المحاولة الانقلابية الجديدة ومستقبل الحكم في تركيا

25-02-2010

المحاولة الانقلابية الجديدة ومستقبل الحكم في تركيا

الجمل: تزايدت التوترات في الساحة السياسية التركية, وذلك على خلفية الاتهامات المتبادلة بين الحكومة التركية, وقيادة الجيش التركي, بسبب اكتشاف محاولة انقلابية تبين أن بعض كبار قادة الجيش التركي متورطين فيها جنبا إلى جنب مع بعض القادة العسكريين المتقاعدين: فما هي المحاولة الانقلابية وما هي علاقتها بمفاعيل الصراع الدائر حاليا حول واقع ومستقبل السلطة والحكم في الدولة التركية الراهنة؟
الحراك العسكري السري: ملف عملية "المطرقة"؟
تقول المعلومات بأن أجهزة الأمن التركية قد نجحت في وضع يدها على واحد من أخطر ملفات الحراك العسكري السري في تركيا, وذلك من خلال الكشف عن ملف عملية انقلابية سرية تحمل الاسم الكودي "المطرقة", وأضافت المعلومات, بأن أجهزة الأمن التركية قد قامت يوم الاثنين 22 شباط (فبراير) 2010م, بحملة مداهمة واسعة النطاق, أسفرت عن اعتقال العناصر الآتية:أردوغان
60 من كبار الضباط في البحرية التركية برتبة الأدميرال.
1 من كبار الضباط في القوات البرية التركية برتبة الأدميرال.
6 من كبار الضباط في صنوف الأسلحة الأخرى, برتبة الجنرال.
50 من الضباط في مختلف صنوف الأسلحة, برتبة العقيد والمقدم.
هذا, وتقول المعلومات, بأنه تم أيضا اعتقال قائد القوات البرية التركية السابق, وقائد القوات البحرية السابق, إضافة إلى قائد القوات الخاصة التركية السابق.
لم تصدر أي معلومات رسمية عن تفاصيل عملية "المطرقة", وتقول التحليلات التركية, بان التوقعات تشير إلى أن هذا العدد الذي تم اعتقاله, يمثل ما هو ظاهر من جيل الجليد, وبالتالي, فإن التحقيقات والتحريات الجارية يتوقع لها أن تستغرق وقتا أطول, وأن تكشف عن تورط العديد من جنرالات وكبار ضباط الجيش التركي.
التوترات السياسية-العسكرية التركية الجارية:
أشارت التقارير إلى أن علاقات المؤسسة العسكرية التركية-المؤسسة السياسية التركية قد دخلت في حالة توتر غير مسبوقة, وعلى وجه الخصوص بين هيئة أركان الجيش التركي التي يقودها الجنرال إلكير باشبوق, ومجلس الوزراء التركي الذي يقوده الزعيم رجب طيب أردوغان, وأضافت التقارير والتسريبات بأن أبرز خطوط ومعالم التوتر العسكري-السياسي التركي الحالي تتمثل في الآتي:
• تزايد الغضب والسخط في أوساط المؤسسة العسكرية التركية, وذلك لأن اعتقالات كبار الضباط من أدميرالات وجنرالات وقادة سابقين قد تمت بواسطة عناصر الشرطة التركية, وليس بواسطة عناصر الشرطة العسكرية التركية, الأمر الذي اعتبره العسكريون تجاوزا وتخطيا يصل إلى حد الإهانة للتقاليد العسكرية.
• تزايد تحفظات المؤسسة العسكرية التركية على القيام بالمزيد من اعتقالات جنرالات وضباط وعناصر المؤسسة خلال الفترة القادمة على يد الأجهزة الشرطية والأمنية التركية.باشبوق
• تزيد مطالبة المؤسسة العسكرية التركية بضرورة تحويل ملف التحقيقات الجارية مع المتهمين في عملية "المطرقة" وأيضا عملية شبكة "أرغيناكون" السابقة, باعتبارها تندرج ضمن شؤون ومهام المؤسسة العسكرية التركية.
• تزايد تحفظات المؤسسة العسكرية التركية, إزاء أن تداعيات إجراء مهام اعتقال جنرالات وضباط وعناصر المؤسسة بواسطة الأجهزة الشرطية والأمنية التركية الأخرى, سوف يترتب عليه إفشاء أسرار المؤسسة العسكرية التركية, بما يؤدي إلى الإضرار بمكانة وأهمية ودور المؤسسة العسكرية التركية.
هذا, وتقول المعلومات والتسريبات, بأن رئيس هيئة الأركان التركي, الجنرال الكير باشبوق, سوف يحمل الرئيس عبد الله غول, باعتباره القائد الأعلى, ورئيس الوزراء رجب أردوغان, مسئولية التعامل بجدية مع ملف اعتقال العسكريين الأتراك, وذلك على أساس اعتبارات أن ذلك سوف يلحق ضررا أكبر بتماسك المؤسسة العسكرية وولاءها للنظام الجمهوري التركي, وذلك بما يمكن أن يحفز إلى حدوث مواجهة بين المؤسسة السياسية التركية الحالية والمؤسسة العسكرية التي ما تزال تتمسك بدورها الدستوري كحامي للجمهورية ومبادئ علمانية الدولة التركية.
الصراع المدني-العسكري التركي: سيناريو المواجهة المحتملة
يقوم النظام الجمهوري التركي الحالي, على أساس مجموعة من التوازنات الرئيسية والفرعية, وذلك على أساس الاعتبارات الآتية:
