لنصمت
بالأحرى، لنترك
الغائبين
ينامون،
في الصمت الذي يُمسك الأبواب.
رغبوا كثيرا
في أن لا يضعفوا، في أن لا
يوهنوا
قبل أن يقال كلّ شيء ممّا ينبجس،
يوما وراء يوم،
من أصابعهم، من عيونهم
من شفاههم.
[[[
أملك أياماً
لم تعد تنفع لشيء، أهبكم
إياها، يمكنها
أن تكبر عند آخرين، أن تصبح خفيفة،
حريرية، مليئة بالشمس،
لأني أنا، سأضعها في علبة
رمادية تحت الأرض
وسأراها تتعفن، خذوها مني،
اجعلوها تحيا،
لتصبح أطفالا يلهون.
[[[
حان وقت الرحيل، أيها الرفيق القديم. اترك صفحتك بالكاد مكتوبة، أغلق كتاب الشمس. ما قيل في الحديقة، قد يحيا من بعدك ربما.
[[[
هذه الهمهمة، ربما
ليست سوى نجمة
سقطت في العشب
[[[
لا تسقِ سوى المطلق
المياه
أصبحت جافة.
[[[
في زمن الدواة
حتى للكلمات
رائحة البنفسج
[[[
قليل من نهار حملهم، يستعيدهم
مطلق الليل
لتكن الأرض ناعمة
مع الذين ينامون
[[[
لا تصرخ، كلا، لا
تصرخ، إن صرخت، ثمة شيء
سيموت، ربما شجرة أو ذكرى
الشمس
بعد ظهيرة صيفية فوق حجر
ويدك، على الضفة بالضبط
تتدفأ، إن صرخت، هي
حشرة أقل
في العشب الأصفر، يتسرب الخوف
في كلّ مكان، والصرخة
مثل خنجر، ينتهك
الرقبة
[[[
وعند الساعة نفسها، من كلّ مساء
تمّحي كلمة

ومن ثم أخرى
وفي كلّ مساء كما لو أنّ
جزءا صغيرا منيّ يموت
إذ يكفي
أن يفقد أيّ شيء اسمه
كي تتقوّض جُملة العالم بأسرها..
[[[
لا شيء
إنه القلب الذي يتفاجأ من نفسه
لأنه لا يتألم.
[[[

اسكندر حبش

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...