المحكمة الدولية تبحث إمكان النظر في الجرائم الإسرائيلية

03-02-2009

المحكمة الدولية تبحث إمكان النظر في الجرائم الإسرائيلية

تكاد إسرائيل هذه الأيام لا تعرف نفسها من فرط ما تجابهه من اتهامات بارتكاب جرائم حرب، خلال عدوانها على غزة. والأهم أن الكثيرين من مسؤوليها السياسيين والعسكريين صاروا عرضة للاتهام والاعتقال في العديد من دول العالم. ولا يقل أهمية عن ذلك أن قانونيين عالميين، بعضهم يعمل في المحكمة الجنائية الدولية، يعتقدون بأن عدم توقيع إسرائيل على اتفاقية روما لا يعفيها من المحاكمة بتهمة ارتكاب جرائم حرب أمام هذه المحكمة.
وقد أشارت صحيفة »التايمز« اللندنية إلى أن المحكمة الجنائية الدولية تبحث في سبل ضمان عدم إفلات القادة الإسرائيليين من العقاب على جرائم الحرب التي ارتكبوها في غزة. وبين هذه الجرائم استخدام الفوسفور الأبيض في مناطق سكنية مكتظة، وهو ما اضطرت إسرائيل للإقرار به بعد طول إنكار.
ولكن الصحيفة أشارت إلى أن الرفض الذي جوبهت به طلبات منظمات حقوق إنسان فلسطينية ودولية لمحاكمة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية بذريعة عدم توقيع إسرائيل على المعاهدة ليس نهائياً. فالمدعي العام في المحكمة في لاهاي لويس مورينو أوكامبو أبلغ الصحيفة أنه يفحص الأمر من وجهة الصلاحية القضائية الفلسطينية، حيث نفذت هذه الجرائم.
فقد اعتبرت منظمات حقوق الإنسان أن السلطة الفلسطينية هي دولة الأمر الواقع، وإن لم تكن كذلك قانونياً. وقال أوكامبو إن »الدولة الإقليمية هي التي ينبغي أن تلتمس لدى المحكمة. وهم يحاججون بأن السلطة الفلسطينية، عملياً دولة«. وتضيف المنظمات الفلسطينية المدعية أن إسرائيل تعلن بأنها غير مسؤولة قانونياً عن غزة، وفق القانون الدولي بعد انسحابها عام .٢٠٠٥ ولذلك فإن أوكامبو يرى أن »الوضع معقد. أنا أحاول تحليل الأمور بصورة مختلفة. الأمر قد يستغرق وقتاً، لكني سأتخذ القرار في إطار القانون«.
وفي هذه الأثناء، تستعد إسرائيل لمواجهة قانونية في اسبانيا ضد سبعة من قادتها، أعلنت محكمة إسبانية قبولها الدعوى ضدهم بارتكاب جرائم حرب. وتجري النيابة العامة الإسرائيلية مداولات لصياغة الرد الإسرائيلي باسم المتهمين السبعة، بينهم وزيران في حكومة ايهود أولمرت واثنان من رؤساء الأركان السابقين. وتأمل إسرائيل أن يوقف الرد القانوني، الذي تعده، الأضرار التي أصابت العلاقات الأسبانية الإسرائيلية جراء هذه المحاكمة. ويصاغ الرد الإسرائيلي بالتعاون مع ممثلين عن المتهمين السبعة الذين يجرون مداولات مكثفة في ما بينهم حول الموضوع الذي يعيق تحركاتهم وتنقلاتهم ويهدد باعتقالهم في حال مغادرة إسرائيل. وتتنافى المداولات الجارية في إسرائيل بشأن الرد، مع الإدعاء الذي أطلقته الخارجية الإسرائيلية حول نجاحها في إقناع إسبانيا بتعديل قوانينينها وبالتالي إلغاء الدعوى. ومع ذلك فإن الخارجية الإسرائيلية تأمل عبر التعاون مع القضاء الأسباني من جهة، والضغط السياسي من جهة أخرى، أن تحل هذه المشكلة. وهكذا فإن وزارة العدل الإسرائيلية أرسلت الكثير من الوثائق والمواد إلى المحكمة الإسبانية على أمل أن تقرر وقف المحاكمة.
وقد أشار الكاتب اليساري جدعون ليفي إلى صمت رجال القانون في إسرائيل عن جرائم الحرب التي ارتكبت في قطاع غزة. وكتب أمس في »هآرتس«، »هناك صمت واحد من بين كل انواع الصمت المخجلة. حتى الآن يدوي بصورة خاصة ـ صمت رجال القانون. يوجد في اسرائيل ٤١ الف محامٍ، مؤتمنين على الحفاظ على صورتها كدولة قانون، وهذا الجيش الكبير الضخم يخون مهمته ويفشل فيها مرة اخرى. هناك في العالم شكوك قوية بأن اسرائيل قد نفذت سلسلة جرائم الحرب، ومع ذلك يملأ رجال القانون في إسرائيل افواههم ماءً ويصمتون صمت القبور«.
وأشار إلى أن »مجموعة واحدة فقط من رجال القانون تتناول قضية الحرب الآن: العاملون في قسم القانون الدولي في الجيش الإسرائيلي، الذين يواصلون الخدمة بانصياع اعمى لمن وظفهم، ويقومون بإباحة كل مخالفة وجناية. هم قرروا مثلا ان القصف الإجرامي لحفل تخريج عناصر الشرطة، أمر سليم بالنسبة للقانون الدولي. وقرروا ايضاً ان رفع سماعة الهاتف لمكالمة الاشخاص الذين سيتم هدم منازلهم يكفي لإباحة هذه العقوبة الجماعية القاسية والتي تعتبر هي الأخرى جريمة حرب«.
وأضاف »تنوي الآن قائدتهم العميد احتياط بنينا شربيت ـ باروخ، الانضمام الى طاقم المحاضرين في كلية القانون في جامعة تل أبيب«، حيث ستدرّس الطلاب هناك »فنون قانون الخداع الذي يبيح القتل الجماعي جداً«، كما قال المختص القانوني البروفيسور حاييم غناز، مضيفاً »هي ستقول ذلك للطلاب الذين سيغتبطون عندما يسمعون منها ان ايادي اسرائيل الملطخة، نظيفة ولا تشوبها شائبة. الامر لا يتعلق بآراء هذه الخبيرة القانونية التي تحمل رتبة جنرال، كما يدّعي رؤساء الكلية بصورة مضللة، وإنما بأعمالها ـ هناك خشية من أن تكون شريكة في تنفيذ جرائم حرب ولذلك من الواجب استبعادها عن سلك التعليم. ضمها للكلية سيكون بمثابة حقنة تحفيزية لمؤيدي المقاطعة الأكاديمية المفروضة على اسرائيل. تلاميذها المسـقبليون سـيستمرون في التتـلمذ على ركبـتي تقاليد الصمت والإباحة غير المجيدة: خبراء القانون في اسـرائيل جاهـزون دائـماً للصمت او لإباحة كل خطوة عسكرية. جهـاز القانون هنا مجند ومطوع أو إن اردنا التدقيق فهو متطوع وشريك في هذا العمل الفاسد«.
في هذه الأثناء، تعكف الأمم المتحدة على إجراء تحقيق في القصف الإسرائيلي الذي استهدف مدرسة تابعة للمنظمة في جباليا، شمال قطاع غزة، حيث استُشهد ٤٣ فلسطينياً احتموا بالمدرسة، خلال العدوان الأخير على القطاع.

حلمي موسى

المصدر: السفير

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...