حول الحكم بحظر جماعة الإخوان بمصر

24-09-2013

حول الحكم بحظر جماعة الإخوان بمصر

 

تتوالى الضربات المعنوية التي يسددها العهد الجديد في مصر ضد نظام «الإخوان المسلمين»، فبالأمس، قضت محكمة مصرية بـ«حظر أنشطة تنظيم الإخوان المسلمين والتحفظ على أموالها العقارية والسائلة والأموال والمنقولات والعقارات التابعة للأشخاص المنتمين إليها، وتشكيل لجنة مستقلة من مجلس الوزراء لإدارة الأموال المتحفظ عليها»، وهو ما يذكر بالقرار الذي صدر بحق الجماعة قبل نحو ستة عقود أيام الرئيس جمال عبد الناصر.
ويمتد الحكم الصادر عن محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بحظر التنظيم إلى «حظر أنشطة الجماعة و«جمعية الإخوان المسلمين» وأي مؤسسة متفرعة منها، أو تتبعها، أوتنشأ بأموالها، أو تتلقى منها دعمًا، والجمعيات التي تتلقى التبرعات ويكون من بين أعضائها أحد أعضاء الجماعة أوالجمعية أو التنظيم».
وأرجعت المحكمة حكمها إلى أن «جماعة الإخوان التي أنشأها حسن البنا سنة 1928، اتخذت من الإسلام ستاراً لها، وأهدرت دماء المواطنين، وعندما وصلت إلى الحكم افتقد المواطن إلى أبسط حقوقه، وساءت أحواله، ولم ينل إلا التنكيل والاستعلاء».
وأضافت المحكمة في حيثيات الحكم إن «الشعب احتمى بقواته المسلحة سيف ودرع الوطن الذي لا ينفصل عن شعبه في مواجهة النظام الظالم، والأزهر الشريف هو منارة العلم ومنبر الوسطية، وعليه أن يستمر في خطابه الدعوي المعتدل، وأن يطور خطابه الديني درءاً للفكر المتطرف الذي ينتهج العنف حتى ينتشر الإسلام السمح».
«الحكم تاريخي» يقول محمود عبدالله، عضو لجنة الحريات في «حزب التجمع» اليساري، وصاحب دعوى الحظر القضائية، مضيفًا إن «الحكم يؤكد نزاهة القضاء المصري وحرصه على درء الضرر عن الشعب من قبل الجماعات المتأسلمة التى تنتهج العنف».
ويشدد عبدالله، في حديثه إلى «السفير»، على «ضرورة أن تبادر رئاسة الجمهورية إلى تشكيل لجنة مستقلة تابعة لرئاسة مجلس الوزراء، تكون مهمتها إدارة الممتلكات العقارية والمنقولة التابعة لجماعة الإخوان المسلمين لحين صدور حكم موضوعي من محكمة القضاء الإداري بحظر الجماعة نهائيا».
وفي أول تعليق رسمي لـ«الإخوان» على الحكم، قال القيادي في الجماعة محمود بشر، في تصريح نشره موقع «الحرية والعدالة» على شبكة الإنترنت، القرار الصادر عن محكمة القضاء المستعجل «لن يؤثر على طريق المصالحة والسعي نحو إيجاد طريق سياسي لحل الأزمة في مصر»، معتبراً أن «الحكم يؤكد أننا لسنا في دولة دستور ولا قانون، وأنه سياسي بامتياز، ويفتقد المشروعية».
«القرار لن يلغي الجماعة على أرض الواقع»، كان أسرع تعليق جاء عقب صدور الحكم بدقائق من الدكتور إبراهيم منير، أمين التنظيم الدولي لجماعة «الإخوان المسلمين» عبر قناة «الجزيرة مباشر – مصر»، قائلاً إن «القرار سياسي في شكل حكم قضائي، لكن الجماعة قائمة على أرض مصر بأمر الله، ولن يستطيع عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع والإنتاج الحربي، والإعلام والقضاء، والفاشيون إزالتها».
أما المستشار المستقيل للرئيس المعزول سيف عبد الفتاح، فقال إن «وجود الإخوان تاريخي، ولا يمكن إطلاقًا أن يمسح هكذا بجرة حكم». وأضاف أستاذ العلوم السياسية في جامعة القاهرة والمقرب من جماعة «الإخوان»: «هؤلاء الإنقلابيون يكرهون الإخوان ويريدون استئصالهم، ولكن محبة الإخوان وكراهيتهم ليستا مؤشراً على وجودهم أو عدم وجودهم. وللأسف الشديد، فإنّ المنظومة الانقلابية قررت أن تقوم بشكل استئصالي لجماعة الإخوان وكل اتباعها بل وللتيار الإسلامي».
