المتزوجون مدنيا قلقون من تصاعد شعبية الوهابيين في سورية

27-11-2011

المتزوجون مدنيا قلقون من تصاعد شعبية الوهابيين في سورية

نزيه .ع شاب سوري مسلم سافر إلى لبنان للعمل عند أحد الأقارب وكانت نوال من بنات الطائفة المسيحية تعمل في نفس الشركة التي يعمل بها، أعجب بها وأحبها واتفقا على الزواج رغم معارضة الأهل الشديدة ورفضهما القاطع لهذه الفكرة، لذلك قررا السفر الى استراليا للعمل هناك والزواج، ومع مرور ست سنوات تحسنت العلاقات مع الأهل فعزما على العودة والعيش في سورية .
الزواج المدني ...موضوع مثير للجدل ... مامدى قبول مجتمعنا لهذه الفكرة؟ وما هي شروطه ؟ وهل يمكن أن يصبح قانون الأحوال الشخصية السوري قائماً على القانون المدني بعيداً عن الأحكام الدينية كجزء من العلمانية ..؟؟
ينظر الى الزواج المدني على أنه مؤسسة اجتماعية من نتاج القانون الوضعي وهو محض مدني يحصل أمام السلطة العامة في شكل رسمي احتفالي، ولايمكن إجراؤه في سورية ولا تقبله محاكمها إلا بتدخل أحد موظفي الأحوال الشخصية ليس فقط لتنظيم وثيقة بحصوله بل لتأكيد شكله أيضاً، (احتيال على القانون في الغالب بتوثيق الزواج دينيا) وتغلب على الزواج المدني الصفة التعاقدية من حيث اجتماع إرادتي الأشخاص الراغبين يبعضهما .
تقول ميرفت الابنة الكبرى لنزيه والبالغة من العمر 19 عاماً والمتزوجة من شاب مسلم منذ 5 أشهر "تعرفت على زوجي أحمد عن طريق صديق إضافة لدور المصادفة في التعرف والزواج، وقد حدثت تغيرات جوهرية في حياتي بعد الزواج خاصة على الصعيد الديني فأحمد ملتزم دينياً وكان له أثر كبير على تشجيعي ارتداء الحجاب، والاستماع للجالس الدينية مع أن أبي وأمي أعطونا الحرية التامة في الحياة حتى كان الدين آخر الأمور الحياتية التي نفكر فيها وعموماً أنا سعيدة اليوم أكثر لأني كنت ضائعة بين عواطف الأب والأم المختلفين في العقيدة.
أما مريم فقد عاشت الزواج المدني للمرة الأولى لدى زواج والدها المسلم وأمها المسيحية، وعاشت التجربة مرة ثانية بزواجها من شاب مسيحي، وكان بانتظارهما الرفض المجتمعي القائم على أسس اجتماعية وليست دينية كما تقول كل من مريم وزوجها فادي، ويقول فادي" المشاكل واجهتنا اجتماعياً من أسرتي ولم تكن تعلقاً دينياً، الأثر الديني يتعلق بأشخاص محدودين ومتزمتين دينياً عندما يناقشوا المسألة من مبدأ "شو بدويصير بالمحيطين، شو رح يحكوا العالم"؟ يضيف"لم يناقشوا الموضوع دينياً وانما تأثير زواجي على الحالة الاجتماعية"..
تقاطعه مريم" أسرة فادي غير متزمتة دينياً ولكنهم سألوا ماذا يمكن أن يقول الناس عن ابنهم، وحتى الآن آثار هذا الموضوع موجودة لدى أشخاص بأسرتي لا يتحدثوا معنا ولا يزورونا ،ولكن هذا متوقع وقمنا بحسابه مسبقاً".
