شبان غزة يلاحقون بسبب تسريحة شعرهم

10-04-2013

شبان غزة يلاحقون بسبب تسريحة شعرهم

يشهد قطاع غزة حملة بدأتها الشرطة التابعة لحركة حماس وتلاحق من خلاها الفتية والشبان وتعتقل بعضهم بسبب تسريحات شعرهم التي تراها غريبة وغير محتشمة.

ويعلق أبو محمد سالم، وهو سائق سيارة أجرة في غزة، ويبلغ من العمر 55عاما الحملة بهذه الكلمات التهكمية "أخشى أن يأتي اليوم الذي يفرض فيه الحجاب على الرجال في غزة أيضا".

وقد تمثلت الحملة التي شهدتها شوارع غزة، وخان يونس، ورفح، في قيام عناصر الشرطة باحتجاز بعض الشبان واقتيادهم إلى مراكز الشرطة، وتوجيه إهانات لهمن وضرب بعضهم، وحلاقة رؤوسهم بطريقة وصفت بأنها مهينة، على حد وصف مؤسسات حقوق الإنسان في قطاع غزة، مؤكدة أن بعض الفتية المحتجزين أجبروا على التوقيع على تعهدات بعد إطالة شعرهم، أو عمل تسريحات غريبة.

واستنكر مركز الميزان لحقوق الإنسان في بيان له هذه الحملة، مؤكدا أنها "تتواصل منذ مطلع الشهر الجاري ويلاحق خلالها فتية وشبان، فيعتقلون ويحتجزون، ويمارس بحقهم العنف والإهانة والإذلال، ثم تحلق رؤوسهم، أو يشوه شعر الرأس عبر إزالة جزء منه عشوائياً، قبل أن يفرج عنهم".

واعتبر المركز ما يجري "تجاوزا للقانون وانتهاك لأبسط حقوق الإنسان من قبل جهات مكلفة بتنفيذ القانون".

وأشارت التحقيقات والشكاوى التي تلقاها المركز من عدد من الضحايا إلى ملاحقة الفتية والشبان بسبب تسريحة الشعر، أو لباس أنواع بعينها من السراويل.

وأضافت أن سلوكيات أفراد الشرطة انطوت على تجاوزات للقانون تنتهك أبسط الحريات الشخصية للمواطنين، إذ أشارت الإفادات التي جمعها المركز من الضحايا كافة، إلى قيام أفراد من الشرطة باعتقال أشخاص بالقوة، ودون إظهار إي مذكرات صادرة عن جهة اختصاص، بل دون إعطاء تفسير لسبب الاعتقال.

وجاءت الحملة في سياق جملة من الإجراءات التي اتخذتها حكومة حماس مؤخرا، وشملت إصدار قانون للتعليم يقضي بمنع الاختلاط بين الجنسين من سن التاسعة، وكذلك منع المدرسين الذكور من التدريس في مدارس البنات، وما سبقها من إجراءات بفرض الحجاب على المدارس والجامعات، وإجبار محاميات على ارتداء الزي الشرعي لدى مثولهن أمام المحاكم، أو منع النساء من تدخين الشيشة في الأماكن العامة، ومنع الرجال من العمل في صالونات الحلاقة الخاصة بالنساء.

كما أن حملات أخرى أطلقتها جهات دعوية، بالتعاون مع وزارة الأوقاف في حكومة غزة، ركزت في الأشهر الأخيرة على تفعيل برنامج يحمل عنوان "نشر الفضيلة"، مستهدفة الأزياء التي تحاكي الأسلوب الغربي، وعلى رأسها منع الشبان من ارتداء السراويل الهابطة، أو البنطال الساحل، كما يسمى في غزة.

وتزامنت الحملة مع حالة استياء واسعة في أوساط مواقع التواصل الاجتماعي بعد نشر مقطع فيديو على موقع يوتيوب يظهر مدير إحدى المدارس في مخيم النصيرات للاجئين بوسط قطاع غزة، وهو يعاقب تلميذ أمام طابور المدرسة في الصباح بصفعه على وجهه صفعة قوية، بسبب تسريحة شعره.

وقد أثار هذا عاصفة من التساؤلات حول أسلوب العقاب وتوقيته، ولماذا لم يعاقب هذا التلميذ في بداية العام الدراسي وليس في نهايته، مما يشير إلى تزامن ما يجري في المدارس مع الحملة التي أطلقتها حكومة حماس في غزة.

وينفي المقدم أيمن البطنيجي المتحدث باسم الشرطة في حكومة حماس المقالة، وجود أي حملات من قبل جهاز الشرطة تستهدف تسريحات الشعر أو الأزياء، مؤكدا أن ما جرى هو أن جهاز الشرطة تلقى شكوى من بعض المواطنين بخصوص مجموعة من الفتيان يوجدون في محيط مدارس البنات في بعض المناطق، وما يرافق ذلك من معاكسة ومضايقة الفتيات، ما استدعى رجال الشرطة إلى "التعامل مع بعض هذه الحالات".

وقال البطنيجي، "إنه وقبل تولي حماس مقاليد الأمور في غزة، كان هناك فرع متخصص لهذا النوع من الشكاوى يسمى بشرطة الآداب، لكن جهاز الشرطة الحالي ليس فيه مثل هذا التخصص، وبالتالي تولت فرق المباحث العامة مسؤولية التعامل مع تلك الشكاوى".

وعندما سألت البطنيجي هل نقول على لسانك إن بإمكان الفتية أن يسيروا في شوارع غزة، وهم يرتدون ما يشاؤون، أو أن يقصوا شعرهم بالطريقة التي يحبون؟ فابتسم وقال "من واجبنا أن نحافظ على سلامة وأمن مجتمعنا حتى من حالات التقليد الأعمى لأي مظاهر شاذة لا تتماشى مع عاداتنا وتقاليدنا العربية والإسلامية، فشبابنا أمامه تحديات كبيرة تتعلق بمقاومة الاحتلال وتحرير الأرض".

ويقول راجي الصوراني مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، إن إعمال القانون من شأنه معاقبة أي مدرس يعتدي على تلميذ، أو اي رجل شرطة يتغول على مواطن، مشيرا في الوقت ذاته إلى أن ما يجري يستدعي تدخلا سريعا من قبل الجهات المعنية بتنفيذ القانون لحماية الحريات، ومنع أي تجاوزات.

أصبحت الحملة حديث الشارع في غزة هذه الأيام، ويقول يوسف، وهو ناشط على شبكة التواصل الاجتماعي، إن "فرض الوصاية على سلوك الناس، وتفاصيل حياتهم الشخصية، هي قضية ليست من مسؤولية الحكومة. فإذا وافقنا اليوم على فكرة أن تتحكم حكومة حماس الإسلامية بأشكالنا، وتسريحاتنا، وطبيعة الملابس التي نرتديها، فكيف سيكون الحال لو جاءت غدا حكومة علمانية وقررت أن تخلع النساء الحجاب، فهل ستقوم الشرطة باعتقال النساء في الشوارع ؟".

وطالب مركز الميزان حكومة إسماعيل هنية، "باتخاذ التدابير الفورية لوقف الحملة غير المعلنة التي تنفذها الشرطة في غزة، والتي تنتهك القانون، وأبسط معايير حقوق الإنسان"، كما طالب "بالتحقيق في الحوادث التي أوردها البيان، والعمل على محاسبة كل من يثبت تورطهم فيها".

شهدي الكاشف

المصدر: BBC

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...