• توازن العلاقات المدنية-العسكرية التركية, على أساس اعتبارات أن تتمتع المؤسسة العسكرية بالاستقلالية الكاملة, إضافة إلى القيام بدور الحامي للدستور التركي, وحماية مبادئ علمانية الدولة, بحيث متى ما أدركت المؤسسة العسكرية وجود مخاطر تهدد الدستور أو مبادئ علمانية الدولة, يكون من حقها التدخل المباشر ودون إذن من أحد لجهة  إجراء التصحيحات اللازمة.
• توازن العلاقات المدنية-المدنية على أساس اعتبارات الفصل بين السلطة التشريعية (البرلمان التركي)-السلطة القضائية (المدعي العام-المحكمة الدستورية العليا)-السلطة التنفيذية (مجلس الوزراء التركي).
وإضافة لهذه التوازنات الرئيسية, توجد المزيد من التوازنات الأخرى, فهناك على سبيل المثال لا الحصر, العديد من المؤسسات التي تربط بين هذه المكونات المنفصلة, فمجلس الأمن القومي التركي, يضم الأجهزة المدنية, جنبا إلى جنب مع الأجهزة العسكرية, ومهمة توحيد وجهة النظر المدنية-العسكرية إزاء المسائل والقضايا التي تتعلق بملفات الأمن القومي التركي.
تقول أبرز المعلومات والتقارير التركية الصادرة اليوم, بأن أجهزة الأمن التركية قد رصدت ملف عملية "المطرقة" وأطلعت السلطات المعنية في الحكومة التركية بالمعلومات, وتحديدا رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان, والذي تفادى تكليف هيئة الأركان التركية, وبدلا عن ذلك عمد إلى تكليف الشرطة التركية بتنفيذ عمليات الاعتقال والمداهمات, وأضافت التقارير والمعلومات, بأن الأسباب تتمثل في الآتي:
• شكوك رئيس مجلس الوزراء التركي رجب أردوغان, في احتمالات تورط بعض عناصر هيئة الأركان الحالية, وعناصر قيادات القوات التركية, خاصة وأن قائمة المتورطين في عملية "المطرقة" تتضمن أسماء العديد من الأدميرالات, والجنرالات, إضافة إلى كبار الضباط, وجميعهم مازالت تربطهم المزيد من العلاقات والروابط الوثيقة بكبار قادة المؤسسة العسكرية الحاليين.
• رغبة رئيس الوزراء التركي أردوغان في التمسك والتأكيد لمفوضية الاتحاد الأوروبي, بأن المؤسسة العسكرية التركية تخضع بالكامل لإرادة السلطة المدنية التركية, وذلك, على أساس اعتبارات أن وضع المؤسسة العسكرية التركية تحت الإدارة والإشراف المدني, هو مطلب تقدمت به المفوضية الأوروبية ضمن لائحة الشروط المطلوب من أنقرا القيام بتنفيذها بما يلبي شروط عضوية تركيا للاتحاد الأوروبي.
تشير معطيات خبرة السلوك العسكري-السياسي التركي إلى قيام المؤسسة العسكرية التتركياركية, بالعديد من الانقلابات العسكرية ضد الحكومة المدنية, وتمثلت هذه الانقلابات في الآتي:
1960: انقلاب رئيس الأركان التركي الجنرال كمال غورزيك, الذي أطاح بحكومة الرئيس سيلاربايار, ورئيس الوزراء عدنان مينديريس.
1970: انقلاب رئيس الأركان التركي الجنرال ممدوح تاغماز, الذي أطاح بحكومة سليمان ديميريل المنتخبة.
1980: انقلاب رئيس الأركان التركي الجنرال كنعان إيغيريل الذي أطاح بحكومة سليمان ديميريل المنتخبة.
وإضافة لذلك, فقد كاد أن يقوم رئيس الأركان التركي الجنرال إسماعيل حقي كراداي بانقلاب في العام 1997م, عندما تقدمت هيئة الأركان بمذكرة شديدة اللهجة للحكومة التركية, ولكن استجابة الحكومة التركية لمطالب المذكرة أدت إلى تخفيف مخاطر حدوث انقلاب.
حتى الآن لا توجد مؤشرات تفيد لاحتمالات قيام هيئة الأركان التركية الحالية بتنفيذ أي انقلاب عسكري, والسبب الرئيسي يتمثل في أن حدوث أي انقلاب سوف يؤدي إلى مواجهة مدنية-عسكرية, يمكن أن تدخل تركيا في نفق العصيانات المدنية أو الحروب الأهلية, وذلك لأن الجميع في تركيا يرغب في إكمال مسيرة الانضمام للاتحاد الأوروبي, وهي المسيرة التي سوف تتحطم بشكل مباشر, إذا حدث وتقدمت دبابات الجيش التركي واستولت على السلطة, ولكن, من المحتمل أن تتقدم هيئة أركان الجيش التركي بمذكرة ساخنة للحكومة التركية, بما يؤدي على الأغلب إلى حدوث صفقة مدنية-عسكرية تركية داخل مجلس الأمن القومي التركي, ولكن مهما كانت التنازلات, فإن حكومة أردوغان لن تستطيع التنازل عن مبدأ إخضاع المؤسسة العسكرية للسلطات المدنية, طالما أنه مطلب يتعلق بملف عضوية الاتحاد الأوروبي.
 


الجمل: قسم الدراسات والترجمة

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...