انعقاد المؤتمر السادس لحركة فتح: الأسباب والغايات

04-08-2009

انعقاد المؤتمر السادس لحركة فتح: الأسباب والغايات

الجمل: بدأت صباح اليوم 4 آب 2009 في مدينة بيت لحم الفلسطينية فعاليات المؤتمر السادس لحركة «فتح»، وقد شهدت الجلسة الافتتاحية التي انعقدت صباح اليوم خطاباً مطولاً ألقاه أمام المؤتمرين الرئيس الفلسطيني وزعيم حركة «فتح» محمود عباس الذي حاول من خلال خطابه استعراض مسيرة الحركة والنضال الفلسطيني إضافة إلى توضيح خلفيات الخلافات الفلسطينية – الفلسطينية وعلى وجه الخصوص خلافات فتح – حماس.
* حركة فتح في مواجهة المنعطف الحرج:
شهد انعقاد مؤتمر حركة فتح السادس اهتماماً واسعاً بسبب العديد من القضايا والملفات الشرق أوسطية إضافة إلى تزايد ضغوط الأزمة الفلسطينية الداخلية والخارجية وحالياً توجد العديد من الآراء والتحليلات التي سعت إلى الكشف عن خلفيات هذا المؤتمر:
• النظرية التفسيرية الأولى: وتقول أن حركة فتح أصبحت تعاني من مشاكل داخلية عصية بين الأجيال الصاعدة الجديدة وجيل الحرس القديم وتفادياً لحدوث أي انقسام على خطوط صراع الأجيال فإن هدف انعقاد المؤتمر هو إتاحة الفرصة للأجيال الصاعدة لكي تعبر عن طموحاتها داخل الحركة إضافة إلى تصعيد بعض هذه العناصر بما يعطي قيادة الحركة قدرة أكبر على تعزيز المشاركة في صنع واتخاذ القرار.
• النظرية التفسيرية الثانية: وتقول أن حركة فتح الحالية أصبحت عملياً بلا مصداقية فقد انهزمت في الانتخابات التشريعية السابقة أمام حركة حماس إضافة إلى أن قيادة هذه الحركة تصر على الاستمرار في السيطرة على السلطة الفلسطينية برغم انتهاء فترة شرعية ولاية الرئيس محمود عباس وبالتالي فإن هذا المؤتمر يهدف إلى تعزيز شرعية قيادة الحركة بما يعزز شرعية استمرار سيطرتها على مؤسسات السلطة الفلسطينية.
• النظرية التفسيرية الثالثة: وتقول أن حركة فتح سعت طويلاً للقضاء على صعود حركة حماس وبسبب فشل الوسائل العسكرية والأمنية والدبلوماسية والدعم الخارجي في إضعاف حماس وإعادة فتح إلى المقدمة فقد قررت قيادة فتح عقد مؤتمرها السادس من أجل تعزيز تماسكها الداخلي ثم بعد ذلك السعي للمواجهة مع حركة حماس عبر الوسائل السياسية الفلسطينية التي سيكون أبرزها خوض الانتخابات الرئاسية والتشريعية من أجل هزيمة حماس في صناديق الاقتراع باعتبارها الوسيلة الوحيدة الناجعة لإقصاء حماس سياسياً عن المسرح الفلسطيني.
• النظرية التفسيرية الرابعة: وتقول أن حركة فتح وجدت نفسها بعد العملية العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة وتعثر رهانات مشروع أوسلو بعد صعود حكومة تحالف الليكود – إسرائيل بيتنا الإسرائيلية الجديدة إضافة إلى صعود قوة حركة حماس وفشل المصالحة الفلسطينية – الفلسطينية إضافة إلى الإخفاقات الأخرى فقد أدت مجتمعة إلى إفقاد حركة فتح لمصداقيتها ليس أمام الفلسطينيين وحسب، بل وأمام الرأي العام العربي والعالمي كذلك، وبالتالي فإن المؤتمر الحالي يسعى إلى إضفاء بعض القوة على الحركة، بما يتيح لها الاستمرار في تعزيز روابطها الخارجية وتشديد قبضتها على الدبلوماسية الفلسطينية خاصة بعد أن بدأت بعض الدوائر الأمريكية والأوروبية تقول أن من الضروري التفاهم والتعامل مع حماس طالما أن حركة فتح لم تعد قادرة على فرض سيطرتها على الساحة الفلسطينية.
