غزة القطرية

26-10-2012

غزة القطرية

شكلت زيارة أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وعقيلته الشيخة موزة بنت ناصر والوفد القطري المرافق له لقطاع غزة حدثاً تاريخياً ومهماً افتتح خلالها مشاريع بقيمة 400 مليون دولار، باعتبارها أول زيارة  لزعيم عربي يزور القطاع منذ عام 1967، إلا أنّ سياسيين ومحليون يرون أنها أتت بمثابة تكريس للانقسام، وتهديد للتمثيل الفلسطيني الواحد، خصوصاً في المرحلة الحرجة التي يتوجه فيها الشعب الفلسطيني إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للتصويت على عضوية غير كاملة لفلسطين، واستكمال لمشروع بدأته قطر منذ عام 2004 وهو مخطط فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية، وتمكين حركة "حماس" من تأسيس كيان مستقل في القطاع.

إعلان لـ"دولة غزة"
يعتبر الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم أبراش أن انعكاسات زيارة أمير قطر لقطاع غزة على المشهد الفلسطيني تحمل مغزى سياسيا يبتعد عن كونه افتتاحا لمشاريع اقتصادية تأتي في إطار رفع الحصار عن قطاع غزة.
وأكد أبراش أن الزيارة سياسية وتعتبر تكريسا للانقسام الفلسطيني الفلسطيني، إذ إنه لا يجوز لرئيس دولة أن يزور دولة أخرى دون تنسيق كامل مع رئيس الدولة التي سيزورها، ووفق بروتوكول الدولة.
ولفت المحلل السياسي إلى أن غزة هي جزء من الكيان الفلسطيني وجزء من السلطة الوطنية الفلسطينية، موضحاً أنه لا يجوز أن يأتي إلا ضمن بروتوكول سياسي من قبل الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
وشدّد أبراش على أن قطر بهذه الزيارة استكملت مشروعا بدأته منذ العام 2004 وهو مخطط فصل غزة عن الضفة الغربية، وتمكين حركة "حماس" أحد فروع جماعة الاخوان المسلمين، من تأسيس كيان في القطاع.
وأضاف: "أمير قطر جاء ليعلن دولة غزة، وليس فقط مجرد افتتاح مشاريع اقتصادية".

تكريس للانقسام
في المقابل، رأى أمين سر اللجنة القيادية العليا لحركة "فتح" في قطاع غزة يحيى رباح أن البعض اعتبر أن هذه الزيارة جزء من الضغوطات التي تمارسها الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل على السلطة الفلسطينية، لعدم المضي قدماً نحو التصويت في الأمم المتحدة.
وشدد رباح في حديثه مع "النشرة" على أهمية الزيارة لصالح القضية الفلسطينية وليس لتكريس الانقسام خاصة في هذه المرحلة التي يتوجه فيها الشعب الفلسطيني نحو الذهاب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة للتصويت على عضوية غير كاملة لفلسطين، وهو الذي تعارضه أميركا وإسرائيل، من خلال شن الحرب ضد القيادة الفلسطينية لمنعها من استكمال هذا التوجه.
وأوضح رباح أن الزيارة تهدد وحدوية التمثيل الفلسطيني الذي يتعرض إلى غارات من قبل أميركا وإسرائيل على حد وصفه، مشيراً إلى أنهما تحاولان الاعتداء على قوة التمثيل الفلسطيني لكن كل محاولاتها باءت بالفشل، لافتاً إلى أن الاستقبال الذي قوبل به الرئيس الفلسطيني محمود عباس في الأمم المتحدة، وخطابه أمام الجمعية العمومية تؤكد على الشرعية الفلسطينية وقوة التمثيل لمنظمة التحرير.
ولفت رباح إلى أن الزيارة لم تضف لحماس شيئاً كي تحصل على الشرعية العربية والدولية، مطالباً إياها بأن تكون جزءا من الشرعية الفلسطينية وجزءا منسجما مع الشرعية الوطنية. موضحاً أنها على مدار السنوات الخمس الأخيرة حاولت أن تحصل على الشرعية لكنها باءت بالفشل.

 اعتراف رسمي بحكومة "حماس"
من جهته، يشير الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل إلى أن عنوان الزيارة وهي إعادة أعمار قطاع غزة والتي انفردت به دولة قطر، لا يمكن حسمه في نفس العنوان، لافتاً إلى أنها حصلت على تنسيق وموافقة ورضى إسرائيليا أميركيا مسبقا، إضافة إلى الضمانات والموافقة المصرية.
وتساءل عوكل عن الهدف الذي تسعى إليه دولة قطر من خلال هذه الزيارة، لاسيما العلاقة الجديدة مع حركة "حماس" وبرنامج المقاومة وإسرائيل والولايات المتحدة اللتين تقيم قطر علاقة قوية معهما.
وأشار عوكل إلى أن الاستقبال الرسمي الذي قوبل به أمير دولة قطر يحمل اعترافاً رسميا بحكومة حركة "حماس" في الوقت الذي يشتد فيه التنافس بين الفلسطينيين حول التمثيل الفلسطيني ووحدة الشعب الفلسطيني.
وأكد أن ملف المصالحة لم يعد هدفا من أهداف أمير قطر، إذ وكأنه في هذه الخطوة الجريئة، أعلن تحالفه العلني مع حركة "حماس" في ظل استمرار حالة الانقسام الفلسطيني بين الضفة الغربية وقطاع غزة، الأمر الذي يؤدي إلى تعميقه.
ورأى المحلل السياسي أن هذه الزيارة تعتبر مكسبا سياسيا كبيرا لحركة "حماس" لأن الحصار الاقتصادي خفف كثيراً، موضحاً أن كل ما يدخل من بضائع ومستلزمات لقطاع غزة عبر إسرائيل، أصبح يدخل عن طريق مصر، وبالتالي أصبحت حماس تحظى بشرعية مصرية وقطرية، لاسيما أن مصر أعلنت أنها ستمرر كل المواد التي يحتاجها إعادة اعمار غزة. وأضاف: "هذا يعزز شرعية حركة حماس وانفتاحها ومنافستها القوية على موضوع التمثيل النسبي".
وتابع: "الضفة الغربية وقطاع غزة لا زال تحت طائلة الهدف الإسرائيلي الذي خطط له رئيس الحكومة الاسرائيلية الأسبق أرييل شارون، وهو فصل قطاع غزة عن الضفة، بالتالي إنهاء موضوع الدولة الفلسطينية ودفع قطاع غزة جنوباً باتجاه مصر، وعملياً هذا المخطط هو القائم حالياً".

محمد فراونة

المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...