من جانبها تقول ليال . ف المسيحية والتي أحبت أسعد المسلم وقررت زواجه رغم معارضة الأهل الشديدة تاركة ورائها أناسها " التقيت بأسعد وأعجبت به ومع مرور الوقت أحببته كما هو أحبني، وأنا أعتقد أن قرار الزواج ملك الشخص وحده، ولا علاقة للأهل فيه، وعما إذا كانت تواجه مشاكل فرأت ليال أنه لايوجد زواج دون مشاكل، لكن أصعب مافي الأمر البعد عن الأهل وخاصة الأم فقد حاولت الاتصال بهم لكنهم كانوا غاضبين، وفي النهاية يعود الفضل في مصالحة أهلي لبعض الأقارب الذين حاولوا جمع شملنا مرة أخرى، ومع هذه المصالحة أعتقد أنهم لمن ينسوا ما حصل لكني رغم ذلك ابنتهم ولن يتخلوا عني .
وعند سؤالنا ليال عن دين الأولاد تجيب : لدينا الآن 3 أولاد وأعتقد أن الأولاد من حق أسعد فهو انسان حساس ولم يحاول في يوم من الأيام أن يشعرني أنه من النوع الذي يحب التحكم، لذا أعتقد أن المشكلة ليست في الدين لكن في الأشخاص الذين يعتنقون الدين، واليوم مر على زواجي بأسعد 13 عاماً ولم أصل بعد الى مرحلة الندم، وحول رغبتها ممارسة أطفالها طقوسها الدينية تضيف( ليال ) عندما كانوا صغاراً كنت آخذهم إلى الكنيسة كل يوم أحد، أما اليوم لا يذهبون إلا في الأعياد .
أما محمود فيؤكد " الاتفاق كان قبل زواجي المدني من هويدا أن يتبع الأطفال الدين الإسلامي ومع ذلك فهم لا يمارسون الشعائر الدينية الإسلامية دائماً، وهويدا تصوم معنا في رمضان تشجيعاً للأطفال، فأنا لا أجبرهم على الصلاة تجنباً للمشاكل وعموماً فقناعتي تتلخص في أن الدين هو دين القلب والمعاملة وفعل الخير وعدم إيذاء الناس خصوصاً أنني لست من النوع المتعصب الى الدين، فكل الأديان السماوية تدعو لوحدانية الله .
بينما ريما المتزوجة زواج مدني فتبدي ندمها الشديد على هذه الخطوة التي لم تستمر أكثر من شهرين وانتهت بالطلاق ، وتقول : في وقتها كنت أبحث عن الحب ولم أكن أفكر في المستقبل ولو عادت بي الأيام الى الوراء لما كنت سأقدم على هذه الخطوة الجريئة .
ويوافق ريما الرأي حسان . أ الذي مر بنفس تجربة الزواج المدني من لينا ولم يوفق بها حسب قوله، حيث سارت الأمور بشكل طبيعي بعد الارتباط ثم بدأت المشاكل تتراكم وتتراكم كنتيجة طبيعية للاختلاف الديني الى أن انتهت بالطلاق بينهما .
ولكن ماذا عن رأي الدين وموقفه من الزواج المدني ...؟
يبين فضيلة الشيخ وجيه موعد موقف الدين الاسلامي من الزواج المدني قائلاً: " في الشرع الإسلامي يحرم على المرأة المسلمة أن تتزوج بغير المسلم لقوله تعالى " يأ أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات، فامتحنوهن الله أعلم بإيمانهم فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن " الممتحنة آية 10، فالآية نص صريح في منع تزوج المرأة المسلمة من غير المسلم باختيارها ولا دون اختيارها وأنها متى استباحت ذلك تصبح مرتدة، وأيضاً يترتب على الزواج المدني أن تصبح آثار الزواج كلها محكومة بالقانون الوضعي وليس بالشرع الإسلامي فالنفقة والحضانة والإرث وتحديد من يجوز التزاوج بينهما من الرجال والنساء، والطلاق والعدة من الطلاق وكيفية الطلاق وغير ذلك فإنه كله يرجع في تحديد ما يجوز منه وما لايجوز وفي كيفيته الى مايراه القانون الوضعي، فالاسلام يرفض بشكل كامل الزواج المدني .