• النظرية التفسيرية الخامسة: وتقول أن الخلافات داخل فتح خلقت انطباعاً عاماً أن أحد أسباب ضعف الحركة هو تآكل محتوى برنامجها واستنفاد صيغته لأغراضها وبالتالي فإن وضع برنامج جديد يحدد بوضوح الخط السياسي لحركة فتح هو المخرج الرئيس من مأزق الخلافات الداخلية وبالتالي يجيء هذا المؤتمر لإضفاء الشرعية على توجهات قيادة حركة فتح بعد إدماجها في البرنامج الجديد.
برغم تعدد النظريات التفسيرية فإن ما هو واضح يتمثل في أن حركة فتح أصبحت أكثر ضعفاً وانعزالاً عن التطورات السياسية الجارية في المنطقة إضافة إلى أن انخفاض دعم الرأي العام الفلسطيني للحركة وعدم حيوية قيادتها الحالية دفعت جميعها إلى انعقاد المؤتمر.
* جدول أعمال حركة فتح الجديد: إلى أين؟
من الواضح أن مؤتمر حركة فتح السادس المنعقد حالياً سيقوم بإنجاز الآتي:
• إجازة برنامج الحركة الجديد.
• انتخاب قيادة الحركة.
وتشير التوقعات إلى أن مؤتمر حركة فتح السادس الحالي سوف لن يفضي إلى شيء جديد ومن أبرز المؤشرات الدالة على ذلك نجد:
• برنامج الحركة: سيتم إقرار برنامج جديد للحركة، ولكنه سيكون هو نفس البرنامج القديم السابق مع اختلاف العبارات والكلمات فالحركة لن تتخلى عن مسيرة أوسلو وبالتالي فإن مسار المفاوضات الفلسطينية – الإسرائيلية سيكون هو خيار الحركة الوحيد في التعامل مع العدو الإسرائيلي.
• قيادة الحركة: سيتم انتخاب الشخصيات التقليدية ذاتها مع احتمالات تصعيد بعض عناصر الصف الثاني ذات الطبيعة التوافقية مع توجهات القيادات التقليدية.
أما بالنسبة للهياكل التنظيمية الخاصة بفتح فمن الصعب القول أن المؤتمر سيسعى إلى تجديدها أو استبدالها بهياكل تنظيمية جديدة، خاصة أن الإبقاء على هذه الهياكل ضمن وضعها السابق هو أمر سيتيح للقيادات التقليدية الحفاظ على صيغة توازن القوى داخل الحركة بنفس ما كانت عليه في المرحلة السابقة.
عموماً، نستطيع بكل سهولة أن نتوصل إلى أن صيغة توازن القوى بين مؤتمر الحركة (باعتباره يمثل السلطة العليا) وقيادة الحركة التقليدية باعتبارها تمثل السلطة التنفيذية هو توازن قد تآكلت صيغته وتعرضت بنوده للانحراف بسبب التجاوزات ونجاح قيادة الحركة خلال الفترة الماضية لجهة القيام بجعل القيادة تمثل السلطة العليا ومؤتمر الحركة يمثل السلطة الدنيا، والآن وعلى خلفية التطورات والوقائع الجارية يمكن أن نتوقع أن يؤدي المؤتمر السادس إلى تخويل المزيد من السلطات والصلاحيات لقيادة الحركة وزعيمها محمود عباس بما يقضي نهائياً على أي مشروعية للخلافات وتعدد وجهات النظر داخل الحركة وعلى ما يبدو فإن الطبيعة التنظيمية "الفضفاضة" و"السائلة" التي ظل يتميز بها تنظيم حركة فتح إضافة إلى نفوذ وكاريزمية القيادة هما أمران ظلا يلازمان مسيرة فتح منذ أيام الرئيس ياسر عرفات وبالتالي لا يمكن مطلقاً الافتراض أن مؤتمر الحركة سيحقق النجاح ويوفر المخرج من أزمة الحركة، طالما أنه لن يستطيع القضاء على داء سيولة القوام التنظيمي وداء النفوذ الكاريزمي وهما الداءان اللذان ظلا يشكلان أبرز مقومات مشاهد الفساد المالي والتنظيمي والسياسي التي لم تضر بفتح وحسب وإنما بمسيرة النضال الفلسطيني والكفاح التحرري الفلسطيني.

 

الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...