فتش عن الذهب

25-10-2008

فتش عن الذهب

الجمل- أيهم ديب:  يخطئ البعض في اعتقاده أن أزمة الرأسمالية هي أزمة فلسفة , فالمشكلة الحقيقية تكمن في واحدة من أهم آليات الرأسمالية و هي الدعاية, و إذ ان الدعاية ليست حكر على الرأسمالية كنظام اقتصادي , إلا ان الدعاية في النظام الرأسمالي تشكل حيزاً من ثمن السلعة ,؟ فالدعاية شرط تجاري و تدخل كمكون أساسي في تشكيل القيمة المضافة. لنلاحظ فنان مثل بيكاسو :لقد تم تدوير اسم بيكاسو بحيث يمكن اليوم أن تفرغ عطلة نهاية الأسبوع فقط لتقفي الأرقام التي حققها هذا الاسم /السلعة /  من خلال بيع الكتب و البطاقات البريدية و اللوحات و المتاحف و المعارض . الرقم سيكون من فئة التسعة خانات.  بنفس الطريقة يمكن النظر إلى هوليوود و آلية إنتاج النجم .  الدعاية ضرورة اقتصادية و هي إلى جانب قوانين الاحتكار تعد زبدة و خبز الرأسمالية. الاحتكار يضمن للرأسمالي أن يحول سلعته إلى أيقونة. و بالتالي فرض السعر الذي يريده و لكن حتى لا يكون هذا بطريقة استفزازية, تأتي الدعاية لتجمل قبح الإحتكار و عدوانيته. فالشركة تضع يدها على سلعة ما ( عقار , ماركة, فنان,  مصدر طبيعي  .. ) ثم تغذيها بالدعاية لتبرر القيمة المضافة على قيمة السلعة الاجتماعية- و هي القيمة الأقرب للحقيقة -  هذه القيمة المضافة ستتسبب بإرهاق المجتمع العامل من خلال إعادة توزيع المال ضمن  عمليات وهمية- غير منتجة فعلياً- و قيمتها رهن بالاحتكار.
هذا بطبيعة الحال سينتج عنه خلخلة في النظام الاقتصادي عادة يتم تنفيسها من خلال الأزمات(  - حروب , قرصنات, انهيارات ...   ) أميركا تضع يدها على إنتاج الكوكا في دول أميركا اللاتينية تحت شعار ضبط تجارة المخدرات! رغم ان أمريكا هي من يدير تجارة المخدرات في العالم , و يكفي أن تعرف ان هذه التجارة تحقق أرباحاً من فئة التريليون حتى تدرك لماذا تتواجد المكنة العسكرية الأمريكية دائماً لحمايتها من أفغانستان و حتى السلفادور. على السطح يحق لشركة كوكا كولا الأمريكية ان تستخدم  نبتة الكوكا في المشروب الغازي الأشهر في حين لا يحق للكولومبي ان يشرب شاي الكولا - عادة ورثها عن أجداده منذ آلاف السنين.

لا ندري حقاً إن كانت الرأسمالية تعيش أزمة أم ازدهار. فالكساد سيتسبب في انهيار مؤسسات بأكملها و سيكون هناك دائماً مستفيد. إنه من يملك الذهب في أزمة اليوم. فعلياً سيتخلص رأس المال من شركائه و من منافسيه على حد سواء. و سيحاول استنزاف الأرصدة الوطنية و إدخالها في ماكينة إنتاجه.  الكساد الذي سيصيب العالم سيكون بمثابة مهرجان تسوق لمالكي الذهب. و ستنحسر مبيعات الفياغرا و ستزداد مبيعات البروزاك  و ستنعكس التأثيرات المناخية على الدول على شكل مجاعات  و سيكون رجال ألأعمال في بلد مثل بلدنا بالمرصاد للجفاف الذي سنعيش تأثيراته المحرجة - إن استمر صيفنا الذي نعيشه اليوم إلى إشعار آخر - و التي سيحسن المسؤول و التاجر استغلالها في تجريد المواطن من آخر ما يملكه,  و بالتالي يكون التاجر الممتلئ مستعداً لمرحلة ما بعد الأزمة  ليدخل مع - تحت-   رأسماليي العالم في صفقات المرحلة الجديدة.

الجمل

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...