بدوره يوضح الخوري إيليا فضول موقف الدين المسيحي من الزواج المدني بقوله : " يبدو في الزواج المسيحي الفارق الهائل بين عقد ديني يجري للرجل والمرأة بمعرفة الكاهن كممثل للسلطة الالهية وتنحدر فيه نعمة الروح القدس المنحدر من السماء جسداً واحداً، وبين الزواج المدني وماهو في حكم الزواج المدني، حتى لو حضر هذا الزواج رجل دين، طالما حضوره بمثابة شاهد، وأنه لايقوم بمراسيم دينية وطقوس وصلوات، وقد جاء في الوصية التي تتلى على العروسين في وقت الإكليل ( إنما خلقت المرأة من ضلع الرجل لتكون تحت حوزه وأمره وليكون هو أيضاً حنوناً عليها وشفوقاً بها ولايهملها ولا ترتفع هي أيضاً عليه بل ينبغي أن تكون مطيعة له وليكون كلاهما متفقين بالعقل والمحبة والرأي السديد ولاينفرد أحدهما برأي دون صاحبه.. فيجب عليكما أن يعرف بعضكما حق بعض ويخضع كل منكما لشريك حياته ). وطالما أن الزواج المسيحي سر مقدس ورباط إلهي جمع بين العروسين، الرجل والمرأة فصارا متحدين بجسد واحد بفعل نعمة الروح القدس التي تنسكب عليهما من صلوات الإكليل فإن هذه الرابطة المقدسة أبدية لاتقبل الانحلال والطلاق .
وحول مدى تقبل المجتمع السوري للزواج المدني فقد بين استطلاع للرأي قام به عربي برس أن 60% من أفراد العينة كانوا مؤيدين للزواج المدني، و54 % لا مانع لديهم من الارتباط بشخص مختلف عنهم بالعقيدة، بينما أكد 57% أن الزواج المدني ضرورة في مجتمع متعدد الأديان والطوائف مقابل انقسام الجمهور السوري مناصفة بين من يرى أن المجتمع السوري مازال غير قادر على تقبل فكرة الزواج المدني، ومن يخالفه . حيث جاءت النسب المؤيدة مساوية للمعارضة ( 50%) لكل منهما، ما يدل على أن المجتمع المحلي غير قادر على صنع رؤية واضحة وجازمة حتى الآن حول موضوع الزواج المدني .
وكانت الإناث أكثر تردداً في قبول فكرة الزواج المدني وبنسبة وصلت الى 65% ما يؤكد أن الإناث مازلن يضعن أمام أعينهن الأهل والمجتمع والعادات والتقاليد والخوف الأكبر من الفشل السريع الذي قد يجلبه هذا الزواج، أما حول العوامل الرئيسية في رفض فكرة الزواج المدني، فيعود الى الدين بنسبة (44%)، ثم المجتمع (30%)، فالعادات والتقاليد (26%)، وأخيراً رفض 64% من أفراد الاستطلاع البالغ عددهم (100)، زواج شقيقته أو أحد أقربائه من آخر مختلف عنها بالعقيدة، وهذا يظهر التناقض الحقيقي بين قبول الشخص لفكرة الزواج المدني وإقدامه عليها، وبين أن تكون إحدى شقيقاته حالة من حالاته .
ومن النتائج المهمة التي أكدها الاستطلاع أيضاً أن 62% يرفضون تعديل قانون الأحوال الشخصية ليتماشى مع مجتمع مدني علماني، لأن أفراد العينة يظنون أن الأنظمة الدينية تصون حقوقهم بشكل أفضل من الأنظمة العلمانية، بينما أكدت 53% أنه في المستقبل سيصبح الزواج المدني ضرورة وواقع أكثر، مايدل على أن المستقبل سيحمل الكثير من الانفتاح والتغيير .

ماريا ميلانة

المصدر:عربي برس

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...