«الحكم له ميل سياسي ولا ينسحب على مقرات وأصول حزب الحرية والعدالة، ذراع الجماعة السياسي، كما يمكن الطعن بالحكم خلال 15 يوما لأنه صادر من قضاء غير مختص (محكمة الأمور المستعجلة). لكن الطعن لن يوقف أعمال المصادرة وسيتم تنفيذها»، هذا ملخص للموقف القانوني المترتب على الحكم بحسب عبد الله خليل، المحامي في النقض والخبير المستقل في القانون الدولي وحقوق الإنسان. وقال خليل: «لا يجب أن نكرر أخطاء الماضي، حينما استغلت الدولة أحكام فرض الحراسة على النقابات المهنية في التسعينيات من القرن المنصرم. علينا السعي ليس لتحقيق الوجه السياسي للحكم، وإنما لتحقيق العدالة وتنفيذ سيادة القانون على مكونات المجتمع».
ويشرح خليل لـ«السفير» ان «الحكم الصادر قابل للطعن به أمام محكمة الاستئناف. وطبقا للمادة 22 من قانون الاحزاب السياسية رقم 40 لسنة 1977، فإن المحكمة الجنائية المختصة تنظر في أمر أي حزب أو هيئة دينية متورطة في جرائم جنائية، ولذلك فإن الحكم صادر من قضاء غير مختص وكان يجب أن تعرض النيابة العامة القضية على محكمة الجنايات لا على محكمة الأمور المستعجلة، لتصدر «الجنايات» أمراً وقتياً بالتحفظ على الأموال، أو حظر نشاط الجماعة إلى حين صدور حكم قضائي نهائي في التهم الجنائية الموجهة لقيادات الإخوان، وهذا هو المسلك القانوني الوحيد لإصدار مثل هذا الحكم وليس محكمة الأمور المستعجلة».
وعن التصرف حيال الحكم، يقول خليل: «للجماعة الحق في الطعن خلال 15 يوماً من إصدار الحكم، لكن خلال هذه الفترة سيقوم المُحضر (الشخص المكلف من وزارة العدل) بتنفيذ المصادرة. ولأن أصول الجماعة ممتدة في محافظات الجمهورية، لا بد من استئذان رئيس المحكمة صاحبة الحكم ووزير العدل».
وعن تأثير هذا الحكم في الحظر ومصادرة الأموال، يقول الباحث في «مركز النيل للدراسات» أحمد بان، وهو أحد المنشقين عن الجماعة عقب «ثورة 25 يناير»: «تاريخيا جماعة الإخوان وعلى مدار أكثر من 80 عاماً لم تعمل بشكل علني سوى أقل من 25 عاماً، حتى انها اعتبرت أن العمل السري هو الشكل الطبيعي للعمل، بخلاف انه يناسب تصورهم بوجود مؤامرة باعتبارهم يجسدون الإسلام، ولذلك لا أتصور أن يؤثر الحكم في شكل سلبي على بنية الجماعة، عدا تقوية التيار القطبي المتشدد داخلها».
ويعتقد بان أن الجماعة لا تزال قادرة على التواصل مع أعضائها برغم غياب مكتب الارشاد الذي سيحل محله أعضاء مجلس شورى الجماعة، وفي حال غياب المكاتب الادارية للمحافظات بسبب السجن أو القتل، فإن مجالس شورى المحافظات ستقوم بالتواصل. ويضيف: «أعتقد أن الدولة غير قادرة على شن حملات واسعة على غرار الحملات الكبرى في عهد جمال عبد الناصر».
ويأتي حكم الأمس من محكمة القاهرة للأمور المستعجلة ليعيد التذكير بقرار مجلس قيادة الثورة بتاريخ 8 شباط العام 1955 بشأن مصادرة أموال الجماعة، وذلك عقب شهرين من حكم حلها في 5 من كانون الأول العام 1954. وجاء في هذا القرار، الذي يمكن الاطلاع على نسخة منه عبر الموقع الالكتروني لـ«السفير»، انه «بعد الاطلاع على الإعلان الدستوري الصادر في 10 شباط سنة 1953، وعلى الأمر الصادر من مجلس قيادة الثورة بتاريخ 5/12/ 1954 بحل جماعة الإخوان المسلمين، قرر: مادة وحيدة - تحل وتصفّى الشركات المبينّة بالجدول المرافق وكذا جميع فروعها، كما يحظر إعادة إنشائها بأي صورة كانت. ويعين بقرار من وزير الداخلية مندوب خاص لمراقبة أعمال التصفية».
وتنوّعت الشركات التي ضمها قرار مجلس قيادة الثورة بين شركات للتجارة في الأقمشة والأدوات المنزلية والتوكيلات التجارية والنقل وتعاونيات البناء والأدوات الكهربائية. كما توزعت مقارها بين محافظات القاهرة والإسكندرية والغربية والسويس والإسماعيلية وبورسعيد.

سيد تركي: السفير

  

 

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...